مدير عام جبعات حبيبة برسالة للشركاء والأصدقاء في المجتمع العربي الفلسطيني
تاريخ النشر: 01/08/18 | 20:10الشركاء والشريكات الأعزاء،
في السنوات الست الأخير أعمل على قيادة جبعات حبيبة، مركز المجتمع المشترك، سوية مع رياض كبها، محمد دراوشة، سامر عثامنة وغيرهم، وهو العمل الذي اعتبره رسالة وليس مجرد وظيفة. بالنسبة لي، ولأولادي وأحفادي، ليس ثمة مستقبل في إسرائيل إن لم تكن مجتمعًا مشتركًا ومتساويًا لجميع مواطنيها. أنا يهودي ومؤمن بحق وضرورة البيت القومي للشعب اليهودي، ولكنني أعتقد أنه ليس ثمة قيمة لدولة غير ديمقراطية وعنصرية، ولست معنيًا بالعيش في مثل هذه الدولة. القيمة الأساسية التي أعيش وفقها هي المساواة. وأنا أدرك جيدًا التمييز العميق والبنيوي القائم في إسرائيل ضدكم، وأعمل جل قدرتي لتغيير ذلك وضمان المساواة التامة لمواطني إسرائيل العرب الفلسطينيين؛ المساواة التي لا تضمن الحقوق الفردية فقط، بل مساواة تضمن الحقوق الجماعية للأقلية القومية الأصلانية.
الحقيقة أنني لم أكن أتخيل بأن اللعبة السياسية الشعبوية لرئيس الحكومة وأحزاب الائتلاف سوف تفرض علينا قانون قومي عنصري الذي يغير صورة الوضع كليًا. وبناء على معلوماتي ليس ثمة دولة ديمقراطية في العالم مع مثل هذا القانون. لقد قررت كنيست إسرائيل التي صادقت على “قانون القومية” أنه ومنذ الآن، ووفق قانون أساس، كل من ليس يهوديًا فهو مواطن من الدرجة الثانية في دولة إسرائيل. يهدف هذا القانون إلى نقل رسالة واضحة للمواطنين العرب أولًا بأن دولة إسرائيل هي لليهود فقط الذين يعيشون هنا والذين لا يعيشون فيها. والرسالة ل-20% من مواطني الدولة، الأقلية العربية الأصلانية، فهي أن هذه البلاد ليست لكم، وأننا نحن الأغلبية اليهودية غير معنيين بحماية حقوقكم الفردية، ولا حقوقكم القومية الجماعية. وهذا القانون الذي يشكل مقدمة للدستور المستقبلي لا يتعامل مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة. هذه هي إسرائيل الجديدة كما تريدها أحزاب الائتلاف: دولة يهودية غير ديمقراطية تحتقر الأقلية القومية التي تعيش فيها.
سمعت بعض التعقيبات التي تقلل من أهمية هذا القانون، مثل: هذا مجرد كلام وشعارات لن يكون له أي تأثير على أرض الواقع. لكنني أعلم أن التأثير قائم أصلًا، هنا والآن وبشكل مباشر. وأنا أسمع وأتفهم مشاعر الإهانة اللاذعة، والإحباط، واليأس، والغضب والسخط على الدولة التي قررت أنكم من الناحية القانونية مواطنين من الدرجة الثانية، وأنا التزم بالوقوف معكم ومن أجلكم، أن أكون شريكًا ومبادرًا للنضال من أجل إلغاء هذا القانون العنصري الفظيع. وأنا اسمع أصواتًا من مجتمعك تدعو إلى اعتزال اللعبة الديمقراطية في إسرائيل من قبل أشخاص كرسوا حياتهم للربط بين هويتهم العربية الفلسطينية ودولتهم إسرائيل، ويشعرون اليوم بأنهم سكان بدون دولة. وأنا أشعر بالخجل بسبب رغبة الدولة المس باللغة العربية، ليس المس بحقكم بالكرامة واللغة والثقافة فحسب، بل المس بإمكانية إدارة حياتكم وتطبيق حقوقكم. وأشعر بالخجل بسبب حاجة إسرائيل إلى إرساء التمييز العميق في مجال المواطنة والسكن ضمن القانون. فبعد 70 سنة أقامت الدولة على مدارها 700 بلدة يهودية في إسرائيل ولم تقم حتى بلدة عربية واحدة، قررت أنه بدل التفضيل التصحيحي والمساواة أن تقوم بإرساء عدم المساواة والتمييز ضد المواطنين العرب ضمن هذا القانون.
هذا القانون لا يمس بالمواطنين العرب فقط، فهو يمس بي أنا أيضًا: فلأول مرة في حياتي أشعر بالتهديد الحقيقي على حياتي في إسرائيل. ليس تهديدًا خارجيًا من إيران وبالطبع ليس من حماس. أنه تهديد داخلي من القومجيين العنصريين الذين يهددون بإنشاء نظام لست على استعداد لأكون جزءًا منه. نحن الآن على منحدر زلق تنتظرنا في نهايته دولة فاشية وأنا غير مستعد أن أكون عنصريا يتمتع من قوانين تضمن له أن يكون العرق المتفوق الأعلى في الدولة.
لذلك أكتب لكم لأنكم أنتم شركائي الطبيعيين في هذه البلاد المشتركة التي كتب علينا تقاسمها والمشاركة فيها. أكتب لكم لأن فرص التغيير تكمن في الشراكة بيننا، وإذا نجحنا بإنشائها فسوف ننجح بالانتصار على القوى السياسية التي تحاول هدم دولتنا المشتركة. فهذا هو أوان العمل والفعل قبل أن يصبح الوقت متأخرًا. هذا هو وقت ليس لغير المبالين ولا اليائسين، بل هو وقت توحيد جميع القوى والخروج إلى النضال من أجل إنقاذ إسرائيل من نفسها. أنه نضال سياسي. نعم، نضال سياسي حتى وإن كنتم تحتقرون السياسة والسياسيين، فمن لا يلطخ يديه بهذا النضال فهو شريك بفنائنا.
فما العمل؟ أولًا يجب الخروج بعمليات احتجاج كبيرة. وليس من المفروض أن تقودوا ذلك لوحدكم، بل هو احتجاج لليهود والعرب معا. جميعنا ضحايا العنصرية. وعلينا الصراخ عاليا لتنظيف بلادنا المشتركة. صرخة تجمع بين شباب المستقبل وقدامى البلاد الذين كانوا هنا قبل الاستقلال وقبل النكبة، والذي يدركون جيدًا أن هذه البلاد مشتركة لجميع سكانها وقومياتها وأننا لن نعيش أبدًا بأمان إذا أسسنا وجودنا على الظلم والفصل وعدم المساواة. وبعد الاحتجاج ينبغي علينا الاهتمام بتغيير التشريعات، عن طريق المحكمة العليا التي ستغلي القانون أو عن طريق 61 عضو كنيست يصوتون من أجل إلغاء القانون.
فدعونا لا نيأس ولا نستسلم أمام من يريدون هدم فرص الحياة الطبيعية هنا، هيا للعمل معًا حتى النصر.