انزلوا سراويلكم وقولوا لهم: “مؤخراتنا اطهر من كل قوانينكم”
تاريخ النشر: 05/08/18 | 6:08مخطئ من يظن ان قانون القومية سيحدث تغييرًا للواقع الذي يعيشه السواد الاعظم من الاقلية العربية التي ترتدي زي المواطنة الاسرائيلية، ومن البديهي ان العرب سيواصلون التحرك والتصرف كالمعتاد، وحتى ان معظمهم لم يعر هذا القانون اي اهتمام يذكر، فلقمة العيش اكثر قداسة من كل قوانين الكنيست “وزعبرات” حزان ورفاقه.
هذا القانون لم يفاجئني بتاتًا ولم يحرك في جفني رمشًا ولكن فوجئت من دهشة ثلة من “قواتنا” التي اثارت غبارًا حتى غطت السماء وهي تلطم وتندب ضياع المواطنة وكاننا كنا نعيش حتى سن هذا القانون ببحبوحة من العيش ومظلة من العدالة والمساواة، وتناسوا اننا ومنذ قيام الدولة كنا مصنفين كمواطنين درجة ثانية ولربما درجة ادنى وحتى العرب الذين ربطوا مصيرهم بمصير الدولة والتحقوا بالعمل في صفوف الاجهزة الامنية اذ ان حالهم ليس افضل من جيرانهم من العرب رغم الفتات القليل من الامتيازات التي منّت عليهم بها الدولة هنا وهناك.
وكما قلت فان هذا القانون لا يعني لي شيئًا ولم يغير نمط حياتي اليومية بتاتًا وحتى انني “تجرأت” والتقيت، انا مواطن درجة ثانية مع بعض الاصدقاء اليهود مواطني الدرجة الاولى، وتحدثنا بامور مشتركة كالمعتاد ولم يجلس اليهودي على كرسي اكثر علوَا ولم يقم بتقديم القهوة لي بكأس من الورق.
تعالوا نحكي بالعربي “المشرمحي” ونعترف بهذا الواقع المؤلم في دولة اسرائيل، واقع يفرق بين لون ولون، بين قومية وقومية وبين ديانة واخرى. هذا هو الواقع شئنا ام ابينا، دولة اقيمت لليهود وما تبقى هم بمثابة رعايا تتحكم بمصيرهم وتسمح لهم بالتحرك في حيزٍ محدود.
تعالوا لنقر ونعترف بالواقع ان الصراع في هذه الارض هو صراع ديني وصراع حضاري مستمر وتسخر لتثبيته كل الوسائل الممكنة وان كان حتى الآن سرًا مكشوفًا فقد صار الآن بالعلن، ولن تجدي كل التفسيرات والتبريرات والترقيعات التي يحاول بعض السياسيين بثّها على اقناع الملأ، واكبر دليل على ذلك ان نتانياهوا وزمرته ضربوا بعرض الحائط حتى حلف الدم مع الطائفة الدرزية التي قدمت حوالي ٤٠٠ ضحية في سبيل الدفاع عن امن اسرائيل وكذلك البدو الذين قدموا ١٩٤ ضحية كذلك. نتانياهو وزمرته لم يخجلوا منهم واخرجهوهم من دائرة المواطنة ووضعوهم في معنا نحن الذين لم نخدم بالجيش في خانة واحدة خانة المواطنين درجة ثانية. ورغم مرارة ما حدث فانني اقول لهم”:
Welcome to the club now! Everybody up now!
We’ve got it goin’ on!
Till the break of dawn”
ومع كل هذا تعالوا نتكلم بجدية ونقول بان هذا القانون كشف عورات المجتمع العربي واظهر حقيقته.مجتمع ضعيف وممزق ولا مبالي ويعاني من شح بالقيادة الحقيقية المؤثرة والحكيمة والتي لا تتواني عن تقديم التضحيات الثمينة من اجل جمهورها، والدليل على ذلك رد الفعل الهزيل على هذا القانون وعدم انتهاج الوسائل المطلوبة لمواجهته، مواحهة فعلية ميدانية وليس افتراضية كما كان وحتى ان البعض نسي لب القانون واخذ يتباكى على اللغة العربية وكانها آلت الى الضياع.
واخيرًا لا بد من الاشارة الى استقالة زهير بهلول احتجاجًا على هذا القانون، خطوة اربكت زملاءه من العرب في الكنيست والذين سيواصلون “نضالهم” هناك وتزيين الديمزقراطية الاسرائيلية امام العالم، رغم الاصوات الجمّة التي طالبتهم بترك الكنيست واظهار زيف الديموقراطية الاسرائيلية بزيفها وفضحها في كل ارجاء الكون.
قررتم البقاء في الكنيست هذا قراركم واحترمه، ولكن لا تكتفوا بتمزيق مسودات القانون العنصرية فقط والدوس على صور كهانا بل ارتقوا برد الفعل ولا ضير ان تفضحوا عنصرية المؤسسة الحاكمة بابتكار وسائل احتجاج جديدة عند طرح اي قانون عنصري قادم واقترح ان تحتقروا هذه القوانين وتنحنوا و”تنزلوا” سروايلكم قليلًا وتقولوا لهم امام وسائل الاعلام “مؤخراتنا اطهر من كل قوانينكم”..
كتب سعيد بدران