معرض “قريب من البيت” للفنان أحمد كنعان

تاريخ النشر: 07/08/18 | 13:03

شاركت السنة الفائتة في معرض الكتاب الدوليّ في عمّان وخلال فترة مكوثنا هناك زرنا بيت صديقي الدكتور عبد العزيز اللّبدي، طبيب تلّ الزعتر، حيث لفت انتباهي تمثال في الحديقة ولوحات مميّزة على جدران منزله واستفسرت عن صاحبها فأجابني بأنّه فنّان جليليّ يدعى أحمد كنعان! وفي منتصف حزيران استلمت دعوة موجّهة لنادي حيفا الثقافيّ لزيارة معرض فرديّ لأحمد، فسافرت وزميلي المحامي فؤاد نقارة، يرافقنا والده مفيد، يوم السبت 21.07.2018 لزيارة معرضه “قريب من البيت” في صالة الفنون في كيبوتس مشمار هعيمق بقرب قرية المنسي المهجّرة في مرج ابن عامر.(يقول الباحث الفحماويّ وجدي حسن جميل:”

كانت معركة “مشمار هاعيمق” من أهمّ المعارك بل وباعتقادي من أهمّ المعارك المفصليّة في حرب 1948 في منطقة مرج ابن عامر وشمال فلسطين خاصّة بل وفي معارك سنة “النكبة” بمجملها، وكان لنتائجها تأثير سلبيّ خطير على سير المعارك وبالأحرى على “معنويّات” الأهالي وأبناء شعبنا العربيّ الفلسطينيّ ، سيّما وأنّها تزامنت مع مذبحة دير ياسين ومع استشهاد القائد الفلسطينيّ عبد القادر الحسيني في معركة القسطل”، دنيا الوطن، 21.04.2012). تخلّل المعرض لوحات بتقنيّات منوّعة: بألوان زيتيّة على قماش، ألوان زيتيّة على قماش وحديد، تمثال حصار من خشب وغيرها بأحجام مختلفة.ينتصب في مدخل المعرض تمثال من خشب عُنوانه “حصار”، بهرني وأخذني إلى حديقة فيجلاند بارك التي زرتها في حزيران (حديقة عامّة في حيّ فروجنر في أوسلو، تجمع قرابة مائتي منحوتة وتمثال للفنّان غوستاف فيجلاند من البرونز والحديد والجرانيت، تصوّر المراحل التي يمرّ بها الإنسان من طفولته حتّى شيخوخته، بحلوها ومرّها، والحضارة الإنسانيّة)، تمثال يصوّر معاناة مجموعة بشريّة محاطة بجدار مانع يحاصرها من جميع الجهات، وشخوصها يتضرّعون للسماء، وتساءلت: أهو الغيتو الغزّاويّ أم الحصار على الضفّة الغربيّة؟

شارك أحمد في عشرات المعارض، الفرديّة (محاريث، مشاطيح، عنات، أنا هنا، صورة ذاتيّة، الفارس، اكتشاف، فارس الأحلام، على خيط رفيع، لوحات جميلة، أحمد كنعان – تماثيل، من خلال الزخرفة) والجماعيّة (دار الفنون-عين حرود، المكان والتيّار الرئيسيّ، وِحدة، تسعة فنّانون من القدس، سلام، كينان-كنعان، 50 عامًا على النكبة، البوّابة، أفكار-هويّة ورؤيا، إكسبو 2000، لحظة ما بعد لحظة ما قبل، عصافير، زوروا فلسطين، نسيج، تكاتُب، الأرض وسكّانها، جواز سفر، إنسان الأرض، في شي لازم يصير، كيان-معرض تماثيل، ألوان الحياة، تحوّلات في زمن الحروب وغيرها) في البلاد وخارجها، وشارك في مهرجانات وملتقيات محليّة ودوليّة (لقاء في بولندا، مهرجان النحت بالحجر في الأردن، حجارة على الحدود في ألمانيا، لاجئون في اليونان، مهرجان فاس في المغرب، مهرجان البورسلان في هنغاريا، مهرجان نحت بالحجر في الامارات العربيّة المتّحدة، مهرجانات رسم في تركيا وغيرها) وله مئات الأعمال واللوحات، منها تماثيل عملاقة في ساحته وغيرها منصوبة في الميادين العامّة في البلاد والخارج، ولوحات معروضة في متاحف محليّة وعالميّة ومُقتنيات خاصّة في العالم.
تصوّر لوحات المعرض المأساة الفلسطينيّة بمراحلها، بدايةً بالنكبة ونتاجها لوحة “اللاجئ”؛ حيث نراه من الخلف ويحمل متاعه في بُقَجة بطريقه إلى التيه والتشرّد في الشّتات بلا عنوان يأويه ولكن لا مناص من محاولة العودة، كما يظهر جليًّا في لوحة “العائد”؛ أمّا اللوحتان بعنوان “مقيم غير شرعيّ” فتصوّران حسرته حين عاد ووجد قريته مهجّرة وبيوتها مهدومة، يجلس تحت شجرة تطلّ عليها يتأمّلها، فهو حاضر غائب لا يستطيع دخولها، صار بين ليلة وضحاها مشرّدًا بلا مأوى، يفترش الأرض ويلتحف السماء(ترجمة عنوان اللوحتين للعبريّة تُفقدهما الكثير الكثير، تحوّل العائد إلى متسلّل من الضفّة الغربيّة باحثًا عن عمل، بموجب القوانين العنصريّة الإسرائيليّة)؛ لوحة “دبكة” تصوّر تُراثًا وتقاليد وحنينًا لشعبٍ يريد أن يحيا؛ لوحة “أمٌّ وطفل خلف المشربيّة” ينتظران الأحبّة العائدين لا محالة؛ لوحة “قطف الزيتون” تصوّر طقوس قطف الزيتون، اللّمة والجَمعة العائليّة لحصاد العمر وصراع البقاء؛ لوحة “شاي بالنعناع” تتحدّث برائحة الوطن وعبقه ؛ أما لوحتا “عازفة الكمان” و”عازف التشيلو”؛ فتصوّران الأمل لدى أبناء شعب يستحقّ الحياة كباقي شعوب العالم.

شدّتني لوحة “نقل أشجار الزيتون”؛ حيث يتمّ اقتلاعها عنوةً من قرى الضفّة الغربيّة ونقلها إلى بؤر استيطانيّة في الداخل الفلسطينيّ لمحو الهويّة الفلسطينيّة من الحيّز والتخلّص منها وفبركة التاريخ وتجييره – قولًا وفعلًا !! فاجتثاث الزيتون ونقله واضح وجليّ للإسراع في تهويد المعالِم من أجل صياغة صورة جديدة وخلق حيّز يهوديّ للمكان من خلال الاقتلاع والتجريف كي لا تبقى تلك الأشجار شاهدًا على تلك الجريمة النكراء وعلى التطهير العرقيّ المقيت لفلسطين.
لوحة “أرض جاري تحترق”؛ تنبض وتصرخ حياة، فما قيمة الأرض ساعة احتراقها؟!
برع أحمد برسم البورتريهات لبنات العائلة: “أختي الكبيرة”؛ “أمّي”؛ خلف ماكنة الخياطة؛ تكدّ وتعمل من أجل مستقبل أفضل لأبنائها، “أمّي”؛ تتأمّل!!!
وجدت في لوحاته رسالة تحدّ، هويّة وانتماء… وحكاية شعب، موصولة بمجتمعه وقضاياه المعيشيّة اليوميّة، بحلوها ومرّها.
لفت انتباهي مرافقة افتتاح المعرض “كتالوج” راق مهنيّ التصميم، بالعربيّة، العبريّة والإنجليزيّة،إصدار كنعان صالة عرض للفنون، يشمل بعض أعمال الفنّان في مجال الفنّ التشكيليّ ويجسّد تطوّر أسلوبه وفنّه.

المحامي حسن عبادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة