أعمال القمة العربية – اقتراحات عالمية
تاريخ النشر: 14/08/18 | 7:54لقاءات القمة عربية هام جداً للتواصل والمباشرة والمبادرة على الأقل واليوم برأيي لو بحثنا عن خطة لإنجاح هذه القمة بشكل مركزي واحد من أجل العالم العربي ككل يتوجب على الحكومات في الدول العربية وضع برنامج ومضامين للحريات والمساواة والتربية والتعليم والتصنيع وجودة البيئة إلى أخره . . . والتي تؤدي في النهاية لجودة الحياة ورفع مستوى حياة المواطن والإنسان فيها , إلا أن معدل عام لمستوى حياة المواطن في معظم هذه الدول يقترب من خط الفقر , لأن المواطن العربي منعزل تماماً عما يجول في العالم المتحضر الغربي على كل الساحات الثقافية والصناعية والسياسية والعلمية والفكرية بتوجيه من الحكام العرب وبهدف وضع المواطن على جانب الصورة أو خارجها تماماً دون أن يعلم ما يجول خارج مجتمعه الضيق في العالم الواسع , وهذا هو السبب الحقيقي لتذمر المواطن العربي وانعدام إرادته في التطور والتقدم نحو مراكز أو أهداف كلية تبعث في روحه الحياة الحقيقة السليمة التي تبني مجتمعاً حضاريا متطوراً ومتجدد.
اقتراحي لكل المشاركين في القمة العربية بصرف النظر عن أي عمل أو أي مكان تلتئم فيه هذه القمة أن ينتزعوا من أفكارهم كلياً قضية الحروب والعنف والقتال ضد أي كان والرضاء في الواقع السلمي الجديد والعمل على ترسيخ وزرع مفاهيم جديدة في عقول وأفكار شباب اليوم الذين هم هم , الجيل القادم للعالم العربي , لعل ما نقوم به اليوم يساعد أبناء وبنات الغد لبناء الشخصية العربية التي تناسب الزمن المعاصر الذي نعيش فيه بكل جوارحنا حتى وإن كان المواطن العربي هارباً من رواسب سلبية جداً كثيرة في نفسه كعربي في الشرق الأوسط وغيره في دول العالم , فروح العصر تفرض على السلطات والحكومات المختلفة اتخاذ قرارات جديدة جدية تفتح الآفاق أمام الناجحين المفكرين الذين يمكنهم تسلم راية القيادة الجماهيرية في كل مكان , آمل النجاح لهذه اللقاءات الكثيرة المتتالية على كل دروب الخير والفكر والعمل وأعمار البلاد والثقافة والتعليم وتقديم الخدمات للمواطن العربي كإنسان أينما كان , فالتعامل الإنساني يكاد ينعدم بين المواطن والسلطات الحاكمة , هذا لكي لا يصيبنا كما أصاب الفنان القدير الكبير والناقد المحامي دريد لحام (غوار الطوشه) في فيلم – التقرير (أنصح كل من لم يشاهد هذا الفيلم بمشاهدته لأنه يتحدث عن هموم الرجل العربي الكثيرة الصغيرة والكبيرة ويطرحها من منظار شيق جداً تهز المشاهد في صميم أعماقه), هنا لا يسعني إلا أن أقدم اقتراحاً يكاد يكون ضرورة في الحياة اليومية للمجتمعات العربية لمحاولة أخرى لطرح جديد وفكر متجدد للحد من أمور كثيرة خاطئة في هذه المجتمعات والتي يتوجب علينا جميعاً محاولة تصحيحها قبل فوات الأوان وأهمها كما ذكرت التربية والتعليم والثقافة.
لقد عانى الإنسان المواطن أشد معاناة في معظم مجتمعات دول الغرب من المشكلات ذاتها التي يعاني منها وبشدة اليوم المواطن العربي , وهذه المشكلات يعاني منها المواطن الإنسان في مجتمعات العالم العربي ككل في المؤسسات ونظام التربية والتعليم والثقافة , إلا أن المجتمعات في الغرب وخاصة في القرون الوسطى والفترة الزمنية القريبة ما بعد الحرب العالمية الثانية غيرت المفاهيم الأولية المبدئية في المجتمع الغربية فغيرت مناهج التربية والتعليم والثقافة وطورت حكومات الدول العلاقات الاجتماعية بين كل أواصر المجتمع وأفراده ونهض المجتمع الغربي قدماً نحو طلب الثقافة وطلب العلم ونهل من المؤسسات كل ما هو خير للفرد فبات الإنسان في مركز الصورة وعلى الحكام والرؤساء والملوك والمؤسسات خدمته بصدق متناهي من خلال تشديد على الوضوح والشفافية في التعامل معه وتقدمة كل ما هو ضروري من مشاريع تفيده كمواطن يجب خدمته لا التعالي عليه ومنعه من حقوقه وأهم ما جذر في فكره احترام الوقت والنظام والمسافات الزمنية والمساحات فتطور هذا المجتمع الغربي بكل أفراده في غضون عشرين عام عن مائتي عام خلت , ربما ينهج عرب اليوم الطريقة ذاتها مع كل الصعوبات التي يواجهها حكام البلاد ومسئولي المؤسسات التعليمية والثقافية من المدارس الابتدائية وحتى مؤسسات التعليم العالي والجامعات ونحن لا ندري.
بموجب رأيي الخاص هناك أسباب مباشرة متعلقة بالأسرة الأولى أب وأم وأولاد لأزمة التعليم والثقافة وأسباب غير مباشرة تتعلق بالسلطة والحكومات.
(هناك أسباب كثيرة جداً يصعب سردها وطرحها هنا وأكتفي بما هو مكتوب أدناه).
الأسباب المباشرة:
1. الإمكانية المادية لدى المواطن العربي للعطاء ودفع المال من أجل إنجاح أولاده في مجال التعليم ومجال تثقيفهم أيضاً.
2. مكان سكن المواطن العربي , فأعداد كثيرة تعد بعشرات الملايين منهم يسكنون بعيدين في قرى نائية ويعيشون حياة البداوة بعيداً عن أمكان تمركز الكثافة السكانية في المدن وهذا يبعدهم عن مركز التعليم ومراكز ثقافية أخرى باختصار يعيشون ويموتون دون أن يعرف عنهم أحد حتى المؤسسات العربية التي يتوجب عليها تقدمة الخدمات لهم.
3. عدد أفراد الأسرة : المعروف لدى الجميع أن الأسر العربية متعددة الأولاد ومتعددة الأفراد والزوجات مما يثقل الأعباء على كاهل الوالدين من الناحية المادية فيعجز الوالدين أمام أولادهم في تقدمة ما يستحقون فيكتفون بالقليل القليل ويتابعون حياتهم في تربية قطعان المواشي والزراعة البدائية.
4. لم يعد الوالدين قادرين على التضحية والعطاء لكل ولد , فتقدما في السن وهم بنفسهم بحاجة لمساعدة من أولادهم وربما لكثرة الأولاد والحاجة للعمل لإعالتهم هنا أريد أن أذكر بأن المعدل العام لحديث أحد الوالدين مع الولد الواحد 15 دقيقة يومياً وربما يكون أقل من ذلك بكثير فتصعب على الوالدين عملية التربية لأولاد كثر فيرسب كثير منهم في التعليم وينجح قليلهم.
5. في الآونة الأخيرة تضررت مكانة الوالدين , الأب خاصة في الأسرة المصغرة القريبة مما صَعَّبَ عملية السيطرة في البيت على أوضاع الأولاد وتكاد تكون السيطرة في البيت على يد الوالدين معدومة بتاتاً فالوالدين أصبحا أشبه بشرطيين للمرور في البيت وكلامهما أصبح غير مقبول البتة بآرائه وفكره تغيرت المفاهيم وسبل الحياة مع الزمن.
6. ثقافة الأهل غير الكافية تعقد الأمور أكثر مما يعرقل كثيراً المسيرة التربوية التعليمية الثقافية فالتغيير في طرق التعليم والمعلومات الجمة التي أصبحت في متناول يد الجميع سبباً رئيسياً يعيق عملية التساوي في المعلومات بين الأهل والأولاد , وهناك معلمون ابتكروا من فكرهم وإبداعاتهم طرق جديدة للتعليم خارجة عن مناهج التعليم التقليدية المعروفة ومناهضة لها تماماً.
7. تطورات العصر والتقنيات التكنولوجية العالية التي دخلت على المجتمعات العربية التي لم تهيئ لذلك أدخلت أمور سلبية كثيرة على المجتمعات العربية البسيطة والمحافظة في كل مكان فأثارت هذه التطورات المشاكل في الفروق بين من استطاع السير في ركب هذه التكنولوجيا وبين من لم يتمكن منها , وهذا سبب مباشر للتطرف في التعامل بين أبناء المجتمع الواحد.
8. محطات الراديو والمحطات التلفزيونية الفضائية تبث عادة الأمور الممتازة من فعاليات وتظهر الوجه الحسن للمجتمع والذي لا تتعدى نسبته 20 بالمائة من أعداد الملايين في المجتمع العربي وهذا يتسبب بحرج عند المواطن الإنسان العربي لأن هذه الواجهة ليست الواجهة العامة بل الخاصة جداً فقط.
الأسباب غير المباشرة:
1. المجتمع العربي مع إمكانيات ضئيلة للمواطن الفرد , كذلك الحكومات والمؤسسات في الدولة العربية , فيبلغ الإنتاج القومي السنوي للفرد في بعض الدول العربية بمعدل ما يقارب 70 دولاراً , بينما يبلغ الإنتاج القومي السنوي للفرد في دولة إسرائيل مثلاً أو فرنسا ما يزيد عن 7500 دولاراً للفرد الواحد , وهذا مؤشر خطير جداً , فالمواطن العربي والمجتمع العربي محروم من المستثمرين من الداخل والخارج وهذا الموضوع يكاد ينعدم في المجتمع ككل ويسبب النقص بجزء كبير من اقتصاد الدول العربية , وبات حلم المواطن العربي الهجرة لدول الغرب بحثاً عن لقمة العيش
2. نمت في المجتمع العربي تطلعات للمجتمعات الأخرى بعين الحقد والحسد وكأن المجتمعات الأخرى هي الأفضل ففيها الحرية والديمقراطية وكرامة واحترام الإنسان الفرد , وفيها الفرد من أجل الجميع يمثلهم والجميع من أجل الفرد يمثله فتفشت ظاهرة التقليد الأعمى وحالات السخط والنقمة على هذه المجتمعات المتطورة وبات التطرف في الأفكار ذات جاهزة لإبرازه من دون تراجع , فتقلد أبناء المجتمع عادات قد أدخلت للمجتمع (وعلى الغالب سلبية) وهي لا تناسب المجتمع العربي الشرق أوسطي واعتادها المجتمع وقد ينظر بمنظار العجب وعدم الرضا شباب المجتمع لمن يخالف أو ينتقد هذه العادات والتقاليد المفتعلة الجديدة الدخيلة.
3. الحكومات لم تبادر على مدار عشرات السنين في بناء قرى ومدن جديدة وتوجيه المواطنين ليسكنوا فيها بل اكتفت بعدد المدن الموجود ووضعت كل طاقاتها فيها كمدن مركزية أو رئيسية تجمع أعداد كبيرة من السكان , وهناك إهمال معين للسكان الذين يقطنون في القرى النائية وهذا نهج بعض المسئولين الذين يتبعون طريقة : ” البعيد عن العين بعيد عن القلب ” , وهذا الأمر إلى حالة تسيب اجتماعي كل فرد يفعل ما يحلو له مما أدى إلى تطرف في التصرفات والعبادة دون أن تعرف السلطات ما يجول في الكثير من القرى والأماكن النائية , وبقيت هذه القرى والأقاليم وكأنها تعيش في عصر العثمانيين الأتراك دون تطور أو تقدم حيث لا تصلها طائلة قوانين الحكومات وباتت تحكم نفسها بنفسها.
4. الحكومات لم تفرض ضرائب خاصة على المجتمع من أجل التربية والتعليم والثقافة وتأمين لقمة العيش للمسنين أو مواطنين ذوي احتياجات خاصة وبات هناك عجز كبير في الاستثمار بالإنسان وهذا عجز طبيعي لا تعالجه الدولة والحكومة , وفي حالة فرض هذه الضرائب على المجتمع فيجب متابعة ومراقبة هذا الأمر للتأكد من أن هذه المخصصات تصرف للتربية والتعليم والثقافة والأغراض المعدة لها من أجل خدمة المجتمع لا غير , لكن المواطن العربي يثور ضد هذه القرارات ولا ينفذها لأنه عاجز عن تأمين لقمة العيش لأسرته.
5. بث السِّباق والتنافس بين الطلاب (طبعاً في المناطق التي فيها مدارس) منذ الصغر والغيرة البناءة الطيبة لنيل العلامات والنجاح وصرف منح دراسية من قبل أجهزة التربية والتعليم والثقافة , وبالمقابل فتح أبواب التصنيع وبناء المجتمع كمجتمع صناعي منتج معاصر كي يستوعب كل الكوادر الشبابية التي يحضرها المجتمع في المدارس والجامعات للعمل فيها لأن المجتمع يفقد هذه الكوادر حين يترك الشباب المتعلم الدولة خارجاً للبحث عن لقمت العيش وتكوين نفسه ومستقبله وتحقيق ذاته في دول أخرى ولا يفيد المتعلم العربي بلده وطنه بشيء فيخرج منه هارباً نحو الحضارة الغربية أو الشرقية , لأن المؤسسات الحكومية وغيرها لم تحضر له مكان عمل ليعمل فيه ويعيش فيه وينعم في وطنه بعيشة محترمة كريمة بسلام وأمان فالمواطن العربي في كل مكان مضغوط جداً من كل الجهات ويمر بأزمات العالم كله فإما تقويه هذه التجارب والضغوطات غير المنتهية وإما تدمره نهائياً ويعود إلى وطنه صفر اليدين.
6. نظام الحكم العربي غير ديمقراطي الملكي الدكتاتوري يُشعر المواطن أنه ملاحق في كل تحركاته ويرهبه هذا الحكم المنغلق على نفسه وتُمنع وتُسلب من المواطن حريته وحقه في التعبير عن الرأي نظام الحكم غير منفتح للحريات والتقدم والتطور وهذا ما يعرقل الحل والعملية التربوية الثقافية في معظم الدول العربية باختصار الحكومات والحكم العربي يقولون للمواطن العربي سر مكانك أو أجلس ولا تتقدم.
7. الحلول المقترحة للنهوض بالتربية والتعليم لكي يلعب أدواره ووظائفه الطبيعية في تقدم وتنمية الفرد والمجتمع مقترحة هنا وهذا الحل أو ربما ما يقترب من الحل لهذه الأزمة , ولكن طبيعة الأحكام العربية قد ترفض هذه الاقتراحات ظناً منها مناوئة لها وفي النهاية تفشل كل الاقتراحات.
8. يتوجب حكومات الدول العربية على طريق التطور والتربية وتغيير الفكر , التدقيق على ترسيخ فكر التعايش السلمي مع باقي الشعوب والأمم المجاورة منها للمجتمع العربي والبعيدة عنه , واستيعاب الرأي والرأي الآخر المغاير المختلف ففي ذلك أمان وسلام للعالم بأسره.
اقتراحي لحل مشكلات العالم العربي ومشكلات معظم شعوب وأمم العالم ثلاثة فقط , ومنها يجب كتابة مضامين مناسبة لأعمار الطلاب في المدارس والجامعات كي نسهل عملية الفهم والإدراك للأمور ونعلمهم بطريقة صحيحة وسليمة مُوَجِّهة وبناءة , كي تتقدم البشرية في كل القضايا للمحافظة على عالمنا الجميل:
1. الحرية :
علينا أن نعلم الحرية ومبادئها ونسعى لترسيخها في مفاهيم وتفكير وعقول وضمير كل أفراد المجتمع حتى في تصرفاتنا اليومية , شريطة أن لا نضايق الآخرين ولا نسيء لهم ففي اللحظة التي تبدأ إساءتنا ومضايقتنا للآخرين تنتهي حريتنا , الإنسان الحر لا يظلم ولا يسيء ويستطيع أن يساوي الناس بنفسه.
2. المساواة :
كما الحرية من ناحية المبدأ وطريقة تحضير المضامين فكل بني البشر متساوين ” كأسنان المشط ” – ” لا فرق بين إعرابي وأعجمي إلا بالتقوى ” , ومن ساوى الناس بنفسه ما ظلمهم أبداً وهذا الأمر بالذات يجعل الكبير والصغير في السن والشيخ والجاهل لأمور الدين والمثقف والأمي والحاكم والمحكوم والموظف والضابط والجندي كل منهم متساو مع الآخر وكل منهم يحمل رسالته بصدق وشرف وأمانة من الناحية الإنسانية كلنا بشر ومتشابهين , من يساوي الناس بنفسه يستوعب الرأي الآخر المختلف وتوجهه للعيش السلمي المشترك مع الجميع.
3. التآخي :
ينمو بين أفراد المجتمع من دون مشكلات لو رسخنا في أذهان أبناء المجتمع الواحد الحرية والمساواة لأن الحر لا يظلم أحد ومن يساوي الناس بنفسه ولا يظلمك لا بد أن ينمو التآخي بينهم هذا هو حالنا على هذه الأرض وعلينا أن نجتهد كثيراً في سبيل إنجاح كل مجتمعات الأرض والمحافظة على البشرية جمعاء لنتمكن من الحياة معاً وسوياً بسلام وأمان.
الشعب الحرّ والذي يعيش بموجب هذه المبادئ هو الشعب المثقف الذي ينجح في كل مجالات الحياة وأهمها مجالات التربية والتعليم والثقافة والفكر ولا بد له إلا أن ينجح في بناء الأجيال القادمة وحمل رايات التطور والعلم على دروب قضية النشوء والارتقاء بنجاح , ليس من الغريب أن نرى هذه المبادئ شعارات معظم الثورات التي قامت في العالم على سبيل تحرير الشعوب والأوطان فهي شعارات وإن نفذت بحذافيرها من نعومة أظفار أبناء المجتمع الواحد سنصل على مر السنين إلى المجتمع المنشود ولعل هذه الأفكار هي ما كانت تنقصنا للتعبئة العامة من أجل الاستمرار في مسيرة الحياة مرفوعين الرأس والهامات نسير قدماً ونسبق عصرنا وليس من العار أن نبحث في ثقافات الشعوب والأمم الأخرى ونتعلم منها ونروض بعض عاداتها الإيجابية لتحل في صفوف المجتمعات العربية , وقد ذكرت أن الأحكام الملكية والجمهورية والدكتاتورية كما هو الحال في دول العالم العربي قد تنظر بعين الاستغراب وعدم الرضا من هذه الاقتراحات فمضمونها الأولي قد يفهم على غير المقصود منها فأنا بشكل خاص أحترم كل الملوك ورؤساء دول العالم وأقدرهم جداً على سعيهم من أجل خدمة المجتمع ومن الطبيعي جداً أن الأكثرية الساحقة راضية عن كل ما تقدمه الحكومات خدمة لهم بأمر من الملوك والرؤساء والوزراء وكبار موظفي الحكومات ولو تحدثوا ورفعوا أصواتهم عالياً لأسكتوا كل المعارضين والمتذمرين من الأحكام العربية والحكام للدول وقضية الحريات ليست عملية الإطاحة بحاكم معين أو حكم كهذا أو ذاك وإنما هي عملية تجويد الذات وترويض النفس على استيعاب الآخر المختلف المغاير كلياً عنا وهي عملية تدفع بكل أبناء شعوب وأمم الأرض في شتى أمور المجتمع نحو الأفضل من دون إساءة لأحد نحو عالم جديد ملؤه الحرية والمساواة والتآخي والهدوء والمحبة والسعادة والفكر والعقلانية والتربية الصحيحة والعلم والثقافة والبحث والتنافس الشريف في شتى المجالات , ويوجهه القادة ورؤساء الدول أبناء مجتمعهم إلى بر الأمان إلى عالم النور بعيدين كل البعد عن عالم الظلمات المتسبب للدمار والإساءات والتطرف.
أقدم لكم قصيدتي هذه :
نـُــريد عربياً آخر
ماذا يبقى بعد اليأس
وقد تَخاذل الشرق
وقـُـتِلت بالعُنـْفِ الأفكار
نحنُ بشرٌ بُسَطاء
نَعيشُ ولا نأبه لكلِّ أحداث الأعْمار
نحن نريد والله (عز وجل) يريد
لكننا وبرضائنا أصبحنا بُؤساء
نـُـريدُ عربياً آخر يكتـُبُ حرفاً
يقرأ لغة
ويدون تاريخ الأجداد . . .
نـُـريد عربياً يصنع قمراً
يطير من دون جناح
يُربي أماً تكتب جيلاً
لكلِّ تاريخ الأمجاد . . .
وينحت في السماء
قوس قزح في كل الألوان
ويحرث بسنابكِ روحه
رمل الصحراء
ويزرع في الصخر
أشجار الزيتون
كي تـُـطعم أحفاد الأحفاد . . .
ويُرَبِي مجتمعاً صالحاً
يروي الفرح من دمْع ِ عينيه
ويُضْحِكَ مِلئَ القلب
ألائكَ الأطفال الجياع
نـُـريد عربياً يُفكـِّرُ ويَبحثُ
في كتب الفلسفة
وتاريخ الأمجاد
ولا يُضَيِّع ما نكتب
في إبداع الزمان
نـُـريد عربياً يُفَكـِّرُ
ويقودُ العالم بالعدل ِ
إلى آخر المطاف . . .
نـُـريد عربياً يصرخ بالحقِّ
ويبعد عن الخُرافات
ويبحث بالفكر والعقل والقلم
ويَشُقُّ ظلام الليل
بسيوف الشجعان . . .
ويُشعلُ نوراً في كلِّ الكون ِ
من دون عيدان
يرفع قلماً يرفع علماً
يمحى ظلماً . . .
ويتقرب من عدل الرحمن
نريد عربياً صبوراً طموحاً
يضرب في الأرض ناقوس الأفراح
ويتبرأ من الجهل المباح
يصوغ عادات التقليد
بأسمى العادات . . .
ويتنكر ويشجب تقليد الإساءات . . .
نـُـريد عربياً آخر
عربياً طيباً
يَصِلُ طـُـموحهُ إلى ما بعد الشمس
وأبعد من حدود السماء . . .
* * * * *
المواطن العربي في كل مكان مضغوط جداً من كل الجهات الدينية والسياسية والاجتماعية ويمر بأزمات العالم كله فإما تقويه هذه التجارب والضغوطات غير المنتهية وإما تدمره نهائياً ويعود إلى وطنه صفر اليدين.
(ملاحظة : هذه المقالة نشرت بتاريخ : 7.1.2010 في مركز الدراسات والأبحاث العربي الأوروبي بثلاثة لغات للدكتور صلاح الطيار).
رافع خيري حلبي