تَذَكَّرْتُ سَلْمى
تاريخ النشر: 30/08/18 | 15:02تَذَكَّرْتُ سَلْمى وَجَلَّتْ مَكانَا.. فَلَمَّا تَجَلَّتْ، جَلَتْ لي أَنانَا
بِكُلِّ زَمانٍ حَواهُ مَكانٌ.. وَسَلْمى هَوانا أُعيذُ هَوانَا
وَسَلْمى سَماءٌ وَأَرْضٌ وَروحٌ.. وَنورٌ بِقَلْبي مِنَ البَدْءِ كانَا
وَسَلْمى جَمالٌ يَعِزُّ نَظيرًا.. وَسَلْمى ارْتِقائي الذُّرى وَالزَّمانَا
وَسَلْمى البَيانُ جَنِيًّا مُبينًا.. بِلا عِوَجٍ إِنْ طَلَبْتُ لِسانَا
وَسَلْمى هُتافُ الخُلودِ بِلُبِّي.. بِها اشْتَدَّ قَبْلًا وَبَعْدًا صَدانَا
أَنا هِيَ وَهْيَ أَنا فَكِلانَا.. شَبيهُ الشَّبيهِ إِذا ما تَرانَا
وَلَيْسَتْ أَنايَ وَلَسْتُ أَناهَا.. وَلَيْسَتْ سِوايَ وَلَسْنا سِوانَا
وَسَلْمى احْتِفالي وَسَلْمى احْتِفائي.. وَسَلْمى انْطِلاقي إِذا النَّهْرُ بانَا
وَيَسْأَلُ غِرٌّ تَغَشَّاهُ جَهْلٌ.. أَضَلَّكَ عِشْقٌ؟ صَبَأْتَ جَنانَا؟
فَأَضْحَكُ قَهْرًا وَأَرْثي لِغِرٍّ.. تَوَهَّمَ فَهْمًا فَعادَ مُهانَا
وَزادَ انْتِفاخًا فَزادَ انْمِحاقًا.. وَلَجَّ اقْتِحامًا فَزادَ هَوانَا
يَظُنُّ لِفَرْطِ الغَباوَةِ أَنَّا.. عَشِقْنا تُرابًا وَفيهِ دَوانَا
وَأَنَّى تَكونُ سُلَيْمى تُرابًا.. وَما صاغَها الشِّعْرُ إِنْسًا وَجانَا
وَلكِنْ مَلاكًا مِنَّ النُّورِ جَلَّتْ.. وَما النُّورُ تُرْبًا وَنارًا عِيانَا
نُؤَنْسِنُ في الشِّعْرِ كُلَّ مَجازٍ.. فَيَحْسَبُ سَلْمى الغَبِيُّ جَنانَا
وَوَلَّادَةً بِابْنِ زَيْدونَ هامَتْ.. وَهامَ بِها الصَّبُّ هَوْنًا فَهانَا
هَوَيْنا سُلَيْمى وَطابَ هَواها.. وَحينَ طَلَبْنا جَناهُ اجْتَنانَا
فَصِرْنا لِسَلْمى عُصاةَ جَفاها.. وَصارَتْ بُلوغَ الـمُنى وَشِفانَا
****
(فَاقْنَعْ بِظَبْيِكَ)
عَقَلَتْ كَلامي قَبْلَ أَنْ أَتَكَلَّمَا.. وَعَقَلْتُ عَنْها أَنَّها لَنْ تُسْلِمَا
قالَتْ: دُنُوِّي مِنْكَ هَدْمُ عَقيدَتي.. أَنْ تَصْطَفيني مُسْلِمًا وَمُسَلِّمَا
وَرَأَتْ نَقيضي بَعْدَ عَقْلِ بَيانِها.. قالَتْ: رُوَيْدَكَ لا تُشِحْ وَتَنَعَّمَا
إِنَّ التَّدَلُّلَ في الظِّباءِ مَصيدَةٌ.. حَتَّى يَحِلَّ قِناصُها فَتَقَدَّمَا
وَاحْذَرْ سِوايَ مَقانِصًا تَجْنِ الهَنا.. فَظِباءُ مَكَّةَ صَيْدُها قَدْ حُرِّمَا
وَأَرى الظِّبا كَظِباءِ مَكَّةَ حُكْمُها.. إِنْ تَبْغِها، فَاقْنَعْ بِظَبْيِكَ وَاسْلَمَا
فَهَتَفْتُ إِنَّ الكُفْرَ أَسْلَمُ مذْهَبًا.. إِنْ شِئْتِ أَنْ نَجْني الثِّمارَ ونَسْلَمَا
****
(طَعْنُ الغِيابِ أَوْلى)
مِنْ أَمْسِ يا سَلْمى الكَلامُ مُعاقُ.. وَالصَّمْتُ مُهْرٌ جامِحٌ وَسِباقُ
وَعُيونُ قَلْبي في حِماكِ مُقيمَةٌ .. وَجَناكِ عِنْدي في الغَرامِ عِناقُ
هُزِّي قُطوفَ القَوْلِ تَسْكُبْ شَهْدَها.. وَالشَّهْدُ عِنْدي أَنْتِ وَالتِّرْياقُ
ما الصَّدْعُ في جَسَدِ البَيانِ يَضيرُهُ.. لكِنَّ صَدْعَ القَلْبِ لَيْسَ يُطاقُ
وَأَراكِ شَمْسًا لا أُفولَ لِضَوْئِها.. عَنِّي وَلَيْسَتْ لِلْغِيابِ تُساقُ
لكِنَّ طولَ الصَّمْتِ صِنْوُ تَغَيُّبٍ.. فَجْرٌ تَقَيَّدَ ما لَهُ إِشْراقُ
إِنْ كانَ طَعْمُ الصَّبْرِ عِنْدَكِ سائِغًا.. فَالصَّبْرُ عِنْدي حَنْظَلٌ، إِحْراقُ
إِنَّ الغِيابَ هُوَ العُبابُ يَعوزُهُ.. عِنْدَ التَّوَغُّلِ ساحِلٌ وَنِطاقُ
طَعْنُ الغِيابِ بِقُرْبَةٍ أَوْلى بِهِ.. مِنْ مُكْثِهِ يُقْصي الَّذي نَشْتاقُ
*****
(كَلَيْلى وَمَجْنونِ الغَرامِ)
كَأَنَّ عَلى العَيْنَيْنِ مِنْها غِشاوَةٌ .. تَمُرُّ عَلى الأَشْعارِ مَرَّ الأَعادِيَا
فَما كانَ فيها لا تَراهُ وَإِنَّني.. بِرُؤْيَتِها لا شَكَّ يَغْشى فُؤادِيَا
وَما كانَ وَصْفًا وَاقْتِناصَ بَلاغَةٍ.. وَحِكْمَةَ وَعْظٍ تَسْتَزيدُ فَوا لِيَا
وَتَعْلَمُ أَنِّي في هَواها مُقَيَّدٌ… وَأَعْلَمُ مِنْها الحُبَّ عِلْمي بِحالِيَا
وَلا شَيْءَ كَالكِتْمانِ يوهِنُ أَمْرَها.. وَلا شَيْءَ كَالأَشْعارِ يُعْرِبُ ما بِيَا
وَلكنَّنا سِيَّانِ في النَّبْضِ وَالهَوى.. كَلَيْلى وَمَجْنونِ الغَرامِ الخَوالِيَا
وَما قَلْبُ سَلْمى في القُلوبِ مُقَلَّبٌ.. وَلكِنْ بِتَحْنانِ الضُّلوعِ احْتَوانِيَا
وَإِنِّي إِذا نادَيْتُ سَلْمى تَبَسَّمَتْ.. رِحابُ الفَضا وَالطَّيْرُ أَنْشَدَ حانِيَا
وَتَنْسابُ أَلْحانٌ وَيَخْضَرُّ مُقْفِرٌ.. وَيُصْبِحُ بُسْتانُ الـمَحَبَّةِ حالِيَا
وَتُقْلِقُني إِذْ ما تَمُرُّ بِأَحْرُفي.. فَتَجْفو مُسَمَّاها وَتَحْضُنُ خالِيَا
وَيَأْخُذُني ظَنٌّ أُكَفِّرُ إِثْمَهُ.. وَأُحْسِنُ ظَنِّي فيكِ سَلْمى تَسامِيَا
وَيَزْدادُ عِشْقي الرُّوحَ عِشْقُ سُمُوِّها.. وَإِنَّكِ روحٌ قَدْ سَمَتْ كَسَمائِيَا
وَفيكِ الهَوى كَمْ طابَ عَذْبُ مَذاقِهِ.. وَقَدْ صِرْتِ يا سَلْمى الجَمالِ هَوائِيَا
قَدِ اشْتَجَرَتْ أَرْواحُنا وَتَمازَجَتْ.. وَصارَتْ أَنا سَلْمى وَصِرْتُ أَنا هِيَا
****
(سَتَظَلُّ سَلْمى غايَتي)
ما غابَ طَيْفُكِ وَالَّذي .. رَفَعَ السَّماءَ بِلا عَمَدْ
فَتَقَدَّمي لا تَشْتَكي .. لا يَشْتَكي إِلَّا الوَلَدْ
حَوَّطْتُ روحَكِ بِالهَوى .. عَوَّذْتُ نَبْضَكِ مِ الحَسَدْ
كُلُّ الكَلامِ قَرَأْتُهُ.. في السِّرِّ مِنْ خَوْفِ الرَّصَدْ
وَهَتَفْتُ وَيْحَ مُعَذِّبي.. أَيَظُنُّ أَنِّي أَبْتَعِدْ؟
سَتَظَلُّ سَلْمى غايَتي.. وَتَظَلُّ حُبِّي لِلْأَبَدْ
شعر: محمود مرعي