ثلاث قصائد من وحي يوم الأرض
تاريخ النشر: 31/03/14 | 11:33بقلم: فاروق مواسي
ثلاث قصائد من وحي يوم الأرض
1- السِّتَّةُ في حِوار
سَألوني : مَاذا تَكْتُبُ في يَوْمِ الفَصْلْ ؟
يَوْمَ ارْتَفَعَ الصَّوْتُ بِوَجْهِ المَوْتْ
إذْ عاشَتْ سِتَّةُ أَصْواتٍ كالدَّهْرْ
وَجَرى في نَبْضِكِ في نَبْضي نَهْرْ
خَرَجَ السِّتَّةُ إذْ كانَتْ غُصَّةُ قَهْرْ
تُطْلَقُ في جَهْرْ:
إنَّا في سِلْم نَمضي لِلأَرْضِ
بِالرُّوحِ وَبِالدَّمِّ
نَفْديكِ أيا أُمي
كَيْ نُطْلِقَ هذا الغَضَبَ الْمُتَأَجِّجَ مِنْ أَعْماقِ
الأَعْماقِ
إلى الدُّنيا عَلَّ الدُّنيا تَسْمَعْ
فَسَلامٌ يَوْمَ صَرَخْنا
وَسَلامٌ يَوْمَ قُتِلْنا
وَسَلامٌ يَوْمَ سَنَبْقى أَقْوى
خَرَجَ السِّتَّهْ
الأَوَّلُ والِدُه يُوصيهْ:
اِبْعِدْ عَنْ وَجْه السُّلْطَهْ!
واحْفَظْ حَقَّكَ يا وَلَدي!
فَيَجيب الوَلَدُ:
أنَّى لي أَنْ أَحْفَظَ حَقِّي
وَأمامي قَاضٍ وَغَريْم ؟؟!
أُبْعِدُ عَنْ وَجْهِ السُّلْطهْ
اِستِفْهامٌ أَمْ نُقْطَه؟
الثَّاني والِدُهُ يوصيهْ:
اِبْعِدْ عَنْ فِئَةٍ تُغْضِبُ
حاكِمَنا
واللَّهُ الْحافِظُ يَحْفَظُنا
فَيَجيب الثَّاني:
أنَّى لي أَنْ أَحْفَظَ حَقِّي ما دُمْتُ أَقولُ
اللَّهُ الحافِظْ
وأخافُ مِنَ الآراءِ كَأنِّي أَفْرِضُ نَفْسي ريشهْ،
هَلْ غَيَّرْنا ما في النَّفْس؟
الثَّالِث والِدُهُ يُوصيهْ:
أدرُسْ دَرْسَكْ!
مِنْ ثَمَّةَ تَسْلُكُ دَرْبَ الإصْرار!
فَيَقولُ الثَّالث:
ما جَدوى الدَّرْسِ إذا كانَ الشُّرْبُ سُمومًا
والطَّعْمُ سُمومًا في وَفْرِ دَسَم؟
الرَّابعُ والِدُهُ يُوصيهْ:
إنَّا مِنْ نورِ الشَّمسِ( فَما شَأْنُكْ؟
فيقُول بِلا رَدَّه:
( إنَّا نصِفانِ وَنُعطي مَعْنى الوَحْدَه)
الخامِسُ والِدُه يوصيهْ:
يا ياسين احْفَظْ (أَرْضَكَ عِرْضَكْ)
فَسَمِعْنا نايًا يَعْزِفْ، وَحُداءً في عَرَّابهْ
(يا بَهِيَّهْ خَبِّريني ….)
أمَّا سادِسَةُ الشُّهَداءِ فَكانَتْ أُنْثى مِنْ سِخْنينْ
كانَتْ رَمْزًا ليَقولَ لَنا:
الدَّرْبُ سِجالْ /
أَيْنَ رِجالْ؟؟
فاسْمُ الأرْضِ يُؤَنَّثُ تَأنيثَ مَجازْ
2.4.76
……………………………………………………
2- يوم الأرض
يا شَعْبِيَ العِمْلاقَ إنَّكَ مُلْـهمي * * * أنت الكَريمُ وَما سِواكَ مُعَلِّمي
قَدَّمْتَ كُلَّ ضَحِيَّة قُدْسِيَّةٍ * * * لِتُضَمَّ نَجْمًا في مَجَرَّةِ أَنْـــــــجُمِ
في كُلِّ شِبْرٍ مِنْ ثَراكَ لساعدٌ * * * سكبََ الدِّمــــــاء زَكِيَّةً لم تُرْهِمِ
أَحْياءُ هُمْ، وَمُخَلِّدونَ، وَنُورُهُمْ * * * هَـــدْيٌ لَنـا في كُلِّ لَيْلٍ مُظْلِمِ
فَلَئِنْ صَرَخْنا يَوْمَ أَرْضٍ إننا ** ذُقنا المَرارةَ والأذَى مِنْ مُجْرِمِ
وَلَئِنْ تَجَمَّعْنا عَلى دَرْبِ الوَفَا * * * فَلأَنَنَّا مُتْنا وَلَـــمْ نَسْتَــــــــسْلِمِ
أَحْكامُهُمْ جَارَتْ وَظَلَّتْ وَصْمَةً * * أيكونُ خَيْرٌ في لُعابِ الأرْقَمِ؟
خَلَقوا القَوانينَ الَّتي في نَصها ** خَنَقوا الحُقوقَ وَصادرونا في الدَّمِ
في قَتْلِ نَفْسِ الحُرِّ، في إيذائِهِ * * *في الكـيْدِ والتَّنْكيلِ في حِقدٍ عمي
كانوا لنا طَعْمًا مَريرًا عَلْقَمًا * * * هل تَصْبِرونَ على مَرارَةِ عَلْقَمِ؟
يا مَنْ تَخاذَلْتُم وَكُنْتُمْ عَوْنَهُمْ * * * وَسَتَنْدَمون وَلاتَ سـاعَةَ مَنْدَمِ
عودوا إلَى شَعْبٍ يُكَلِّلُ نَصْره * * * مَجْــــدًا وَيَبْقى فِعْلُه كَالمَعْلَمِ
إنّا سَنُرْضِعُ كُلَّ طِفْلٍ بَعْدَنا
لبنَ الكَرامَةِ وَهو عَذْبُ المَطْعَمِ
29.31977
………………………………………………………………………………………………………………………….
3- أَسْماكُ الْقِرْش
(أو صورة تسجيلية لما وقع في قريتي باقة الغربية يوم الأرض سنة 1977).
وَمَرَّةً رَأَيْتُ قِرْشًا مَيِّتًا
يُباع لَحْمُهُ لِمَنْ يَمتارْ
فَسِرْتُ ثَمَّ قُلْتُ:
( هذِهِ نِهايَةُ الدَّخيلِ للدَّمارْ)
وَبَعْدَها بِبُرْهَةٍ كانَ النِّداءْ
بِأَنَّ قِرْشًا فاغِرًا فَمَهْ
وَيَحْمِلُ العِداءْ
يَطوفُ في باقَةَ في الشِّوارِعْ
وَيَقْذِفُ القَنابِلَ الَّتي تُهَيِّجُ الْمَدامِعْ
تُهاجِمُ الأَطْفالَ في الْمَدارِسْ
شَراسَةُ الأوغادِ، تَقْحَمُ الْجَوامعْ
عِصيِّهُم سِلاحُهُمْ وَنَقْمَةُ الغَضَبْ
تُلاحِقُ الكِبارَ والصِّغارْ
(فَتَحْتُ عَيْنِي مَرَّتَيْنْ
لأَنَّني ظَنَنْتُ أَنْ قَدْ مَسَّني دُوار)
وَهُم يُجَرْجرِونَ خَمْسَةً وراءَ مَرْكَبَهْ
يُمَثِّلونَ لُعْبَةَ الْقِطارْ
وَتُصْفَعُ الْعَجوزُ صَفْعَتَيْنْ
وَتُكْسَرُ الأَبواب، يَبْكي طِفْلُنا الْحَبيبْ
وَتُقْذَفُ الْحِجارْ
أيْقَنْتُ أَنْ لا بُدَّ مِنْ قِرْشٍ أغارْ
ها هُمْ يُكَسِّرونَ، يَصْرُخونَ يَهْجُمونْ
وَيَشْتُمونَ يَرْكُضونْ
حَتَّى يُضيفَ القِرْشُ نَصْرًا في سِجِلاَّتِ انْتِصارْ
يُمَزِّقون رايَةً مِنْ فَوْقِ دارْ
يَعْتَقِلونَ خَمْسَةً وَيَنْظُرونْ
بِنِظْرَةِ احْتِقارْ
وَيَزْحَفُ الْحِقْدُ
على عُيونِنا الغِضابْ
وَيَضْرِبونَ يُلْحِقونَ الضَّرْبَ في الأَشْجارْ
ومَا دَرَوا
بِأَنَّها تَموتُ في انَتِصابْ
ـ عَلَّمْتُمُونا يَوْمها دَرْسَيْنِ في الحِسابْ
1 ـفي أَننا مَعًا وَعِنْدَكُمْ عَلى صَعيدْ
2 ـوَصاحِبُ الأَموالِ مَنْ يُوهِمُ نَفْسَهْ
بِأَنَّهُ السَّعيدْ
تكَشَّفَتْ لَهُ حَقيقَةُ الثَّراءْ
فالعارُ والشَّنارْ
سَيُخْذَلُ التَّتارْ!
فَسَجِّلوا وَجَلْجِلوا
فَلْيُخْذَلِ التَّتارْ !!!
31.3.77
(ألقيت في الاجتماع الاحتجاجي بباقة الغربية)
………………………………………………………………………………………………………..
القصائد الثلاث تجدها في مجموعتي الشعرية “يا وطني”. كفر قاسم: مطبعة الشعب- 1977 ، ص 3- 14.