الحكيم من يرفض “الجنون” ولو خسر الكثيرالكثير!
تاريخ النشر: 18/09/18 | 0:36رحم اللهُ الأديب الشاعر الرسّام جبران خليل جبران، إنّه قامة شامخة عملاقة في الأدب والفكر والرؤيا، بعبقريّته استطاع أن يستشرفَ الكثير من خفايا النفس البشريّة، والقضايا المصيريّة التي تشغل الناس.
أتذكّرُ نصّه الرائع “الملك الحكيم” الذي يحكي قصّة ملك “حكيم” أحبّه شعبُه .. وفي يومٍ من الأيّام جاءت ساحرةٌ وسكبت مسحوقًا في البئر الوحيدة التي يشرب منها المواطنون، وكانت النتيجة أنّ كلّ من يشرب من تلك البئر يُصاب بالجنون.. شرب الجميع فجنّوا ما عدا الملك ووزيره ..
شاور الملكُ الوزيرَ .. فاقترح عليه ذلك الوزيرُ أن يشربا ليصيرا مثل جميع المواطنين،
ففعلا وجنّا، فهتف الشعب كلّه هتافات الفرح والسعادة لأنّ الملكَ ووزيره انضمّا لهم – لجوقة “المجانين”!
الغريب العجيب أنّ بعضًا من الأدباء وعشّاق الأدب والمعلّمين والطلاب برّروا وأيّدوا تصرّفَ الملك ووزيره، والحجّة هي: الحفاظ على كرسيّ العرش، والخضوع لرأي وتصرّف الغالبيّة!
أمّا أنا فكنتُ، وما زلتُ، من الرافضين – وبدون تردّد – لتصرّف الملك ووزيره، فكيف أستسيغ “الجنون”، فالجنون هو الجنون، هو فقدان العقل والتصرّف العقلانيّ الحكيم!
ما زلتُ مصرًّا على موقفي، أنّ جبران ببصيرته النافذة أراد أن يسخر من ذلك الملك “الحكيم”، فهو لا يقبل، ولا يرضى، ولا يبرّر “الجنون” حتّى ولو جنّ الجميع، وأنا مثلُه لا أقبلُ ولا أرضى ولا أبرّر “الجنون” وفقدانَ العقل حتّى لو بقيتُ في الساحة وحدي، وحتّى لو خسرت تاج الملكيّة، وكرسيّ العرش!!
من الدكتور محمود ابو فنة
وايضا قال السيد جبران “احتقرتُ نفسي سبعَ مرَّات”
ثالثها عندما خُيِّرتْ بين السَّهل والشَّاق ففضَّلت السَّهل
الملك الحكيم يختار انقاذ البلد اويجاد الدواء لكل داء ، اما العاقل فيمشي مع التيار .
بارك الله بك استاذ محمود على المقال الجميل والمميز.