هدايا الحاقدين
تاريخ النشر: 27/09/18 | 7:39ما أجمل أن تكون محاربا ، دون أن تضطر للمحاربة ، فإن اضطررت ، فما عليك سوى اختيار عدو يليق بك ، ويشرفك ، لأن العدو الرخيص لا يقحمك سوى بحروب بخسة ومشوهة ، تفتقر إلى روح الآنفة وسيماء الكبرياء والذكاء !
لم يكن الفيلسوف هيغل مخطئا حين اعتبر أن ” الحسد أغبى الرذائل ” ، كذلك لم يكن شكسبير ، طالما أنه أحال الغيرة إلى الغباء ، والضعف ، ولأن لفرويد جنونه ، و خبثه ، الذي لايروق لهذا الوعي ، سأستثنيه بتطرف مطلق ، يليق بمن يدسون العسل بالسم !
ولكن ما الذي عليك أن تفعله حين تواجه هذا النوع من العواطف الجامحة أو النوازع الكارثية ؟
بدك الصراحة أو بنت عمها أيها القارئ ؟
خذ ابنة العم ولن تندم ، لأنك بدل أن تحزن ، ويستبد بك المقت والغم ، عليك أن تجري تعديلا عاطفيا على استجابتك للنوازع السلبية ، فنفرح بغيرة حسادك منك ، بما أنها اعتراف صريح بأنك الأفضل ، كما قال أحد الحكماء يوما ما !
في هذا الزمن الواطئ ، تزدحم القيعان بأعداء لا يبارحونها ، فإن أردت أن تتخلص من هذا الازدحام ، عليك التوجه إلى القمم ، هناك تستريح من عناء الاكتظاظ ، وتحس بمتعه التفرد ، والانفراد بذاتك ،وتشتم رائحة المنتهى عن قرب ، كأنك جار السماء !
ولكن ماذا عن النساء ؟ !!!!!
لم يكذب الصينيون حين قالوا : أن المرأة كالحاكم ، لا يسهل أن تعثر على أصدقاء مخلصين ، ولأنني أحدثكم بكامل ذكورتي ، أستطيع أن أحس بآلامهن ، وهن يشققن بطن الآلهة ، لينقذن الملائكة من الحبال السرية التي تتحول إلى مشتقة حين يختفي ألم المخاض ، ويعلنّالحداد !
ليس المطلوب منك أن تشفق عليهن ، لأنك لن تستحق حينها سوى طلقة سوداء تستقر في كبدك ، كلعنة موت ، ولن يحتجن إليك ، لتكون رفيقا يثير الحذر أكثر من الطمأنينة ، أو وصيا ، أو مُحْرَما ، لأن الحجيج إلى ملكوتهن ، يتطلب منك أولا وأخيرا أن تكون امرأة ، على طريقة محمود درويش في كتابه : سرير الغر يبة ، أو على طريقة شاعر البلاط الملكي البريطاني : تيد هيوز ، حين تقمص حالة الإجهاض في قصيدته اللعينة : ” أحمر ” !
تعرف شو ؟ بصراحة لن تستطيع أن تكون امرأة ، وكيف تكون ، و أنت لست بشاعر ولا نبي ولا حكيم ولا أسطوري ولا مجنون ، ولن يكفي كونك رجلا ، لكي تستطيع ألا تكون !
هناك … في مخادع الحوريات ، طقوس غاية في السحر والفتنة ، وبلا شبهات ، طقوس سرية ، يمارسن بها اللغة مع اللغة ، والحب مع الحب ، و الحرب مع الحرب …. وكل مشبوه يتلصص على أحقادهن و أسرارهن ، هالك لا محالة !
إنهن ينجبن الوطن كل صباح ، وهن يقمن بإعداد القهوة مع جنيات الطبيعة المتخفيات بنكهة الشيكولا السوداء أو الفراولة الغريرة ، يقطفن شتلة حطب من مروحة النار ، لكي يحتسين البن بشفاه لاهبة ، ورغبات ماكرة ….فهل تستطيع إذن أن تحاربهن !!!
قل لفلسطين ، أن تنتظرهن عند سفح الجبل ، فهن في طريقهن إلى الله ، بكامل جأشهن الرقيق وصبرهن الوحشي ، قل لفلسطين …أن تحلق شواربها ، إذن ، وترتدي شال القمر الشفيف ، و تضع روجا ورديا ناعما ، وكحلا عربيا ناعسا ، وتفك جدائلها على مرأى البحر ، وتخلع حذاءها العسكري ، لترتدي كعبا يطاول البروج ، دون أن تعترف أنها امرأة ، ليس من ضعف ، أو قلة حيلة ، بل من مكر ، و تحد و عنفوان …. وغواية !
حسنا أيها الحاقدون ، ما أجمل هداياكم …. التي تخض عروق المثابرة و الإبداع ، فلا تثني العزائم ، ولا تثبطها بقدر ما تنعش الروح ، و توقظ الهمم ….. شكرا لكل تلك الهدايا ، التي تليق فقط بمن يعدون بالمزيد من أسباب الغيرة والحقد ، طمعا ، بالاستزادة من طاقة الشحذ !
لينا ابو بكر مغتربة تقيم في لندن