بركة وطيبي: قانون القومية يمهد لما هو أخطر في العنصرية الاسرائيلية
تاريخ النشر: 30/09/18 | 22:36أكد رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة، والنائب د. أحمد الطيبي، في ندوة في جامعة القدس المفتوحة في القدس، على أن خطورة قانون القومية الصهيوني الاقتلاعي العنصري، تكمن في أنه يمأسس من جديد، نظام الفصل العنصري، ويضع قاعدة “قانونية” لمزيد من التشريعات والقوانين العنصرية.وقد عقدت الندوة بدعوة من كلية الحقوق في في جامعة القدس تحت عنوان “قانون القومية اليهودية ومخاطره على الحقوق الوطنية الفلسطينية”. وشارك فيها، أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس د. ضرغام سيف، بحضور رئيس جامعة القدس د. عماد أبو كشك.
وقال رئيس المتابعة محمد بركة، إن قانون القومية الذي كان مدرجا على جدول أعمال الكنيست منذ العام 2011، بعدة صياغات، تعمّدت الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، اسقاط بند المساواة في الحكومة، لتؤسس بشكل دستوري نظام الفصل العنصري الأبرتهايد. وحينما نقول “أبرتهايد”، فإن هذا مثبت بشكل علمي في بنود القانون، بدءا من البند الأول الأساس في القانون، الذي يعتبر فلسطين التاريخية، على أنها “الوطن التاريخي لليهود”.
وتابع بركة، أن مصطلح “ارض إسرائيل”، مختلف في تفسيره بين الطوائف اليهودية، فهناك من يعتبرها من النيل الى الفرات، وهناك من يراها تمتد على ضفتي نهر الأردن، وهناك من يراها كل فلسطين التاريخية من البحر الى النهر، بمعنى أنه في كل الصياغات، يجري الحديث عن كل فلسطين التاريخية. ومعنى اعتبار فلسطين التاريخية “وطن اليهود التاريخي”، فهذا يعني أن فلسطين ليست وطن شعبها الفلسطيني.
وقال بركة، إن هناك من يرى أن قانون القومية أنهى عمليا مشروع حل الدولتين، وهذا صحيح، ولكن في ذات الوقت أنهى كل الحلول الأخرى، من “الدولة الواحدة”، و”الدولة ثنائية القومية”. بمعنى أن هذا القانون ينفي أي حل فيه ملامح ولو محدودة لحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني في وطنه، ويلغي أي إمكانية للمساواة في حقوق المواطنة، بموجب ما التزمت به إسرائيل في العام 1948 لدى قيامها، وكما نعلم فإن إسرائيل لم تنفذ هذا الالتزام.
وشدد بركة على أن خطورة هذا القانون تكمن أيضا في كونه قانون أساس، بمعنى قانون دستوري، يلغي أي قانون آخر يتعارض مع مضمونه، بما في ذلك قوانين نصت على المساواة، رغم عدم تطبيقها، بمفهومها الإنساني والصحيح. وأضاف، أن العدائية للغة العربية، لغة الوطن الاصلية، تعكس هي أيضا العقلية العنصرية الصهيونية.
وقال بركة، إن التاريخ الحديث عرف ثلاثة أنظمة وضعت قوانين التفرقة العنصرية، “الأبرتهايد”: في الولايات المتحدة الأميركية في القرن التاسع عشر، إذ تم استثناء السود، بصفتهم “عبيدا”، والسكان الأصليين في القارة، من نسميهم “الهنود الحمر”، من الحقوق والمساواة. وثانيا في القرن العشرين جنوب أفريقيا. والآن في القرن 21، إسرائيل، ضمن قانون القومية.
واستعرض بركة ما تقوم به لجنة المتابعة العليا، والقائمة المشتركة في الكنيست، على الصعيد الدولي، وقبله على الصعيد الميداني الشعبي. وقال، لقد أجمعنا في لجنة المتابعة على أن هدفنا هو الغاء القانون كليا، لأن هناك من رأى، وبالذات في الشارع الإسرائيلي، أنه يمكن تعديل هذا القانون بإضافة بند للمساواة المدنية، بمعنى محاولة فاشلة لتجميل الوجه القبيح لهذا القانون الذي نرفض الأساس الذي بني عليه.
وقال إن لجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء والقائمة المشتركة، توجهوا بالتماس مشترك للمحكمة العليا أعده مركز عدالة الحقوق، وهو التماس مبني على مرتكزات ومواثيق دولية جدير بالدراسة. وتوجهنا للمحكمة العليا، هو بمثابة امتحان آخر لها، لأنها في حال رفضت الالتماس، تكون قد تبنت القانون، وأثبتت مجددا أمام العالم، أنها جزء من المؤسسة الصهيونية العنصرية الحاكمة. وهذا بالضبط ما استوعبته وزيرة القضاء أييليت شكيد، التي مهمتها أصلا الدفاع عن جهاز القضاء واستقلاليته، إلا أنها راحت تهدد المحكمة العليا، في حال الغت القانون ولو جزئيا، معتبرة أن هذا سيكون ما أسمته “حرب سلطات”.
كما دعا بركة إلى القيام بمبادرة لاستعادة قرار في الأمم المتحدة لاعتبار الصهيونية حركة صهيونية، كما كان قائمة على مدى سنوات، وأسقط القرار في سنوات التسعين، وعلى هذا القرار أن يعود.
وقال بركة، إنه رأى أهمية، في ظل الاستعدادات المكثفة في هذه الأيام، أن يكون في القدس، عاصمة دولة فلسطين العتيدة، ليؤكد منها، على أهمية الاضراب العام لشعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، لتكون وقفة شعب واحد، ضد قانون القومية الصهيوني الاقتلاعي العنصري.
وقال النائب أحمد طيبي، إن هذا القانون لا يتعلق فقط بنا نحن فلسطينيي الداخل، بل بكل الشعب الفلسطيني أينما وجد. ويهدف أساسا لإلغاء الرواية الفلسطينية، وتكريس الراوية الصهيونية، بعكس الواقع تماما. كما أن اقصى ما يقدمه القانون لنا كفلسطينيين هي حقوقا فردية، وليس حقوقا جماعية، وعلى هذا الأساس سعى نتنياهو الى الغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، لأنها هي أيضا عنصر أساس في الحقوق الجماعية.
وتابع الطيبي قائلا، إن هذا القانون فيه “ايجابية” واحدة، أنه ضمن لنا وثيقة إسرائيلية رسمية، تثبت ما نقوله للعالم على مر السنين، بكون إسرائيل دولة عنصرية، وتمارس أنظمة الفصل العنصري. فالدولة التي تؤمن بالديمقراطية عليها أن تضمن أولا المساواة بين جميع المواطنين. بينما هذا القانون يفرز مجموعتين من القوانين، الأولى ذات حقوق كاملة وتفضيل، وهم اليهود، والثانية منزوعة الحقوق، ويسمونهم “غير اليهود”. وعلى أساس هذا القانون بات أسهل أن تشرح للدبلوماسيين والهيئات الدولية، كما فعلنا في القائمة المشتركة ولجنة المتابعة في الأسابيع الأخيرة.
وقال الطيبي، إن سن هذا القانون في هذه المرحلة، لا يعني أن إسرائيل ديمقراطية وقررت فجأة التوقف عن نظامها هذا، بل هي عنصرية على مدى السنين. وهذا القانون جاء ليثبت سياسات، واختارته قانونا أساسيا، بمعنى قانون دستوري، لتكون له مكانة علوية، أمام القوانين الأخرى. والهدف من سن هذا القانون في هذه المرحلة، هو أن إسرائيل فشلت في السنوات الأخيرة في أن تفرض على القيادة الفلسطينية، وعلينا نحن أيضا، الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. واعتراف منا بتعريف كهذا، يعني التنازل عن حق عودة اللاجئين، وتقرير المصير. وأن نكون نحن مجرد رعايا وكأننا لاجئين في وطننا
وقال المحامي الدكتور ضرغام سيف إن “قانون القومية” قانون دستوري، ولا يمس الفلسطينيين بشكل مباشر إنما يمكن من خلاله سن التشريعات العنصرية وإضفاءه صفة الدستورية الشرعية،.
وأكد الدكتور ضرغام سيف، أن القانون سيكون بوابة لسن قوانين عنصرية أخرى في المستقبل تمس بحقوق الفلسطينيين، بناء على كون الدولة تعرف كدولة لليهود فقط، وتقصي جميع الفلسطينيين كمجموعات وأفراد.
وفي مداخلته، رحب رئيس جامعة القدس الأستاذ الدكتور عماد أبو كشك بالمتحدثين، شاكراً لهم حضورهم ومشاركتهم في هذه الندوة الهامة، مبيناً أنها تأتي في الوقت الذي نحن بحاجة ماسة فيه لفهم دقيق “لقانون القومية” وتبعاته وأبعاده السياسة والقانونية، الأمر الذي ساهمت هذه الندوة بتوضيحه ورفع الوعي العام تجاهه. وأكد أ.د. ابو كشك على ضرورة تظافر كافة الجهود وتسخير الامكانيات في فلسطين وخارجها للحفاظ على حقوق الانسان الفلسطيني، وهويته الوطنية وتعزيز ثباته على ارضه.
وأشار د. محمد خلف، عميد كلية الحقوق في جامعة القدس، على أهمية عقد اللقاءات القانونية في الجامعة كونها تسلط الضوء على أبرز ما يتعرض له الفلسطينيين، من انتهاكات اسرائيلية وتعدي على حقوق الفلسطينيين وطمس لوجودهم التاريخي في الأرض.