الكاتب والإعلاميّ نبيل عمرو في كفر ياسيف
تاريخ النشر: 21/11/18 | 21:11بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لرحيل القائد ياسر عرفات
مؤسسة “محمود درويش” للثقافة والاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين يستضيفان الكاتب والإعلاميّ نبيل عمرو
جاءنا من الناطق الرسميّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل الشاعر علي هيبي: استحضارًا وإكبارًا لروح قائد الثورة الفلسطينيّة الرئيس ياسر عرفات وفي ذكرى رحيله الرابعة عشرة، دعت مؤسّسة “محمود درويش للإبداع والثقافة” – الجليل والاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل، الكاتب والإعلاميّ الفلسطينيّ والمستشار السابق لأبي عمّار نبيل عمرو لأمسية ثقافيّة تناولت نقاشًا حول كتابه عن الزعيم الفلسطينيّ وعنوانه “ياسر عرفات وجنون الجغرافيا” وكان ذلك يوم السبت الموافق للسابع عشر من الشهر الحاليّ، في مقرّ المؤسّسة في كفر ياسيف.
وبحضور رئيس مجلس كفر ياسيف المنتخب الأخ شادي شويري افتتح الكاتب عصام خوري المدير العامّ لمؤسّسة “محمود درويش” الأمسية بكلمة ترحيبيّة قصيرة، استهلّها بالمباركة لرئيس مجلس كفر ياسيف مهنئًا إيّاه بالفوز ومطالبًا بخدمة الأهالي والبلد وبالذات المؤسّسات الثقافيّة، كما رحّب خوري بالضيف القادم من رام الله الأخ نبيل عمرو محور الأمسية وبالمتحدّثيْن: الكاتب سعيد نفّاع الأمين العامّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين والكاتب د. محمّد هيبي عضو الأمانة العامّة وبالحضور عامّة. وكان من المفروض أن يشارك في الأمسية المحامي جواد بولس عضو إدارة المؤسّسة، لكنّه اعتذر لوعكة صحيّة.
وفي تحيّته نوّه الرئيس المنتخب شويري بدور المؤسّسات الثقافيّة والأدبيّة في رفع مستوى الحراك الثقافي وصيانة اللغة العربيّة، وبخاصّة مؤسّسة “محمود درويش” والاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين، معربًا عن استعداده لإسناد هذه المؤسّسات وغيرها معنويًّا ومادّيًّا، وطالب بتكثيف هذه الفعاليّات التثقيفيّة المثرية.
وكانت المداخلة الأولى للكاتب سعيد نفّاع، وقد تناول الجانب السياسيّ في شخصيّة عرفات كما تنوولت في الكتاب، مثمّنًا جهد الكاتب الشاهد الذي نقل الرجل كما كان، بلا زيادة ولا نقصان، وتطرّق إلى علاقاته الإشكاليّة في الواقع السياسيّ المضطرب مع الرؤساء العرب والأجانب في ظلّ الدفاع عن الثورة الفلسطينيّة منذ النكبة ونشوء حركة “فتح” ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة في المنفى وحتّى الفصل الأخير من أوسلو والعودة إلى أرض الوطن. ونوّه نفّاع بقدرة عرفات وجرأته على تحييد الأيديولوجيا والجمع بين المتناقضين الأيديولوجيّين كي يحقّق مكتسبات سياسيّة ووطنيّة، ونوّه بقدرة الكاتب التوثيقيّة بتقديم شخصيّة عرفات كقائد كبير له علاقاته العليا مع الكبار، ولكنّه كان أيضًا على علاقة مع البسطاء من الناس.
أمّا المداخلة الثانية فكانت من نصيب د. محمّد هيبي، وكان محورها الجانب الأدبيّ والفنّيّ في الكتاب، بمعنى الحديث عن عناصر قصصيّة أو روائيّة، لأنّ الكتاب لا يمكن أن يؤخذ بوصف واحد، فهو سيرة غيريّة وذاتيّة في آن واحد، كون الكاتب كان على علاقة مباشرة مع القائد، وفيه من عناصر الرواية التي تجعله رواية – وثيقة كونه يبتعد عن التخييل الفنّي المميّز للرواية بمفهومها كنوع أدبيّ. وقد أشار هيبي إلى مدى أثر الجغرافيا التي تحوّلت إلى هاجس جنونيّ في وجدان عرفات كما أظهره الكاتب المشارك، ومن خلاله دلّنا على كثير من التفاصيل الخفيّة في حياته وعلاقاته. ولأنّ شخصيّة عرفات قلقة بطبيعتها وقادرة على أن تثير القلق فيمن حوله، فقد حاول الكاتب إضفاء رسم فنيّ على القائد لتظهر بمظهر الشخصيّة الروائيّة، وكان الكاتب هو الراوي الذي لم ينحصر دوره على السرد ولم يكن مجرّد همزة وصل بين القارئ والنصّ، بل استطاع من خلال السرد والحوار أن يعكس الشخصيّتين: الراوي المشارك والمرويّ عنه في مواقف روائيّة بارزة.
وكانت المداخلة المركزيّة لصاحب الكتاب الأخ نبيل عمرو، وفي مستهلّها شكر الحضور والمؤسّستيْن اللتيْن بادرتا لعقد وإنجاح هذا اللقاء، كما هنّأ رئيس المجلس المنتخب وشكر صاحبيْ المداخلتيْن: نفّاع وهيبي، وبعد ذلك تحدّث عن تميّز كتابه عن الرئيس عرفات عمّا كتبه كثيرون من قبل كونهم إمّا غالوْا في المدح أو في القدح، ولكنّ عرفات في الكتاب شخصيّة حقيقيّة صوّرت كما هي في الواقع الحقيقيّ سياسيًّا وإنسانيًّا، وهو ما نوّه به المفكّر الفلسطينيّ فيصل حوراني في تقديمه للكتاب. ثمّ تطرّق عمرو إلى عنوان الكتاب، وقدّم تفسيرًا لمصطلح “جنون الجغرافيا”، وذلك بأنّ عرفات كان مسكونًا بالجغرافيا الفلسطينيّة إلى حدّ الجنون، لا يطيق البعد عنها ويسعى كي يكون على الأقلّ على جغرافيا قريبة وممكنة للتحرّك منها إلى تحقبق ما أمكن من الحريّة في الجغرافيا النهائيّة والحلم فلسطين. ولذلك كان الخروج من لبنان سنة 1982 إلى تونس ضربة قاسية، فقد كانت فلسطين على مرمى حجر من قواعد الثورة وقوّتها، والآن تقع على بعد ثلاثة آلاف ميل عن الجغرافيا الحبيبة وعن الحريّة والحلم. وقد تناول الكاتب الماهر جوانب من شخصيّة القائد المحنّك، والتي من أبرزها موهبته في النجاة من الموت، وقدرته على تحويل السئ إلى جيّد بمفهوم تجنيد المكاسب للشعب الفلسطينيّ وثورته، مثلًا بانتقاله وفي ظروف عصيبة من استخدام الجغرافيا اللبنانيّة إلى الجغرافيا السياسيّة بزيارته إلى مصر بعد “كامب ديفيد”، وما كان من هجوم عليه بسبب هذا السلوك، وأخيرها قبوله باتفاقيّات أوسلو، وهو بنظره محطّة هامّة في تاريخ الشعب الفلسطينيّ رغم إفشاله من قبل حكومات اليمين الإسرائيليّ المتطرّف، مع ذلك صار للفلسطينيّين في الضفّة والقطاع وبعد عودة نصف مليون واعتراف العالم بشرعيّة الوجود الفلسطينيّ بدولة إلى جانب إسرائيل، صار لهم جواز سفر وطنيّ ومناهج تعليميّة وجامعات ومعاهد عليا معترف بها، وهو ما جعل القضيّة الفلسطينيّة وحركتها الوطنيّة باقية على طاولة العالم، رغم كلّ ما يُحاك من صفقات ومؤامرات، آخرها صفقة القرن ونقل السفارة الأميركيّة إلى القدس وصور التطبيع العربيّ العلنيّ والفاضح للأنظمة الخليجيّة الآيلة للسقوط.