قرية ديشوم المهجرة
تاريخ النشر: 25/11/18 | 8:03ديشوم قرية عربية فلسطينية تتبع قضاء صفد، وقريبة منها، تحيط بها أراضي قدَس والمالكية وعلما، كما وأنها قريبة من الحدود اللبنانية، احتلت قرية ديشوم وتَهَجر سكانها بتاريخ 30 تشرين الأول سنة 1948 ودُمِرت بيوتها، اشتهرت بالزيتون والصبر وتربية الخيول. زُرتها يوم السبت 17 تشرين الثاني 2018 ، ولم أشاهد أي مبنى قائم، كما وأن شجيرات الصبار التي كانت تغطي مساحة كبيرة من سفح الجبل بالقرب من القرية حتى سنوات قليلة ، قد جَفت وبصعوبة يمكن مشاهدة سيقانها. أما عين البلد ما زالت موجودة لأن سكان المسطوطنة “ديشون” التي أقيمت سنة 1953 على أراضي ديشوم وبالقرب من النبع قد استغلت مياهها للشرب والري. تظهر حتى اليوم الجدران التي بنيت من أجل تجمع مياه النبع، خلف هذا البناء يوجد سلم حديث للهبوط والصعود من العين، وجود السلم يدل على أن هناك من يستمر في استغلال مياه النبع، وجدنا مدخل النبع مغطى، قد يكون الغطاء من أجل منع النحل الموجود في المنحلة القريبة الدخول والغرق في مياه النبع.
نشاهد الكثير من كروم الزيتون بجوار قرية الديشوم المهجرة، والتي كانت مبنية على السفح الجبل المطل على وادي الحنداج (وادي ديشوم، وادي فارة) ، وحسب المصادر الموثقة من سنة 1596 كانت هذه القرية تدفع الضرائب للدولة العثمانية عن طريق والي صفد، فكانت تؤدي الضرائب على الحبوب كالقمح والشعير، وعلى الزيتون والزيت،وعلى الثروة الحيوانية كالماعز والخيول والنحل. في أواخر القرن التاسع عشر كان عدد سكان ديشوم أكثر من 400 نسمة، سكنوا في بيوت حجرية، اتخذ لسقفها بناء شكل الجملون لكي تقلل من تتراكم الثلوج عليها، وكانت البيوت متراصة بجانب بعضها.
ولكثرة أشجار الزيتون ، كان في القرية ثلاثة معاصر لإستخراج زيت الزيتون. شاهدت في وادي ديشوم (وادي الحنداج) على مقربة من قرية ديشوم ثلاثة مطاحن للقمح، كانت تديرها مياة الوالدي والذي كان دائم الجريان، مما يدل على وفرة انتاج القمح لقرية ديشوم والقرى المجاورة، وكان في ديشوم وحدها ما يقارب خمسة الاف دونم مزروعة بالحبوب، أضف لذلك مساحة تفوق 600 دونم مروية، قسم منها عبارة عن بساتين.
كان جميع سكان قرية ديشوم من المسلمين، وكان بعضهم من أصول جزائرية، حاربوا مع المناضل عبد القادر الجزائري، في الثلاثينات والاربعينات من القرن التاسع عشر، ومن الأرجع أنهم جاؤوا معه إلى المنطقة عقب هزيمته ونفيه إلى دمشق. ولما كان بعض أسلافهم فرساناً في الجزائر، فقد عُني سكان ديشوم عناية شديدة بتربية الخيول.
المناضل عبد القادر الجزائري، هو عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى وهو ألابن الثالث لمحي الدين (سيدي محي الدين) شيخ الطريقة الصوفية القادرية. حارب الفرنسيين من أجل تحرير الجزائر، سُجِن في فرنسا، وفيها كان يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852 م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، واطلق سراحه وعامله معاملة الامراء وطلب منه أن يتخذ من فرنسا وطناً ثانياً فلم يوافق،ورحل الى إسطنبول وبعدها استقر في دمشق وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء والعلماء، استقر الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق من عام 1856 إلى عام وفاته عام 1883.
بعد أربعة أعوام من استقراره في دمشق، حدثت فتنة في الشام عام 1860 واندلعت أحداث طائفية دامية، ولعب الأمير عبد القادر دور رجل الإطفاء بجدارة، فقد فتح بيوته للاجئين إليه من المسيحيين في دمشق كخطوة رمزية وعملية على احتضانهم. توفي عن عمر يناهز 76 عاما، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية بدمشق لوصية تركها. وبعد استقلال الجزائر نُقِل جثمانه إلى الجزائر سنة 1965 ودفن في مقبرة الشهداء.
من سهيل مخول – البقيعة
راجعون بإذن إلله راجعون