أيُّها الـمتاجرون بالضَّحايا.. أستنكر استنكاركم!
تاريخ النشر: 27/11/18 | 14:34ارحموا المجتمع من لغطكم وتجارتكم الرَّخيصة بضحايانا، لِأَنَّ ضحايانا غالية علينا وليست باب تكسُّب وشهرة لكم.
إِنَّ مجتمعنا حيٌّ ومتقدِّم وليس كما يصوِّرونه، متخلِّفًا رجعيًّا ووو، والدَّليل أَنَّهُ هبَّ جميعه يستنكر ويرفض جريمة القتل الَّتي راحت ضحيَّتها الفتاة، الـمرحومة، يارا أيُّوب من الجشّ، وهو دليل أَنَّ الـمجتمع في وضع صحِّيٍّ، لِأَنَّ مرض الـمجتمع يكون بالصَّمت على الجريمة وليس باستنكارها،
يكذبون بزعمهم دومًا أَنَّ الـمرأة هي الحلقة الأضعف، ولذلك يقع العنف عليها، وهو زعم كاذب ووراءه أهداف رخيصة، فلو كانت الـمرأة هي الحلقة الأضعف كما يزعم أدعياء الدِّفاع عنها، لكان عدد القتلى من النِّساء أضعافه من الرِّجال، لكنَّ الواقع يقول العكس، بل في أحيان وجدنا أَنَّ الـمرأة ترتكب جريمة قتل الـمرأة، كما حدث في يافا، للمرحومة فاديا قدّيس، فقد كانت الـمتَّهمة هي ابنتها وخطيبها.
كلُّنا نستنكر وننكر القتل بما هو قتل، وليس القتل الواقع على الرَّجل أو على المرأة، لكِنْ تصوير قتل المرأة أَنَّهُ عنف ضدّ النِّساء وَأَنَّهُ ثقافة مجتمع، وذكوريَّة مجتمع، هو بحدِّ ذاته تفكير متخلِّف، وَإِلَّا ماذا نسمِّي قتل الرجل؟
حَتَّى اليوم، لم نقرأ أو نسمع صوتًا نسائيًّا يقول كفى للعنف ضدَّ الرَّجل، ودومًا فقط كفى للعنف ضدّ الـمرأة، مع أَنَّ القتلى الرِّجال، الذُّكور، أضعاف الإناث، وأكثر من يروِّج ويسارع في نشر هذه الصَّرخات جمعيَّات مشبوهة الـمقاصد والأهداف خاضعة لأجندات دخيلة علينا.
لقد قُتل اللَّيلة الـماضية، شابٌّ في قرية نحف، ولم نقرأ أو نسمع أيَّ صوت استنكار، فهل من قتل حيوان مثلًا؟ أقسم لو كان حيوانًا لهبوا مستنكرين بحجَّة الرِّفق بالحيوان، أَمَّا كونه رجلًا فلا حسٌّ ولا خبر ولا منكر ولا مستنكر، ربمَّا الرَّجل أرخص من الحيوان عند هؤلاء، أليس هذا نفاقًا ممن يصرخون كفى للعنف ضدّ الـمرأة؟ أليس صراخهم تجارة بدماء ضحايانا، وَأَنَّ وراء صراخهم أهداف ومطامع هم يعرفونها ويسعون من ورائها لتحقيق مكاسب رخيصة؟
إِنَّ كون مجتمعنا يستنكر القتل، دليل أَنَّهُ مجتمع حيٌّ وليس متخلِّفًا، أو الصِّفة الأخرى الَّتي يلوكونها (ذكوري)، فلماذا تسارعون بجلد الذَّات مع كُلِّ جريمة قتل؟ فالقتيل من مجتمعكم والقاتل من مجتمعكم، وأنتم من الـمجتمع، فأنتم جزء من الوصف الَّذي تطلقونه، فارحموا الـمجتمع من لغطكم، واصرخوا كفى للقتل والعنف عامَّة.
وهذه أغنية كتبتها للمرحومة يارا
يارا الوَرْدَةُ ما قَتَلَتْ إنسانًا
لكنْ قُتِلَتْ
بيدٍ قيلَ لإنْسانٍ
ودماها مسك يعبقُ في الأنحاءْ
حاشا الإنسان يُقَطِّعُ لَحْمَ الإنْسانْ
يارا افْتُرِسَتْ مِنْ وحْشٍ في هيئةِ إنْسانْ
يارا سقطتْ
لم تحملها القدَمان فما زالتْ طفْلَهْ
كانتْ تنظرُ للسِّكِّين تُقَطِّعُها
كانتْ تبكي لكنْ لم نسمعْها
يارا الوردةُ صارت قمرًا، نجمًا يسكن في الأعلى
يارا أوصت عند النَّزعِ بأن نرحمَها
أوصت أن نتَحَرَّر من وجه تخلُّفنا
من وحشيَّتنا
أوصتنا أن لا نقتلَ يارا أخرى
بقلم: محمود مرعي