“أدب الأطفال” بأمسية ثقافية في نادي حيفا
تاريخ النشر: 12/12/18 | 16:08أقام نادي حيفا الثقافي يوم الخميس الفائت أمسية حول أدب الأطفال أهميته، أهدافه، انتشاره وتجربة الكتابة. ارتشفنا البداية أنسا بفقرة ترحيب وتأهيل بالمناضلة الأممية إيفا (سميرة) حمد ، هي الممرضة التي استشهد زوجها في مخيم تل الزّعتر، واصيبت بجروح بالغة نتج عن ذلك بتر ذراعها وفقدانها الجنين الذي كان في أحشائها، ورغم ذلك بلسمت جراح تل الزعتر وجراحها ورفضت ترك المخيم وقضية فلسطين إلى اليوم. فكرّمها نادي حيفا الثقافي برئاسة المحامي فؤاد مفيد نقارة إلى جانبه زملاؤه من النادي بدرع تكريم يليق بشخصها بعد أن منحها منصة أشركت الحضور من خلالها بتجربتها المريرة وجراح تل الزعتر إبان الحصار والمجزرة. ثم عبرت عن تأثرها البالغ بحفاوة استقبال الأهل لها لا سيما وأن النادي (المحاميان فؤاد نقارة وحسن عبادي) رافقاها خلال مكوثها في حيفا -وعلى مدار أيام- في جولات خاصة كانت بدايتها مدينة الناصرة ثم حيفا بأحيائها العربية، حي وادي النسناس العريق ووادي الصليب. وفي اليوم التالي إلى الشمال، منطقة الكنائس، بحيرة طبريا وصولا لهضبة الجولان، بقعاتا وقرية الخالصة المهجرة وجولة في مدينة عكا. جولات على أيام متتالية لامست وجدانها واستوطنت قلبها.
استأنفت بعدها الأمسية وتولّت عرافتها الناشطة الثقافية خلود فوراني سرية ففي مقدمة لها عن أدب الأطفال وتطوره عند العرب جاء أنه بما أن الأدب مطاوع للحياة ومتفاعل معها وليس مصورا لها فقط، بدأ العرب في مرحلة معينة يفكرون في خلق أدب له فلسفته الخاصة بمراحل الطفولة من أجل بناء مجتمع يعتمد على نهضة فكرية علمية لا شكلية قشرية وهذا تأثرا بأدب الأطفال عند الكتاب الأوروبيين الذي كان أسبق إلى الحياة منه عند الكتاب العرب.ولعل أول من قدم كتابا مترجما عن الإنجليزية للأطفال هو الكاتب المصري رفاعة الطهطاوي وكان أدب الأطفال في حينه قد وصل أوجه في فرنسا وتمثل بكتابات تشارلز بيرو.إلا أن عرش أدب الطفولة قد بُني فعلا على يدي أمير الشعراء أحمد شوقي الذي بثقافته الشاملة وحدسه وطبيعته الانسانية اعتمد الحكمة وإيصال المعرفة بأسلوب غنائي جميل وبكلمات رقراقة فاعلة.كانت المداخلة الأولى لمبادِرة في مجال أدب الأطفال، منال صعابنة فاستهلت مداخلتها بربط صدفة تكريم إيفا في أمسية تخص أدب الطفل وهي من السويد، وكون أدب الأطفال السويدي له دور ريادي في العالم، وتطرقت إلى الترجمات الكثيرة لكتب أطفال من السويد للغة العربية.ثم شرحت عن مسار التأهيل الذي مرت به على مدار سنتين مع دفيئة حكايا، وعن أهمية مثل هذا التأهيل لكل من ينوي الكتابة للأطفال، بحيث يتعرف أكثر الى عالم الطفولة ومميزاته وأساليب الكتابة له.
وردا على ملاحظة وجهتها العريفة خلود حول أدب الأطفال ” أنه يستمد ثقافته من الذاكرة المودعة في الماضي والتاريخ، إلا أن المشكلة تكمن في نرجسية بعض أدباء الأطفال الذين يكتبون لأنفسهم ويستعملون لغة الوعظ والخطابة التي لا يتقبلها الأطفال”. ركزت صعابنة على أهمية الابتعاد عن الأسلوب الوعظي المباشر في الكتابة للطفل أو استعمال الكتب كأداة تربوية فقط، بل إن الامور التربوية عليها ان تكون جزء من عدة أهداف أهمها المتعة وقضاء وقت حميمي مع الأهل والإثراء المعرفي واللغوي، بينما القيم التربوية تكون تحصيل حاصل وتكون ما بين سطور النص.ألقى بعدها الطالب طارق محمود سرية، في الصف الخامس الابتدائي، قصيدة (اشربوا) للشاعر سميح القاسم. تلاه الكاتب سهيل عيساوي بمداخلة له عن تجربته في الكتابة للأطفال حيث أشار إلى أنه يهدف من خلال كتاباته لقصص الأطفال إلى تعزيز مكانة اللغة العربية، إعداد الطفل إعدادا ايجابيًا، ايقاظ مواهب الطفل، تعزيز المطالعة ومحبة الكتاب، إثراء القاموس اللغوي، والرصيد المعرفي للطفل، الاعتزاز بهويته ووطنه وثقافته تراثه، مع مراعاته واخترامه لعقلية الطفل.تناول بعدها الأهداف المتنوعة والمتعددة من وراء كتابة أدب الأطفال، كالأهداف التربوية (مساعدة الطفل على أن يعيش تجارب الاخرين، مساعدة الطفل على فهم الثقافات الاخرى، مساعدة الطفل على تعزيز ثقته بنفسه). والأهداف الاجتماعية ( بناء شخصية الطفل بناء سليما، تشكيل ثقافة الطفل بما يتلاءم مع العصر، اختيار ما يناسب الطفل ويوافق آماله.)وأهداف معرفية ووجدانية (إثراء لغة الطفل ومكتسباته المعرفية وتنمية قدراته اللغوية، تقوية روح التضامن والتعاون لدى الطفل، إكسابه عادات طيبة، اكتشاف المواهب الادبية والفنية، تنمية ، تسلية الطفل وملء فراغه بما هو مثر ومفيد).
تلته الكاتبة نبيهة راشد جبارين فجاء في مداخلتها انه من المعروف أن أدب الأطفال يستوفي جميع معايير الأدب الا أن له خصوصية تجعله سائغا وملائما للجيل المقصود. فهناك خصوصية فنية تتلخص بسهولة اللغة والمفاهيم، وضوح الاسلوب وعدم تركيبه، قصر الجمل، استعمال السجع أو الشعر أو الأغنية ، لفت نظر الطفل إلى الجماليات لتنمية الذائقة الجمالية، إثراء اللغة دون تكثيف. التطرق لحاجات الطفل ومطالبه وأفكاره لكي تسترعي القصة انتباهه. أما لماذا نكتب للأطفال:اولاً لإمتاعهم واستثار الوقت بايجابية، ومن هذا الباب نستطيع ان نجذبهم الى تذوّق الجمال، نساهم في التنمية الاجتماعية السليمة، في النمو اللغوي والعقلية، والى تشكيل ثقافة عامة لديهم. ثم ترسيخ قيمة الانتماء .وفي الختام نوهت عريفة الأمسية، إلى موضوع استخدام الحيوانات والحديث باسمها في أدب الأطفال لهو دلالة واضحة وذكية في فهم نفسية الطفل والتي وجدت من زمن الحضارات القديمة كالهندية وما كتاب كليلة ودمنة سوى أحد الشواهد على ذلك.يجدر بالذكر أن الأمسية أقيمت برعاية المجلس الملي الأرثوذكسي- حيفا.لقاؤنا القادم يوم الخميس 13.12.18 في الأمسية الثقافية مع إبداعات الكاتب الجزائري حسان أحمد شكاط “عين الغراب” و” ذاكرة عالقة”. بمشاركة د. لينا الشيخ حشمة، د. أليف فرانش وعرافة المحامي حسن عبادي. يتخللها معرض أعمال هايكو لعبد الباسط اغبارية بخط ظافر شوربجي.
خلود فوراني سرية
أبارك مثل هذه اللقاءات والفعاليّات الثقافيّة التي تعزّز
عادة القراءة، وتقوّي الانتماء، وتوسّع دائرة المعرفة.
ولا شكّ أنّ القراءة تعتبر مفتاحًا للتقدّم ورافعة للارتقاء.
د. محمود أبو فنه