كيف نتواطأ على الكذب ؟
تاريخ النشر: 23/12/18 | 10:07يجري سباق شديد بين ثلّة من علماء المسلمين ومشايخهم، نحو تعميق ولائهم باتجاه سلاطينهم وولاة أمورهم، وذلك باعتمادهم على الدين كمذهب حياة ونمط معاملة، ومع أن سباقهم يقع ضمن الساحة الداخلية للبلاد التي ينتسبون إليها وينتمون لها، إلاّ أن تبعاته تكون ذات آثاراً مؤلمة، ليس على مواطني تلك البلاد وحدها، بل على البلدان المتشاركة- كأمّة واحدة-، بما فيها الإخلال بطابعها الأدبي والأخلاقي، وسواء في الحاضر أو على مدى المستقبل، وخاصة في شأن إسرافهم في إجلال الحكام وتعظيمهم، أو تبريراً لأفعالهم وسلوكياتهم، حيث أصيب العامّة من الناس بزعزعة واسعة، باعتباره إسرافاً أنضج لديهم معرفة أن القيم الدينية والأخلاقية، ليست بمحل استقرار، فضلاً عن فهمهم بأنه لا يحثّهم، على السعي باتجاه الاقتداء بأغراضه وحسب، بل على تعلّم كيفية التواطؤ على الكذب.
قبل الحديث عن تفوّهات لبعضٍ ممن يوصفون بعلماء الدين وحفظته، نودّ الإعلام بأن لدينا وعلى المستوى الفلسطيني، العديد من هؤلاء الذين تعمّدوا التجوال بين المناصب، وتعوّدوا السخاء بآيات النفاق والكذب والتدليس، وقد نبغوا إلى الدرجة التي قد لا تنطبق عليهم أركان الدين ولا الإيمان بصورةٍ خالصة، وذلك لما تظهر به هيئاتهم، أو بما تنطق به ألسنتهم، وسواء كان تعزيزاً لكبرهم وغرورهم، أو بغية مجاراتهم السلاطين والحكام ابتغاء عطاءاتهم ومرضاتهم.
منذ مدّة، وفي ظروف وشروط مختلفة تماماً عن تلك الفائتة، نبعت هبوطات دينية وأخلاقية، تُفضي عن تقولات وادعاءات وتبريرات، من قبل العديد من أولئك العلماء والمشايخ، ونخص بالذّكر هنا، علماء ومشايخ المملكة السعودية، كونهم أبلوا بلاءً حسناً باتجاه تشييدهم درجات سادتهم ووُلاة أمرهم، وبخاصةً إذا كان بعضهم منوطاً بالخضوع لإملاءات شيطانية، تسمح لأي إنسان بحرية الدين أو بالتحلل منه وعلى نطاقٍ أوسع.
وقد رأينا، ما لديهم من مواقف غاسقة، وأفانين تعريضية منافقة، كانت بمثابة وصمة غائرة على جباههم، وصبغة هوان على وجوههم، ونذكر جيّداً، كيف انتهى أكثرهم إلى إباحة ما كان حراماً، وتحريم ما كان حلالاً، وبغير سندٍ ولا حجة، وكان لإمام وخطيب الحرم المكي “السديس” فرصة لامتلاك السخط الكبير من عامة الجمهور، عندما جعل حماية الأمن والاستقرار العالمي محصورة في حاميه “ترامب” وملكه “سلمان” برغم علمه أن “ترامب “هو أسوأ رئيس أمريكي، وأن ملكه لاحول بيده ولا قوّة.
وفي هذا المجال، فإن “العريفي” علاوة على حرصه على طاعة سادته، تعمّد في إحدى عظاته، الحديث عن عددٍ غير قليلٍ من الأفضال التي تفضّل بها نبي بني إسرائيل “موسى” عليه السلام، لأجل المسلمين، وخاصة المتعلقة بشأن التخفيف في صلاتهم من خمسين صلاة في اليوم الواحد، إلى خمس صلواتٍ فقط، والتي فُهم من خلالها، باعتبارها توطئة صريحة، لإفساح المجال (دينيّاً) أمام الدولة السعودية، لإقامة علاقات تطبيعيّه مع إسرائيل.
الشيخ “القرني”، الذي أنكر من بعد إيمان مقاتلة اليهود، لم يدّخر جهداً في الدفاع والتبرير عن سياسة سادته، وبالتمجيد والتغزّل بشخوصهم، وبشكلً يفوق السراب والخيال، وكما غرّد خلال الأيام الفائتة، إلى الأمام أيتها (السعودية العظمى) بقيادة سلمان الحزم ومحمد العزم.
أمّا العفاسي، الذي يفتقر إلى سلطانه، فإن له شأن آخر، فعلاوة على تبديله وتغييره لقوله وعمله، فقد قطع برأيه وبغير جهد، على أن أحد أسباب التآمر على ولي عهده، أنه أراد أن يبعث الناس من جديد في شتى فنون الحياة وعلومها، وأن سبب نجاته من ذلك التآمر، هو قيامه منذ أعوام خلت، بإرسال أموال ومنافع أخرى لإنفاقها على الفقراء والمساكين.
هذه المواقف بعمومها، جاءت في تغييب هؤلاء ما وصلت إليه بلادهم، وقد قطعت أشواطاً في التحلل والانعتاق من الفطرات السليمة والآداب المتعارفة، ويمكننا التذكير في هذا المجال بأنهم وأمثالهم، من تصدّروا تطويع مسائل دينية وأخلاقية، كإباحة قيادة المرأة للعربات، وإنشاء دور السينما وقاعات الرفاه، وإقامة المهرجانات الغنائية الماجنة، وإبدال التعاليم الإسلامية بمناهج الفن والفلسفة، فضلاً عن إجازتهم إشعال الحروب، وتعظيمهم المشكلات والتي أدّت إلى إفقار شعوبٍ عربية وإسلامية أخرى.
د. عادل محمد عايش الأسطل
خانيونس/فلسطين