أولاد صفّي
تاريخ النشر: 23/12/18 | 11:35كان عدد أبناء جيلي الذين ولدوا في كابول سنة 1955، وقليل منهم ولد سنة 1954 وواحد ولد في حيّ “خلّة الشريف” وهو حيّ من أحياء مدينة طمرة، ويقع بينها وبين قريتي كابول، وقد تعلّمت معهم في صفوف المرحلة الابتدائيّة المتتالية، كانوا 57 مجايلًا وهم: كاتب هذه السطور علي أحمد هيبي. أحمد مصطفى هيبي. فيصل كمال هيبي. حسن فضيل هيبي.(4) صبري محمود بقاعي “ت”. سليم صبري بقاعي. محمّد توفيق بقاعي. علي محمّد بقاعي. ماجدة كامل بقاعي. إبراهيم نايف بقاعي(6) هدى مصطفى حمّود. حسين علي حمّود. عادل سليمان حمّود. نبيل أحمد حمّود “ت”. كاملة محمود حمّود. أحمد حسن حمّود(6) آمنة محمّد ريّان. نجمة محمّد ريّان. محمّد علي ريّان. صبحي محمّد ريّان. محمّد سليم ريّان.(5) دينا أديب طه. أحمد علي طه. نجمة علي طه. محمود مبدا طه. حبوس محمّد طه. كاملة محمّد طه. وصفي ذياب طه “ت”.(7) آمنة محمّد طه. رشيد عبد القادر طه “ت”.(2) سميّة كايد عكري. حسين علي عكري. رسميّة حسين عكري “ت”.(3) عايدة علي ابداح. أديبة علي بداح.(2) نصير حسين إبراهيم. علي صالح إبراهيم. محمّد يوسف إبراهيم “ت”.(3) أحمد إبراهيم عيّاشي. محمّد مرشد عيّاشي “ت”.(2) أمين محمّد بدران. دريد محمود بدران “ت”.(2) أحمد صالح علي. عبد الله طه علي “ت”.(2) حوريّة نايف حمادي.(1) غازي مصطفى شحادي.(1) نجمة سعيد مرشد.(1) ثريّا محمّد سعدي.(1) عبد الله محمّد هنبوزي.(1) غزالة عيسى عصفور.(1) سميرة أحمد شراري.(1) حوريّة محمود صبح.(1) علي أحمد عبد الرحمن “ت”.(1) محمّد صبحي شولي “ت”.(1) محمّد عبد أشقر “ت”.(1) يسرى حسين حمدوني “ت”.(1) فاطمة محمّد صالح “ت”.(1). الرحمة لمن توفّي وأطال الله في أعمار الأحياء.
أكتب ذلك للتوثيق والتاريخ ولحبّي لأبناء جيلي وأولاد صفّي بالذات وإحياءً لذكرى من مات منهم. الذين أنهيت معهم الصفّ الثامن سنة 1969، وكانوا يزيدون عن 40 طالبًا في شُعبة واحدة وفقًا لذاكرتي، وكان هذا الصفّ خاتمة المرحلة الابتدائيّة، في المدرسة الوحيدة في القرية، وكان موقعها في مكان يطلق عليه “الحديقة”، وما زالت المدرسة تحمل اسم مدرسة “الحديقة” الابتدائيّة “ب”، بعد أن تعدّدت مدارس القريّة، وصار فيها أربع مدارس ابتدائيّة ومدرسة واحدة للمرحلة الإعداديّة وواحدة للمرحلة الثانويّة.
كان من المعتاد أن تجري الوزارة امتحانًا في نهاية المرحلة الابتدائيّة يسمّى امتحان “الثوامن”، ومن ينجح فيه يجتاز المرحلة التعليميّة الأولى ويتأهّل للعبور للمرحلة الثانويّة، فيتوزّع الطلّاب على مدارس القرى والمدن المجاورة: كفر ياسيف، عكّا، شفاعمرو، طمرة، وقليل إلى الناصرة وحيفا. إذ لمّا يكن مدرسة ثانويّة في كابول لصغرها ولقلّة سكّانها. لقد نجح من أبناء صفّي في امتحان “الثوامن” 14 طالبًا من أصل ما يزيد عن 40 طالبًا.
لم ينهِ جميع أبناء جيلي ولا حتّى أولاد صفّي الصفّ الثامن، فقد تسرّب البعض من صفوف متفاوتة ولأسباب مختلفة، ومات اثنان ونحن في الصفّ السادس سنة 1967، حين كانوا يرعيان الدوابّ، هناك عثروا على قنبلة من مخلّفات إهمال فرقة عسكريّة خيّمت في المكان، فلعبوا بها وانفجرت، وكان الحدث في ثاني أيّام عيد الأضحى، وراح ضحيّتها طالبان من صفّي: رشيد عبد القادر طه وأحمد (محمّد) يوسف إبراهيم، فعمّ الحزن كلّ البلد والقرى المجاورة، ولمّا عدنا من عطلة العيد إلى الدوام المدرسيّ في صفّنا الواقع في غرفة منعزلة، مستأجرة في موقع “المدور”، يقع في وسط البلد، كان محطّة الباص الأخيرة في القرية، أذكر أنّ مربّي صفّنا الأستاذ خالد محمّد حمّود “أمدّ الله في عمره” طلب منّا الوقوف لدقيقتيْن حدادًا على الراحليْن العزيزيْن من أولاد صفّي.
وبعد فقداننا لهذيْن العزيزيّن فقدنا حتّى كتابة هذه السطور اثنيْ عشر عزيزًا من أولاد صفّي، منذ أنهينا المرحلة الابتدائيّة وحتّى أواخر العام 2018، وهم الذين أشرت بعد أسمائهم أعلاه بالحرف “ت” ويعني توفّي، “رحمهم الله جميعًا”، أنا الآن في سنّ الثالثة والستّين، ممّا يدلّ على أنّ أولاد صفّي توفّوا وهم في ريعان الشباب، ولميلي للمرح وحبّي للهزل والمزاح المشوب بمسحة من الخوف والتحسّب، كنت عندما ألتقي أحدًا أو بعضًا من أولاد صفّي الأحياء “أطال الله أعمارهم” صدفة أو في مناسبات الأفراح أو الأتراح، أتوجّه إليهم بسؤال امتزج فيه حسّ من الريبة ولهجة من الهزل: “عَ مين الدور”؟ فيفهمها بعضهم “عَ الطاير” ويقول: “عليك”! وبعضهم لا يعي للتوّ ما المقصود، فأضطرّ للشرح والتفصيل، فيشيح بوجهه عنّي خائفًا أو لا مباليًا وابتسامة ذات ألوان متقلّبة تشوب جوانب وجهه.
علي هيبي