يا أَيها الناس اتقوا ربكم
تاريخ النشر: 05/04/14 | 10:47بقلم: محمود عبد السلام ياسين
أيها الأحبة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) – النساء: 1 -، (وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) – لقمان:33 -.
واعلموا أن الحياة الدنيا متاع قليل، يتمتع بها الإنسان مدة قصيرة، ثم تزول، كأنها دار لها بابان دخل الإنسان من أحدهما وخرج من الباب الآخر، حلالها حساب وحرامها عقاب، هي دار المتاب والازدياد من الثواب، سماها الله سبحانه وتعالى ” متاع الغرور ” فقال: ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ) – ال عمران: 185-.
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتسم على لسانه نظرته إلى الدنيا بقوله: “مالي وللدنيا إنما مثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة، ثم راح وتركها” – رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم – ولكثرة مشاغل الدنيا وأعمال الحياة. وحث صلى الله عليه وسلم على الاستعداد ليوم الرحيل والتزود للدار الآخرة فقال: “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل” – رواه البخاري -.
والدنيا مقبلة ومدبرة.. فمن غنى إلى فقر، ومن فرح إلى ترح، لا تبقى على حال ولا تستمر على منوال.. فهذه سنة الله في خلقه.. والناس يجرون خلف سراب.. سنوات معدودة وأيام معلومة ثم تنقضي.
ومع كل هذا ما زالت الناس تتصارع وتتكالب على هذه الدنيا.. يفقد البعض دينه، وينسى الكثير أبناءه.. انتشرت الأحقاد وزرعت الضغائن وعمت البغضاء.. وكثر الهرج والمرج، وعم الدمار في هذه الأرض. فلو نظرنا حولنا جيداً لم نرى سوى القتل والدمار والدماء.. دماء.. دماء في كل مكان، بالله عليكم اخوتي من أجل ماذا تسفك كل هذه الدماء أليس من أجل الدنيا ومطامعها، ألا يكفينا كل هذا الفساد ألم يرتوي مصاصي الدماء من شرب دماء الأطفال والنساء والشيوخ.
أخي.. إذا استغنى الناس بالدنيا، فأستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم ؛ لينالوا بهم العزة والرفعة، فتعرف أنت إلى الله، وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة. وكما قالوا: الدنيا صغير ود لو كبرا، وشيخ ود لو صغرا، وخال يشتهي عملا، وذو عمل به ضجرا، ورب المال في لعب، وفي تعب من افتقر، وهم لو آمنوا بالله رزاقاً ومقتدرا، لما لاقوا الذي لا قوة هماً ولا كدرا.