الرقم الصعب ومخزون الأصوات
تاريخ النشر: 13/01/19 | 19:00الرقم الصعب في ال انتخابات المقبلة للكنيست هو جمهور غير المحزَّبين، والذي يفوق ال-70٪ في مجتمعنا. غالبية هؤلاء لا يصوت لانتماء مؤسساتي وتنظيمي وأيديولوجي، إنما لمن يطرح قضايا وحلول تستطيع ان تقنعه فكريا او ان تدعدغ مشاعره الوطنية الحقيقية.
الافكار التي تستحوذ على عقل السَواد الأعظم في مجتمعنا، والتي تنعكس في غالبية استطلاعات الرأي هي القضايا الاقتصادية والاجتماعية، حيث يسيطر التعليم على اهتمام الغالبية؛ أكثر من 30٪ من المواطنين العرب يريدون من مندوبيهم في الكنيست ان يضعوا التعليم في رأس الهرم وفي قمة سلم أولوياتهم.
في حين تحتل قضية العمل والتشغيل المكان الثاني بنسبة تفوق ال-٢٣٪, وتليها قضية الأمن الشخصي داخل البلدات العربية بنسبة 22٪. اي ان ثلاثة ارباع ابناء مجتمعنا يرفض دغدغة المشاعر، وطرح شعارات، ويفضل الأمور الحياتية كبرنامج عمل واقعي لمندوبيه.
فشل القائمة المشتركة إعطاء حلول حقيقية، إما بسبب اداء منقوص لقسم من مندوبيها، او بسبب تضييق الخناق ومنع التحصيل على عدد من المندوبين بسبب طريقة أدائهم، او بسبب عنصرية جهات حكومية وسياسية تعادي المجتمع العربي أياً كان مندوبه؛ هذا الفشل ينعكس اليوم بتباطؤ الغير محزبين بالدخول الى المعركة الانتخابية للكنيست. كذلك فان الثقة بالأحزاب اهتزت كثيراً في أعقاب المهزلة التي رافقت قضية التناوب، إضافةً الى مسرحيات سياسية هزلية مضحكة.
على الأحزاب المقبلة على الانتخابات ان تعمل جاهدة لاستقطاب هذا الجمهور الغير مؤطّر والغير محزّب، والخائب الظن باداء السنوات الأربعة الاخيرة، والتي علقت عليها آمال كثيرة لم تتحقق. ولا يمكن ان يكون ذلك بنفس الخطاب المُجتَر، ولا يمكن ذلك بأساليب التهويل اننا امام خطر دامس اذا لم يهرع المواطن للتصويت، ولا يمكن ذلك باتهامات التخوين من قبل بعض الأجيرين الساقطين الذين يعتقدون انهم بذلك سيحفزونا للهرولة الى مراكز الاقتراع.
من يريد أصواتنا عليه ان يخاطب عقولنا، ويجب عليه ان يظهر لنا ما الجديد في قائمته، وما الجديد في برنامجه، وما الجديد في استراتيجيته، وكيف يتعامل مع جمهوره باحترام وتقدير، وكيف يعكس مواقف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية من خلال وجوه وأشخاص اثبتوا حضورهم في هذه الميادين، وليس فقط قائمة نشطاء حزبيين تسلقوا السلم في اروقة مظلمة، وصفقات مشبوهة.
من يخوِّن لا يستحق أصواتنا، من يهدد لا يستحق أصواتنا، من يتلاعب بعواطفنا فقط لا يستحق أصواتنا، من يعد وعود غير واقعيه لا يستحق أصواتنا، من يستهتر بأولوياتنا لا يستحق أصواتنا، من لا يمثل قضايانا الحياتية والوطنية معاً لا يستحق أصواتنا، ومن لا ينتهج الديمقراطية في ترتيب قوائم المرشحين لا يستحق أصواتنا.
سنحترم من يحترمنا، وسنرفض من يتعالى علينا، وسنكافىء من يتماشى مع العصر والتغييرات التي طرأت على مجتمعنا، ولن نبقى مخزون أصوات لثلّة اكل الدهر عليها وشرب.
بقلم: محمد موسى دراوشة