أمسية حول “نابلس .. جبل النار ” في حيفا
تاريخ النشر: 25/01/19 | 9:43من وحي رسالة ترسيخ الهُوية والانتماء، وبروح التواصل والامتداد الثقافي الحضاري بين جناحي الوطن، نظم نادي حيفا الثقافي برئاسة المحامي فؤاد مفيد نقارة أمسية ثقافية لإشهار الدراسة الموسوعية “نابلس مدينة الحضارات” لصاحبها المهندس والباحث النابلسي المولد والمنشأ نصير رحمي عرفات. وذلك يوم الخميس 17.01.2019 .كانت بداية الأمسية لمسة وفاء لطيب الذكر بروفيسور بطرس أبو منّة.تلاها بكلمة افتتاحية رئيس النادي، المحامي فؤاد مفيد نقارة فدعا وشدّد على ضرورة المحبة والاحترام بين جميع روّاد النادي، وبشكل عام. وأكد أن لقاءاتنا الأسبوعية كل خميس في نادي حيفا الثقافي، للمساهمة في توطيد أواصر الصداقة والتعارف الحضاري بين المشاركين. فبالمحبة والاحترام والصدق في العلاقات، نرقى ونتطور .
تولت بعد عرافة الأمسية الإعلامية اللامعة نضال رافع، فكان لها تقديم عذب جميل لمدينة نابلس، واصفة إياها بالعلم والحضارة والشعر.. أما ما بين حيفا ونابلس فهي كالمسافة بين الغيم والمطر أو بين الأسوار والحارات، أو بين النّارِنج والسكّر. ولم تغفل عن ذكر حارات نابلس العريقة، وبيوتها العتيقة، وأسماء عائلات أهلها وأعلامها الذين أبدعوا في العمل للنهوض ببلدهم، كلهم باسمه.
وفي باب المداخلات حول الكتاب قدم د. جوني منصور مداخلة تناول فيها الجوانب الاجتماعية لمدينة نابلس مشيرا إلى أن عمرها ينيف عن 3500 سنة، تتميز بعمرانها، مساجدها، مقاماتها، مدارسها، كنائسها، الحمامات القديمة وأحواشها..
ثم عن معنى كلمة نابلس وهي كلمة كنعانية الأصل (ناب الأفعى)، أما المعنى الأصح فهو(المدينة الجديدة) .تحكي المدينة حكايتها مع احتلالات كثيرة: الفرس، الآشوريين، الرومان، العرب، الأتراك، الإنجليز والإسرائيليين بهدف تدمير المدينة وتراثها ومعمارها ولتحطيم معنويات أهلها الذين يصرون دوما على إعادة إعمارها. فحب البقاء وحفاظهم على المدينة دفعهم إلى إعادة ترميمها حجرا فوق حجر. في عام 1948 فتحت نابلس أبوابها أمام المهجرين واللاجئين ولم يبخل أهل المدينة على إخوانهم وأهل شعبهم.وعن الكتاب قال، هو ألبوم مُصوّر لتاريخ نابلس وهو شريط تاريخي وعمراني، يأخذ القارئ في رحلة عبر الزمن مع التركيز على العمران.وهو وثيقة تاريخية استطاع أن يجند الجانب المعماري والهندسي لفهم التغييرات الاجتماعية والثقافية والمعمارية التي حدثت في المدينة.يقدم لنا المهندس عرفات في كتابه عرضا مصورا للمعمار وتطوره في نابلس في مختلف الحقب الزمنية. قليل من التاريخ كثير من المعمار.وختم، نابلس رمز الصمود، الحضور، التحدي، البقاء والاستمرار..وأصوات نابلس بعمر حجارتها.
تلاه أستاذ التاريخ حسين منصور في مداخلة تحدث فيها عن مظاهر الحياة الاقتصادية في نابلس. إذ يسعى الكتاب إلى سد النقص الحاصل في الدراسات التاريخية والعمرانية بشكل عام . خاصة استخدام سجلات محكمة نابلس الشرعية التي تعطينا صورة محددة للأنشطة والفعاليات الاقتصادية والنشاط العمراني.نشأت في نابلس شريحة اجتماعية ضمت الأعلام، الفلاحين، أصحاب الحرف والمهنيين، أصحاب الأقلام وغيرهم العديد…اشتهرت نابلس بصناعة الصابون، لهذا بني العديد من المصابن فيها وعملت على تصدير الصابون إلى مختلف المدن والدول.عدة عوامل جعلت نابلس متطورة اقتصاديا وعمرانيا كموقعها في وسط فلسطين ما جعلها محطة للقوافل التجارية فشكلت محطة تجارية هامة للمتوجهين من دمشق نحو الحج. ولم تقتصر أهمية نابلس على كونها محطة تجارية بل كانت ملتقى بالغ الثراء ما جعلها محط اهتمام وحاجة باقي المدن إليها.في الختام، ورغم منع الباحث بأمر من سلطات الاحتلال من الدخول إلى حيفا، إلا أنه كان حاضرا بيننا وبقوة بكلمته المكتوبة، المصورة والمسموعة وذلك من خلال شريط مصور للقاء حواري أجرته معه الناشطة الثقافية خلود فوراني سرية خلال زيارة للمدينة وله في مقر “مركز إحياء التراث” في نابلس، ضمن نشاطات النادي في التحضير لهذه الأمسية.
فجاء في كلمته، إنه يعمل على كتاب “نابلس مدينة الحضارات” منذ 14 سنة، بعد أن قام بتجميع صور وقصص عن المدينة. سبب إنشاء المباني هو في الأساس خدمة الإنسان، وإذا كان هذا هو منطلق البناء المعماري، فالحديث عن الترميم يجب أن يتوافق مع هذا المبدأ، إضافة إلى خصوصية أخرى هي أن البناء التقليدي سواء كان في نابلس أو الخليل أو أي من مدن في فلسطين، هو بناء اجتماعي.وردا على سؤال المحاوِرة له عن الجانب الروحاني والأبعاد المجتمعية في عمليات ترميم المباني العامة والخاصة أثناء الهندسة للبناء (البشر قبل الحجر)، أجاب، البناء الاجتماعي هو الذي يلبي حاجة الإنسان. إذا كنا نتحدث عن البناء الاجتماعي، فإن أول مهمة تقع على عاتق المهندس الذي يبدأ في عملية الترميم هو أن يعيد الروح والحياة الاجتماعية، وأن يعيد المبنى إلى أصله، ويستعيد أصل استخدامه، وإن أمكن له أن يدخل التكنولوجيا الحديثة إلى حياة الإنسان فهذه إضافة يجب أن لا يتغاضى عنها.بقي أن نذكر أنه زين الأمسية معرض إعمال فنية للفنانة التشكيلية أميمة جربان ابنة قرية جسر الزرقاء. وأقيمت الأمسية برعاية المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني- حيفا.
خلود فوراني سرية