ملاحظات حول كتاب نفح الطيب للميلود قويسم – معمر حبار
تاريخ النشر: 26/01/19 | 8:16أنهيت هذا الأسبوع قراءة كتاب يضم بدوره كتابا آخر، أي كتابين في كتاب واحد. سوف يترك صاحب الأسطر الفوائد التي وقف عليها وهو يقرأ الكتابين في كتاب واحد لوقت لاحق، وسيركّز الآن على 3 ملاحظات استوقفت القارىء المتتبّع، وهي:
أوّلا: كتاب: “نفح الطيب في مولد الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلّم”، الأستاذ: أبو الحسن الميلود قويسم، أمين المجلس العلمي للجلفة، دار السّادة المالكية، المدية، الجزائر، الطبعة الأولى 1440 هـ – 2018.
جاء في عنوان الكتاب: “نفح الطيب في مولد الرسول الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم”. والسؤال الذي يطرحه القارىء المتتبّع، لماذا الكاتب الجزائري أبو الحسن الميلود قويسم، أمين المجلس العلمي لولاية الجلفة، لم يكتب: “صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم”، كما يفعل أهل المغرب العربي، والجزائريين، وكثير من المسلمين. وما يجب ذكره في هذا المقام، أنّ الكاتب ترضى على أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم جميعا في ثنايا الكتاب، ومنها قوله في تقديمه للكتاب صفحة 1: “صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ذوي المناقب والقيم”. ولا يبدو عنوان الكتاب زلّة لسان، لأنّه أعاده بحروفه في مقدمته للكتاب دون أدنى تغيير، أي أبقى على طريقة الصّلاة على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بنفس الطريقة التي قدّمنا بشأنها ملاحظتنا.
بقيت الإشارة أنّ صاحب الأسطر، أصبح في الأيام الأخيرة يستعمل عبارة: “صلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وأزواجه وصحبه”، لما من مكانة عظيمة جليلة لأمهات المومنين ، رفقة أسيادنا آل البيت، وأسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم جميعا.
جاء في صفحة 41-42، فيما نقله عن الأستاذ عبد المحسن بن حمد العباد البدر: أنّه صلى الله عليه وسلّم رعى الغنم بمكة، وفي ذلك تمهيد وتهيئة لإرساله إلى النّاس كافة… وهذا العمل تهيئة له للقيام بأعباء الرسالة، فهو بلا شك درس عملي لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم، لينتقلوا من تربية الحيوان إلى تربية الإنسان”. وعليه أقول: مهنة رعي الغنم لاعلاقة لها بالرسالة ولا النبوة ولا المعجزة ولا الوحي، لأنّ رعي الغنم كان منتشرا لدى العرب وغير العرب، ومن قبل ومن بعد. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم امتهن رعي الغنم لأنّه كان فقيرا ولم يكن غنيا يتاجر بقوافله كغيره من أغنياء مكّة كسيّدنا عثمان بن عفان رضوان الله عليه، وسادة قريش يومها. والقول أنّ رعي الغنم توطئة لرعي النّاس مبالغ فيه، لأنّ أنبياء آخرين امتهنوا “صناعة الحديد”، وكانوا أغنياء ورزقوا ملكا لم يكن لأحد من بعدهم كسيّدنا سليمان عليه السّلام، وسيّدنا نوح عليه السّلام كان يتقن نجارة السفن، وهذه مهن ليست رعي غنم، ما يدل على أنّ رعي الغنم مهنة كغيرها من المهن لا علاقة لها بالمعجزة والرسالة. فلا داعي إذن لتعظيم رعي الغنم وجعلها فوق المهن، وأنّها مهنة الأنبياء والرسل. وما زلت أتذكر أستاذ مادة اللّغة العربية حين كنت طالبا في ثانوية “العقيد بوقرة” إلى غاية 1986: كلّ الأنبياء رعوا الغنم، وأنا كذلك رعيت الغنم، ويريد أن يقول: أنا أحسنكم وأفضلكم لأنّي رعيت الغنم.
الأفضل في هذا المقام، أن يقال: سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وزوجه وأصحابه، كان يعتمد على نفسه، وكسب قوته بيديه الشريفتين، ولم يمدّ يديه لأحد، وفي سبيل ذلك امتهن رعي الغنم، فكان قدوة للاعتماد على النفس، ومثالا لاتّخاذ الأسباب.
الكتاب الثاني: “عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر”، للإمام جعفر بن الحسن البرزنجي الحسيني، 1177 هـ – 1126.
جاء في الكتاب: “أوّل من آمن به من الرّجال: أبو بكر صاحب الغار والصّدّيقية، ومن الصّبيان علّي، ومن النّساء: خديجة التي ثبّت الله بها قلبه ووفّاه…”. وعليه أقول: من الظلم والإجحاف في حقّ أمّنا سيّدتنا خديجة رحمة الله عليها ورضوان الله عليها، أن تذكر ضمن النّساء فقط، والأحق أن يقال: أوّل من أسلم من الرّجال والنّساء أمّنا سيّدتنا خديجة بن خويلد رضوان الله عليها، وهذا أضعف الإيمان في حقّها الغالي العالي.
لعل الشيخ في الغلاف اختصر وقصد بآله كل تقي لضيق المساحة في حين أنه فصل في أثناء الكتاب لكون الموضع واسعا ولا يضيق بزيادة الألفاظ ..ثم إن الشيخ هو من المتشددين في هذا المجال خصوصا المرجعية الدينية الوطنية التي ذاق من جرائها ألوانا من الجفاء والتعقيب والتعليق والمضايقة ..
. وشكرا.