تفسير أسماء الأشهر الهجرية
تاريخ النشر: 28/01/19 | 6:58تمهيد: في الجاهلية اعتمد العرب في تأريخهم على حدث مهم ، يترك بصماته وأثره على الفترة الزمنية المحيطة به . ومثال ذلك : يوم الفجار ، عام الفيل ، يوم شَهْوَرة ، أيام العرب . وأرّخت قبيلة قريش بموت هشام بن المغيرة المخزومي ، وزمن الفَطْحل ( الفطحل : اسم اله أو صنم قديم ) . واستمر هذا التأريخ في الإسلام إلى أن جاء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووضع التقويم الهجري الذي يعتمد حادثة الهجرة بداية له في 16 تموز من سنة 622م .
ولا زالت العامة حتى يومنا هذا تعتمد بعض الحوادث في تاريخهم ، ومثال ذلك : ( ولد فلان في سنة الثلجة أي 1950 ، سنة الحصيدة ، سنة الهجيج 1948، يوم الأرض 1976، بما يتعلق بالشعب الفلسطيني/ عرب ال 48 ) وهناك حوادث تخص كل بلد دون غيره .
لقد كانت السنة العربية القديمة قمرية وشمسية في آن واحد، بمعنى أنها كانت مؤلفة من اثني عشر شهرا قمريا، وعدد أيام الشهر ثلاثون يوما وتحدد بدايته برؤية الهلال . والسنة بحساب النظام القمري اقل زمنا من السنة الفعلية بحساب النظام الشمسي بأحد عشر يوما ، وإذا اعتمدناها فقط ، فان الفصول لن تقع في أزمنتها وظروفها من حيث عدة اعتبارات أهمها المناخية مثلا . ولهذا السبب ومن اجل المحافظة على الظروف المناخية نفسها لتوالي الفصول وكي تبقى في أوقاتها بالنسبة إلى دورة الأرض حول الشمس ، عدل العرب تقويهم القمري وتغلبوا على هذه المشكلة بالنسيء أو الكبس ، غير أن الإسلام منعه أو ألغاه لعدة أسباب وذلك لقوله تعالى ” … إنما النسيء زيادة في الكفر ” سورة التوبة/ براءة آية 37.
وإلغاء النسيء واعتماد التقويم القمري أدى إلى تراجع الأشهر القمرية سنة بعد أخرى ، وعدم ثبات الظروف المناخية للزراعة أو للتجارة مثلا ، ولا لوقوع مواعيد الأعياد والمناسبات والمواسم والسلوكيات الحياتية في أوقاتها الزمنية والمناخية ( إلا مرة كل 33.333 سنة قمرية) . وللتوضيح لنأخذ شهر رمضان فانه يأتي في الصيف وبعد مدة يأتي في الشتاء ثم في الخريف وسيعود ليأتي في فصل الصيف والسبب عدم الملاءمة بين التقويم القمري ودورة الأرض حول الشمس.
* تفسير الأشهر:
وفيما يلي تفسير الأشهر العربية التي يعتمدها التقويم الهجري ، وتعرف بالأشهر القمرية ، ولكن أدق التسميات هو الأشهر العربية الإسلامية، لأن العرب اعتمدت في الجاهلية أسماء أخرى . وأسماء الأشهر وضعت بشكل يوافق ويعكس الحالة والظروف الحياتية عامة ، والاعتبارات المناخية والاقتصادية خاصة التي ميّزت أيام الشهر عند التسمية.
1) محرم: الجذر ح.ر.م ساميّ مشترك حرّم الشيء ، أي جعله حراما عليه أو على غيره والحرام ضد الحلال وهذا الأمر حرام عليك أي لا يحل لك فعله ، والمحرم ( من التحريم ) من له ذمة وحُرمه. كان يفيد في البداية المنع والحرمان ثم الاحترام أي التكريم والتقدير وبعد ذلك أفاد التقديس.
وشهر محرَّم كان اسمه في الجاهلية صفر الأول لاصفرار السنابل فيه.قال الشاعر أبو ذؤيب
أقامت به كَمُقام الحنيف شهري جُمادى وشهري صفر
وعندما جاء الإسلام سمي محرم ويعرف بشر الله تعظيما له. ويُنْعث بالحرام فيقال محرم الحرام . وقد سُمي محرم للأسباب التالية:
أ) لأنه من الأشهر الحُرُم
ب) لأن العرب حرمت القتال والغزو والأخذ بالثأر وسفك الدماء ونهب الممتلكات .
وقد يكون سبب التحريم إن العرب لم ينجحوا في غارة اتفقت وأيام الشهر فحرموا القتال فيه فسموه محرما. وجمع محرم: محارم، محاريم ، محرمات .
ج) لقد كان هذا الشهر مقدسا عند غير العرب لأسباب زراعية أهمها حلول موسم الحصاد.
2) صفر:
الجذر ص.ف.ر سامي مشترك ومن معاني الصفر: الجوع، والجوع يعني فراغ المعدة وخلوها من الطعام ، وصفر البيت أي فرغ وأصبح خاليا ، وعاد فلان صفر اليدين أي عاد بيدين فارغَتَيْن . ولهذا تقوم التسمية على فكرة الفراغ واللاشيء والخلو والعدم بالإضافة إلى أفكار وتعليلات أخرى
أ) الإصفار : فراغ وخلو البيوت من أهلها بسبب خروجهم إلى القتال والغزو ، أو بسبب خروجهم في سفر لسبب ما ، وتربط بعض المصادر الأمر بأهل مكة .
ب) لأنهم ( المقصود أهل مكة ) إذا أغاروا على قبيلة يتركونها صفرا أي خالية وفارغة من المتاع الذي يصبح من الغنائم .
ج) لأن العرب والأغلب أهل مكة اعتادوا في الإغارة على الصفرية وهي اسم بلاد .
د) لمرض كان يصيبهم في أيام الشهر فيمرضون ، وتصفر ألوانهم
هـ) لاصفرار النبات فيه مثل سنابل الشعير والقمح وغيرهما. ولهذه الاعتبارات الاقتصادية جعلته العرب من الأشهر الحرام.
ز ) يقول المسعودي “… وصفر كانت باليمن تُسمّى الصفريّة وكانوا يمتارون فيها، ومَن تخلّف عنها مات جوعا.
ح) وقد تكون التسمية، أصلا، بالسين أي سفر وليس بالصاد. وذلك لوقوع حال السفر فيه لأي سبب ( تجارة، غزو، بحث عن الماء، والكلأ، … ) ثم تغير صوت الحرف من سين إلى صاد بسبب تقارب مخارج الصوتين. والجذر ص.ف.ر سامي مشترك . ومن المعاني التي يحملها الاصفرار ، الصفير ، الخلو والفراغ ، والكلمة صفر منصرفة حسب رأي جميع النحويين إلا أبا عبيدة الذي منع صرفها للعلمية والتأنيث .
وجمع صفر: أصفار
3) ربيع الأول:
الجذر ر.ب.ع ويُنْعت بالشهر الشريف ففيه يسقط المطر ويؤدي إلى خصب الأرض وظهور العشب وتوفر الكلأ والربيع المخصب ويقال ربيع رابع . ولا زالت العامة تقول الربيع وتعني العشب .. وربح الحيوان بمعنى أكل العشب حتى شبع . وعليه فالتسمية واضحة بسبب هطول المطر ( الربيع ) وظهور العشب في حينه ، وجاء في رواية النويري ” وشهرا ربيع لأنهم كانوا يخصبون فيها بما أصابوا في صفر ، والربيع الخصب ” . وينعت الشهر بالشريف فيقال ربيع الأول الشريف . وتعرب كلمة الأول في ربيع الأول نعتا لكلمة ربيع .
وللعرب ربيعان :
أ) ربيع الشهور: شهران بعد صفر ولا يقال فيهما شهر إلا شهر ربيع الأول وشهر ربيع الثاني أو الآخر.
ب) ربيع الأزمنة: الربيع الأول هو فصل الكلأ والربيع الثاني هو الفصل الذي تدرك فيه الثمار
وجمع ربيع: أربعاء ، أربعة ، رباع والأفضل أن يجمع بشهور الربيع .
4) جُمادي الأولى :
الجذر ج.م.د ساميّ مشترك ويفيد القوة والصلابة أي ثبات الحالة والجماد إحدى حالات المادة عندما لا تكون غازًا أو سائلا، والجَمْد ضد الذوب ، والجمادى يعني البارد، والجمد هو الثلج وما جمد من الماء ، وقيل إن جمادي تعني الشتاء إطلاقا .
وقالت العرب : ” عين جُمادي ” أي جامدة لا تدمع . وحالة الجُمْد أو الشتاء تحدث نتيجة البرد الذي يصيب المكان في زمان معين . وهذا ما أصاب الجزيرة العربية أثناء إطلاق التسمية
( المقصود: مكة حسب الكثير من المصادر ) فمعظم أيام الشهر تعيش الشتاء بردا وجمدا.
وكان العرب قبل الإسلام يقولون عنها جمادى خمسة لأنها الخامسة حسب ترتيب أشهر السنة ، قال الفراء ” الشهور كلها مذكورة إلا جماديين ، فإنهما مؤنثان ، لان جمادى جاءت بالياء على بنية فُعالي ، وهي لا تكون إلا للمؤنث فان سمعت جمادى مذكرا فالمقصود هو الشهر ” . وتعرب الأولى في جمادي الأولى نعتا .
جمع جمادى : جمادات وجماديات .
5 ) جُمادى الآخرة:
وجاء في بعض المصادر جمادى الثانية ، وبقيت التسمية نفسها لاستمرار أسبابها ، وكان العرب في الجاهلية يقولون عنها جمادى ستة لأنها تمام ستة أشهر من أول السنة بحسب ترتيب الأشهر .
6) رجب:
وتوجد عدة تفسيرات وتعليلات لإطلاق التسمية ومنها :
أ) رجب ، رجبا ورجوبا أي عظم وقدس والترجيب يعني التعظيم ، فقد كان شهرا مقدسا في الجاهلية ففيه كانت تقام مناسك الحج الجاهلي القديم ويذبحون الذبائح \ النسائك ويستمطرون رحمة الآلهة، ولا يستحلون فيه القتال وبسبب هذا التعظيم أي الترحيب سمي الشهر رجب ب) أرجبوا أي كفوا وتوقفوا عن سلوك ما ، ولأن الشهر من الأشهر الحرم ، فقد أرجب العرب عن القتال والغازات والأخذ بالثار فيه أي كفوا ولذا سمي رجب .
ج) رجب يرجُب رجْبا ورُجوبا ، أي خاف وفزع واستحيا ورجبته أي هبته وعظمته فهو مرجوب أي مخيف ومهاب لأن رجبتُ الشيءَ أي خفته . وكان العرب يرجبونه أي يخافونه.
د) شهر رجب يقع في وسط السنة فهو مشتق من الرواجب جمع الراجبة وهي أنامل الإصبع الوسطى
هـ) رجب العود : أي خرج ونما وأورق ورجب الكرم أي سوى أغصانه ورجب النخلة أي شدّ الأعذاق إلى السعفات خوفا من الريح أو وضع حولها سياجا لحمايتها . وعليه فقد تكون التسمية قائمة على فكرة النبت والإيراق والاخضرار لأنه شهر رجوع الحياة إلى الأرض.
و) رجب : قد يكون اسم اله الخصب القديم أو اله النخيل وسمي الشهر باسمه . وكانت قبيلة مضر أكثر القبائل تعظيما له . ولذا قيل فيه ” رجب مضر “ونظرا لعظمته وحرمته . ولقد حدد العرب ترتيبه بقولهم ” رجب الذي بين جمادي وشعبان ” . يُنعت شهر رجب بالرجب أي المهيب المعظم . ويُنْعت بالفرد أيضا ، لان الأشهر الحرم ” ثلاثة سرد وواحد فرد ” . والأشهر السرد أي المتتابعة هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، والشهر الفرد هو رجب لأنه جاء منفردا لوحده. وجاء في الأمثال : “عش رجبا تر عجبا ” كناية عن السنة و” العجب كل العجب بين جمادى ورجب ” و” لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ” ولكل مثل قصته .
أكثر النحاة لا يمنعونه من الصرف . وجمع رجب : أرحاب ورجوب ورجاب .
7) شعبان:
الجذر ر.ج.ب عربيّ يفيد التفريق والانشعاب.
تذكر المصادر عدة أسباب للتسمية منها:
أ) شعبَ القومُ أي تفرقواوانتشروا وتباعدوا ، سمي الشهر كذلك لتشعب أو لإنشعاب أي تفرق القبائل العربية في طلب الماء والكلأ أو للغارات والغزو أو للتجارة.
ب) شِعاب الشجرة أي أغصانها والمفرد شعبة . فبعد النبت والإيراق الذي كان في رجب يكون تشعب الأغصان أي تفرقها ، ومن هنا جاءت التسمية لأسباب اقتصادية تتأثر بالمناخ والزراعة وأحوال الحياة.
ج) وقال ثعلب ” سمي شعبان بذلك لأنه ظهر بين رمضان ورجب ” .. شعبَ أي برز وظهر ويُنْعت شعبان بالمعظم والشريف وتقرن به الكثير من المعتقدات والأساطير.( في منتصفه تهتز شجرة الحياة التي تحمل على أوراقها أسماء الأحياء، ومَن تسقط ورقته يكون مصيره الموت في تلك السنة)
وشعبان اسم غير منصرف للعلمية وزيادة الألف والنون وهما بمكانة أل – التعريف في اللهجات القديمة.
جمع شعبان : شعابين وشعبانات .
? رمضان:
الجذر ر.م.ض يفيد الحرارة وشدتها ولتسميته عدة أسباب منها :
أ) سُمي رمضان بذلك لأنه مشتق من الرمضاء وهي الأرض الحامية من شدة حر الشمس ، ورمض النهار أي اشتدت حرارته ورمض الرجل أي احرقت الرمضاء قدميه، ورمض للأمر أي احترق له غيْظًا .. وقديما قال الشاعر : ” كالمستجير من الرّمضاء بالنار ” .
وجاء في لسان العرب ” … لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي فيها ، فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته فسمي به ” .
ب) وقيل سمي رمضان كذلك لأن العرب كانوا يرمضون أسلحتهم بالنار ويجعلونها حادة استعدادا للحرب في شوال قبل دخول شهر ذو القعدة وهو بداية الأشهر الحُرُم
ج) وقيل أيضا لأن الله سبحانه وتعالى يرمض أي يحرق الذين لا يصومون الشهر وفي الوقت نفسه يحرق ذنوب الصائمين . وقد جاء في الحديث الشريف ” إنما سمي رمضان لأنه يرمض ذنوب عباد الله ” ولا شك بأن هذا التفسير جاء متأخراً فالتسمية سبقت الإسلام وعليه فهو جاء بسبب تطور الدلالة ينعت شهر رمضان بالمبارك لقدسيته فهو شهر الصوم بسبب نزول القرآن فيه وشهر الحسنات وقيل أيضا : إن رمضان من أسماء الله الحسنى ولهذا لا يجوز ان نقول ” جاء رمضان ” بل ” جاء شهر رمضان ” شهر رمضان هو الشهر الوحيد الذي ورد في القرآن الكريم ويُنْعت بالمبارك والأصم( لعدم سماع صوت السلاح) . وكلمة رمضان ممنوعة من الصرف للعلَمية وزيادة الألف والنون .
جمع رمضان : رَمَضانات ، رَماضِين ، أرمضاء، أرمضة ،أرمض . وبعض اللهجات العربية جمعته جمعاً سالماً أي رمضانون ورمضانين .
9) شوال :
الجذر ش.و.ل تعني الارتفاع والرفع والعلو ، شال الميزان: ارتفعت إحدى كِفَتيه.. شال الشيءَ: رفعه.. شوّلت الدّواب ونحوها: لحقت بطونها بظهورها من الجوع والهُزال، أي ارتفعت.. والشولة هي ما ترفعه العقرب من ذنَبها.
واللغة العامية حافظت على هذا المعنى القديم حتى يومنا هذا . فنقول ” شال البائع بضاعته ” أي رفعها و ” شالت الأم الحلوى ” أي رفعتها واخفتها في مكان بعيد عن متناول الأيدي والأعين . ومن أسباب التسمية:
أ) قال البيروني : ” .. وشوال لارتفاع الحر وإدباره ” أي انخفاض درجة الحرارة وذهابها ، وهذا تفسير منطقي لأن شوال جاء بعد شهر رمضان المعروف بشدة حرارته وحدتها وذلك في زمن التسمية .
ب) وقيل شيّلوا أي ارتحلوا . ولما تزل اللغة العربية العامية تقول ” شَيَّلوا احبابنا شيلوا ” أي رفعوا أغراضهم ورحلوا .
ج) وجاء في لسان العرب ” … سمي بتشويل ألبان الإبل ، وهو توليه وإدباره ” أي امتناع الإبل عن الدر والاحتلاب لارتفاع اللبن وامتناعه نتيجة نقصانه .
د) وقال الفراء ” .. سمي بذلك لشوَلان الناقة بذنبها ” .. طلباً للضراب أي للذكر، ولهذا تشاءمت العرب وتطيرت منه وامتنعت عن عقد الزواج فيه ، حتى جاء الرسول ” صلعم ” فأبطل طيرتهم إذ تزوج عائشة وبنى بها في شوال
يُنعت شوال بالمكرم فيقال ” شوال المكرم ”
جمع شوال : شوالات ، شواويل وشواوِل .
10) ذو القعدة:
مادة ” قَعدَ قعودا ” تعني القعود والاستكانة والجلوس بعد قيام.. ومن اسباب تسميته ما يلي :
أ) سُمي بذلك لقعودهم فيه عن القتال والأسفار والميرة لأنه من الأشهر الحرام. وهذا رأي الأكثرية .
ب) وبالإضافة إلى قعودهم عن القتال والغزو، ذكر البعض لزومهم المنازل وقعودهم عن طلب الماء والكلأ وكذلك قعودهم عن السفر، وقد يكون قعودهم ( قعد للأمر: اهتم به وتهيّا له ) بسبب الاستعداد للحج أو لقدسيته لأنه من الأشهر الحرم. أو بسبب تذليلهم وترويضهم للإبل من قلوص وبِكر.
كلمة ” ذو ” تعني صاحب وتعرب حسب موضعها وهي من الأسماء الستة وهي مضاف والقعدة مضاف إليه.
جمع ذو القعدة : ذوات القعدة أو ذوات القعدات وأما المثنى فهو : ذوا القعدة أو ذوا القعدتين .
11) ذو الحجة:
الجذر ح.ج.ج ساميّ مشترك سمي بذلك لوقوع الحج فيه { ولله على الناس حج البيت مَن استطاع إليه سبيلا} صدق الله العظيم. والحجة تعني السنة لأن الحج يكون في السنة مرة واحدة. والحج كلمة سامية مشتركة تعني في دلالتها الأصلية الرقص ثم الطواف ثم العيد . ومن معاني الحج التي تطورت حيث كانت تعني الزيارة القاصدة مطلقاً ثم تخصصت دلالتها فاقتصر المعنى على زيارة الأماكن المقدسة لدى جميع الديانات .
فالحج لدى المسلمين يكون بزيارتهم لمكة المكرمة حيث الكعبة الشريفة وغيرها.
والحج لدى المسيحيين يكون في زيارتهم لمدينة بيت لحم حيث كنيسة المهد.
والحج كان في الجاهلية وأبقاه الإسلام مع تغيير هدفه ومضمونه وبعض طقوسه . والحجة: اسم مرة من الفعل حَجّ وهذا من الشواذ لأن القياس يقتضي الفتح بدل الكسر. وكلمة ” ذو ” تعني صاحب وهي من الأسماء الستة ( الأسماء الخمسة هي: أب، أخ، حم، ذو، فو، ويضيف البعض الاسم: هن ) وتعرب حسب موقعها في الجملة وهي مضاف.
جمع ذو الحجة: ذوات الحجة.
وملاحظات أخرى:
1 – يُعتقد أن أوّل من وضع هذه الأسماء هو كلاب بن مرّة
2 _ عرفت العرب في الجاهلية أسماءً أُخرى للأشهر، منها ما يُنسب إلى عاد ومنها ما ينسب
إلى ثمود.
3 _ لكل شهر من الأشهر الإسلامية ( الهجرية ) نعت يعرف به. وقد ذكرنا ذلك أثناء
تفسير أسماء الأشهر.
4 _ الأشهر الحرام
حرمت العرب في الجاهلية القتال في أربعة أشهر هي: ذو القعدة وذو الحجة
ورجب ومحرم. ويُعتقد أن كل قبيلة في الجاهلية اختارت لها شهرا واحدا للتحريم وذلك وفقا لظروفها الخاصة، ولما جاء الإسلام جمع أشهر الحرام وجعلها أربعة بحيث تلائم ظروف جميع القبائل . ويُلاحظ أن الأشهر الحرم الثلاثة الأولى متتالية والأخير جاء منفردا . ولهذا قالت العرب : ” الأشهر الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد” .
والتحريم يعني عدم استحلال القتال والغزو والأخذ بالثأر ونهب الممتلكات..ويبقى السؤال : لماذا تمّ التحريم في شهر دون غيره؟ ” أعتقد لأن الظروف والاعتبارات تختلف من قبيلة لأخرى ، ولكنها تجتمع في كونها تجارية، زراعية ودينية.
5 _ ظاهرة المثنى
وردت ظاهرة المثنى في الأشهر الهجرية، بحيث يُغَلّب اسم شهر على آخر لعلة ما . ومثال ذلك: الأصفران: هما شهرا محرم وصفر. والرّجبان: وهما شهرا رجب وشعبان.
6 _ كل الأشهر مذكرة إلا الجماديتين.
7 _ يجوز ذكر اسم كل الأشهر بدون كلمة شهر إلا شهر رمضان وذلك لمكانته الدينية الخاصة.
8 _ أسماء الأشهر في الجاهلية
فيما يلي قائمة بأسماء الأشهر التي اعتمدها العرب في الجاهلية، وتُنسب إلى عاد.
لقد اختلف الرّواة في بعض أسمائها وترتيبها.
سأثبت هنا ما رواه ابن سيده في كتابه نقلا عن ابن دريد:
المؤتمر وهو محرم. ناجر وهو صفر. خَوّان وهو ربيع الأول. بُصّان وهو ربيع الثاني. الحنين أو شيبان وهو جمادى الأولى. رُبّى أو مِلحان وهو جمادى الآخرة. الأصم وهو رجب. عاذل وهو شعبان. ناتق وهو رمضان وِِعل وهو شوّال. وَرْْنة وهو ذو القعدة. بُرَك وهو ذو الحجة.
9ـــ كلمة “شهر”
وقد سُميَ كذلك لأنه كان “يُشْهَر بالقمر”.. أي يُعَرّف به .
10__ أصل كلمة شهر هو كلداني ومعناه القمر. ونقلته العرب بمعنى الوقت الذي يستغرقه دوران القمر حول الأرض. وجمع كلمة ” شهر” أشهر وشهور. .
فائدة لغوية. تفسير أسماء الأشهر الهجرية.
جاء في مراجع كتب اللغة: (لكل مسمى من اسمه نصيب).. فمثلا وضعت العرب أسماء الأشهر القمرية بصورة موافقة للظروف الحياتية للسكان وللظروف الجغرافية المناخية. * ملاحظة: للتوسع ابحث في جوجل عن مقالتي (تفسير أشهر السنة الهجرية)
1- محرم: بسبب تحريم القتال فيه، فهو من الأشهر الحرم. 2- صفر: خلو وفراغ البيوت من أهلها بسبب خروجهم للغزو، أو لأن القبيلة المنتصرة تأخذ كل ما أمكنها من القبيلة المهزومة (المغزوة) من الغنائم ويتركونها صفرا أي خالية من المتاع والماشية، أو لاصفرار أوراق النباتات. 3- ربيع الأول (الثاني): لهطول المطر وخصوبة الأرض وتوفر الربيع (الكلأ) أي العشب وغيره. 4- جمادى الأولى (الثانية أو الآخرة): من الجمد نتيجة البرد الشديد والبرد والشتاء. 5- رجب: من الرجب أي التعظيم في ممارسة الطقوس الدينية. 6- شعبان: بسبب تشعب أي تفرق القبائل في طلب الكلأ، أو للغزو. 7- رمضان: مشتق من الرمضاء أي الأرض الحارة لشدة حرارة الشمس، وجاء في أمثال العرب: كالمستجير من الرمضاء بالنار. وجاء في لسان العرب: (… لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة، سمّوها بالأزمنة التي فيها، فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته فسمي به..). من المحبذ أن نقرن كلمة شهر بكلمة رمضان لقدسيته، فنقول جاء شهر رمضان بدلا من جاء رمضان.. وكلمة رمضان ممنوعة من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وجمعها: رمضانات ورماضين وأرمضاء.
8- شوال: لارتفاع الحر عن سطح الأرض وإدباره
دراسة لغوية للكاتب: محمد علي سعيد – طمره/ منطقة عكا