خاطرة عن المرحوم أبي …
تاريخ النشر: 31/01/19 | 9:18أبي الغالي… أتذكر رؤيتي الأخيرة لك وانت تجلس بجواري، تخفف عني آلام جروحي جراء العملية الجراحية. كنا نضحك ونتحادث ونأكل ما طاب ولذ من الفاكهة التي كنت تحبها. همَمتَ بالرحيل واقنعتك بان تبقى للحظات أخرى، لم اعلم بأنها لحظاتي الأخيرة معك وانني أملأ عيناي منك شوقاً. عندما حان وقت رحيلك قدمت لك أخر قطعة فاكهة فقلت لي تلك الجملة التي لن انساها ما حييت ” الحمد لله حبيبتي أكلت نصيبي” ورفضت ان تأكلها، كأنك كنت تدرك بأنها لحظاتك الأخيرة على هذه الدنيا وأنك أخذت نصيبك منها.
بعد خروجك من بيتي اذ بي أتلقى مكالمة هاتفية أُعلمت من خلالها خبراً صاعقاً، لم اصدقه بل لم أرد ان اصدقه، أبي انا أُرديَ قتيلا برصاص مجهول، لم استوعب ما قيل لي وطلبت رؤية أبي في الحال واللحاق به إلى المستشفى ولكن رفض الجميع ذالك، حاولت الاتصال بأمي، أخوتي وأخواتي ولكن دون جدوى لم أستطع التواصل مع أحد. اشتعل قلبي ناراً وشعرت بأني لم أرى أبي لسنين عديده واني مشتاقه له حد الجنون لن اراه مرة أخرى واحتاجه بشده، الكل من حولي يبكي وأنا احاول تغاضي ذالك وعدم تصديق ما يمر بي من بكاء وأتصالات تثبت ذالك، كانت دقات قلبي تتزايد، أنفاسي تكاد تنقطع وروحي حائمة تطوف وتبحث عن بصيص أمل يبرد اشتعال قلبي ولكن دون جدوى.
وأنا في طريقي لبيت والدي أخذتني لحظة سكون ودموعي تنساب على وجنتي بهدوء، ألم العملية الجراحية يزداد وآلام قلبي تمزق روحي وأنا اقنع نفسي بأني سأسمع صوت أبي يقول لي” أنا بخير حبيبتي لا تبكي”.
وصلنا بيت والدي وإذ بي أرى حشدا من الناس يملأ ساحة المنزل وأنا اقنع نفسي وأقول ابي لم يمت وكل هؤلاء أتوا فقط ليطمأنوا على صحة الخبر وبأنه غير صحيح، نزلت من المركبة ومشيت ببطء استقبلني أخي ورأى دموعي تنساب على وجنتي فقال لي بكل هدوء لماذا تبكين يا أختي فقط قولي “الله يرحمه” هنا كانت الصاعقة الكبرى لقد مات فعلا ولم يعد أي شيء يهدأني ويبرد نار قلبي المشتعلة او يقنعني بأن أبي ما زال على قيد الحياة، دخلت المنزل ورأيت أمي حضنتها وأجهشت في البكاء وانا اقول لها مات ابي يا امي …
في هذه اللحظة أدركت بأني فقدت أثمن قطعه في قلبي. أبي الذي كان ابي وأخي وصديقي ومرشدي وصاحبي وموجهي ومعلمي …
أفتقدك بشده يا أبي وأشتاق لك جدا جداً …
بقلم: حنين الشوق