أغرب توبة.. في أعماق العالم الآخر
تاريخ النشر: 06/04/14 | 9:28من – المربي محمد حبايب “أبو شادي”
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته أخي بالله القارئ الكريم
نعم إنها توبة غريبة جداً تمت في السماء، في العالم الآخر، إنها توبة إمام التابعين الإمام مالك بن دينار.
تنويه: التابعين هم من أدركوا أحداً من الصحابة ولم يعاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخي القارئ:
إذا انطفأت كل الأنوار، فاعلم أن هناك مصباح لا ينطفئ حتى الموت، إنه مصباح التوبة
يقول الإمام مالك ابن دينار:
بدأت حياتي ضائعا سكيراً عاصيا .. أظلم الناس وآكل الحقوق .. آكل الربا .. أضرب الناس، افعل المظالم .. لا توجد معصية إلا وارتكبتها .. شديد الفجور.. يتحاشاني الناس من معصيتي.
في يوم من الأيام .. اشتقت أن أتزوج ويكون عندي طفله .. فتزوجت وأنجبت طفله سميتها فاطمة .. أحببتها حباً شديدا .. وكلما كبرت فاطمة زاد الإيمان في قلبي وقلت المعصية في قلبي .. ولربما رأتني فاطمة أمسك كأسا من الخمر… فاقتربت مني فأزاحته وهي لم تكمل السنتين .. وكأن الله يجعلها تفعل ذلك …. وكلما كبرت فاطمة كلما زاد الإيمان في قلبي .. وكلما اقتربت من الله خطوه …. وكلما ابتعدت شيئا فشيئاً عن المعاصي ..
حتى اكتمل سن فاطمة 3 سنوات، فلما أكملت …. 3 سنوات ماتت فاطمة.
فانقلبت أسوأ مما كنت .. ولم يكن عندي الصبر الذي عند المؤمنين ما يقويني على البلاء .. فعدت أسوا مما كنت .. وتلاعب بي الشيطان .. حتى جاء يوما فقال لي شيطاني :
لتسكرن اليوم سكرة ما سكرت مثلها من قبل !!
فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب
فرأيتني تتقاذفني الأحلام والكوابيس .. حتى رأيت تلك الرؤيا العجيبة الغريبة.
رأيتني يوم القيامة وقد أظلمت الشمس.. ونفخ في الصور وبعثرت القبور وحشر الخلائق وتحولت البحار إلى نار.. وزلزلت الأرض …
واجتمع الناس إلى يوم ألقيامه .. والناس أفواج .. وأفواج .. وأنا بين الناس
وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان .. هلم للعرض على الجبار.
يقول :
فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف، حتى سمعت المنادي ينادي بإسمي .. هلم للعرض على الجبار.
يقول :
فاختفى البشر من حولي (هذا في الرؤية) وكأن لا أحد في أرض المحشر .. ثم رأيت ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا فمه. فجريت أنا من شده الخوف فوجدت رجلاً عجوزاً ضعيفاًً …. فقلت:
مشاركات – أغرب توبة في أعماق العالم الآخر
آه: أنقذني من هذا الثعبان
فقال لي .. يا بني أنا ضعيف لا أستطيع ولكن اجر في هذه الناحية لعلك تنجو …
فجريت حيث أشار لي والثعبان خلفي ووجدت النار تلقاء وجهي ..
فقلت: أأهرب من الثعبان لأسقط في النار ؟؟؟
فعدت مسرعا أجري والثعبان يقترب مني.
فعدت للرجل العجوز الضعيف وقلت له: بالله عليك أنجدني أنقذني .. فبكى رأفة بحالي ..
وقال: أنا ضعيف كما ترى لا أستطيع فعل شيء ولكن أسرع تجاه ذلك الجبل لعلك تنجو
فإن فيه ودائع المسلمين فإن كان لك فيه وديعة فستنصرك.
فنظرت إلى جبل مستدير من فضة وفيه كوى (فتحات) مخرمة وستور معلقة على كل خوخة وكوة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلة باليواقيت مكوكبة بالدر على كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت إلى الجبل وليت هارباً إليه والتنين من ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع وأشرفوا فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه، فإذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فأشرف علي من تلك المخرمات أطفال بوجوه كالأقمار وقرب التنين مني فتحيرت في أمري فصاح بعض الأطفال ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه، فأشرفوا فوجا بعد فوج وسمعت الأطفال كلهم يصرخون: يا فاطمة أدركي أباك أدركي أباك، وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم، ففرحت أن لي ابنة ماتت وعمرها 3 سنوات تنجدني من ذلك الموقف
فلما رأتني بكت وقالت إنه أبي والله، ثم وثبت في حزمة من نور كرمية السهم حتى مثلت بين يدي فمدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى فتعلقت بها، ومدت يدها اليمنى إلى التنين آمرة إياه أن ينصرف، فولى هاربا وأنا كالميت من شدة الخوف، ثم أجلستني وجلست في حجري كما كانت تجلس في الدنيا، وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي وقالت يا أبت ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ؟ فبكيت وقلت يا بنية وأنتم تعرفون القرآن فقالت يا أبت نحن أعرف به منكم، قلت يا بنيتي .. أخبريني عن هذا الثعبان !!
قالت هذا عملك السيئ أنت كبرته ونميته حتى كاد أن يأكلك .. أما عرفت يا أبي أن
الأعمال في الدنيا تعود مجسمة يوم ألقيامه..؟
يقول:وذلك الرجل الضعيف: قالت ذلك العمل الصالح .. أنت أضعفته وأوهنته حتى بكى
لحالك لا يستطيع أن يفعل لحالك شيئاً، ولولا انك أنجبتني ولولا أني مت صغيره ما كان هناك شيئ ينفعك.
قلت يا بنية وما تصنعون في هذا الجبل قالت نحن أطفال المسلمين قد أسكنا فيه إلى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم.
يقول:
فاستيقظت من نومي وأنا أصرخ: قد آن يا رب.. قد آن يا رب, نعم
ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
يقول :مشاركات – أغرب توبة في أعماق العالم الآخر
واغتسلت وخرجت لصلاه الفجر أريد التوبة والعودة إلى الله
دخلت المسجد فإذا بالإمام يقرأ نفس الآية:
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق !!!
ذلك هو مالك بن دينار من أئمة التابعين، هو الذي اشتهر عنه أنه كان يبكي طول الليل .. ويقول: إلهي أنت وحدك الذي يعلم ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين أنا ؟؟؟
اذرفي أيتها العيون دموعك كالأمطار، بل كالأنهار !!!
انظروا إلى عظمة هذا السؤال، وشدة وعظمة الإجابة عليه !!!.
اللهم اجعلنا من سكان الجنة ولا تجعلنا من سكان النار.
وتاب مالك بن دينار واشتهر عنه أنه كان يقف كل يوم عند باب المسجد ينادي ويقول:
أيها العبد العاصي عد إلى مولاك.
أيها العبد الغافل عد إلى مولاك.
أيها العبد الهارب عد إلى مولاك.
مولاك يناديك بالليل والنهار ويقول لك:
من تقرب مني شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة.
وقال الله تبارك وتعالى في محكم آياته: (* وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا *) الفرقان.
انظروا إلى كرم الله، يبدل السيئات بحسنات لمن تاب.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وبعد أيها الناس، (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).
اللهم إنّا نسألك أن ترزقنا حلاوة التوبة ونعيمها، فارزقنا قلوب التائبين المهتدين، ولا تجعلنا من الغافلين، فإنك تحب التوابين الأوابين. اللهم واجعلنا ممن تحبهم ويحبونك.
اللهم آمين… اللهم آمين… اللهم آمين
بارك الله بك أستاذ محمد .. مقال رائع وقيّم
وفيك أخي الكريم ووفقك الله لما يحبه ويرضاه
أرجو أن تقرأ أيضاً مقالتي الجديدة “لعله خيرأً”
وبهذه المناسبة أود ان أشكر القائمين على هذا الموقع القيم جميعاً.
وأود أن أنوه بأنه غني عن القول أن القصص المنشورة ضمن مقالتي هي ليست من تأليفي وبعضها ربما معروف للقراء.
ولكن صياغتها من جديد واصلاح اخطائها والتقديم لها والتذييل لها (في نهايتها) واستخلاص العبر منها (وهذا هو الأهم) والتوجيه لفهمها بالشكل الصحيح، كل هذا من قلمي وتأليفي أقدمه للقارئ بكل تواضع، لا أبتغي به غير رضا الله ورضوانه، والله فقط من وراء القصد.
أخوكم الفقير إلى الله أبو شادي….
أترككم بحفظ الله ورعايته، والسلام عليكم.