لعله خيرا..
تاريخ النشر: 07/04/14 | 8:53لعله خيراً..ف “لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُم”
وإنك.. “لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً” فيصبح الشر خيراً
بقلم: ألمربي محمد حبايب
أخي/أختي القراء الكرام…
هناك اختلاف كبير جداً بين الناس بما يتعلق في نظرتهم للحياة وكيف يحبون ان يسير بهم مركبها، فمنهم من يحب التغييرات ومنهم من يحب الحياة الرتيبة الهادئة، ومنهم من يراها بعين الرضا والتفاؤل، ومنهم من يراها بعين الخوف والتشاؤم.
ولكن الدنيا دائمة التقلب والتغير، شئنا أم أبينا، ولا تستقر على حال، ودوام الحال من المحال، ولو دامت لأحد لدامت لمن هم خير منا من الأنبياء والرسل والصالحين، ومع تغييراتها تعصف بنا أحداثها بدون أن تعطينا فرصة للتفكير أو الاختيار.
وما بين التفاؤل والتشاؤم هنالك فئة ثالثة يقولون دائماً “لعله خير” (قصصها كثيرةً وغريبة وشيقة جداً كما سترون لاحقاً) يؤمنون بالله وقضائه وقدره خيره وشره، ويؤمنون بأن الله تبارك وتعالى لا يريد بنا إلا خيراً، حتى عندما يبدو لنا أن الأمر كله شراً، فنحن لا ندري لعل الله يريد بنا خيرا لا نعلمه، كأن يكون هذا “الشر” سبباً في نجاتنا من مصيبة كبرى أو حتى من الموت كما سترى لاحقاً، وإنك أخي “لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً”، يحول به هذا “الشر” الى خير كبير، أو يكون هذا “الشر” سبباً في حصول الخير الكثير.
ونحن لا نستطيع مهما بلغنا من علم وحكمة أن ندرك حكمة الله البالغة، وقد جاء في كتاب الله الكثير في هذا الشأن (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)، وهذا توجيه رباني في إحسان الظن بالله عز وجل والتوكل عليه، والثقــة بحكمته ورحمته، وأنه سبحانه وتعالى لا يريد بعباده المؤمنين إلا الخير.
ولا أطيل عليكم، فإليكم بعض الأمثلة والقصص الجميلة الشيقة والمعبرة التي آمل أن تنال إعجابكم وتنير قلوبكم للخير والعبرة الحسنة.
الملك ووزيره و.. لعله خير
كان لأحد الملوك وزير حكيم وكان الملك يقربه منه ويصطحبه معه في كل مكان.
وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير “لعله خيراً” فيهدأ الملك.
وفي إحدى المرات قُطع إصبع الملك فقال الوزير “لعله خيراً”
فغضب الملك غضباً شديداً وقال ما الخير في ذلك؟!
وأمر بحبس الوزير.
فقال الوزير الحكيم “لعله خيراً”، ومكث الوزير فترة طويلة في السجن.
وفي يوم خرج الملك للصيد وابتعد عن الحراس ليتعقب فريسته فمر على قوم يعبدون صنم كبير لهم، فقبضوا عليه ليقدموه قرباناً للصنم، ولكنهم تركوه بعد أن اكتشفوا أن قربانهم إصبعه مقطوع.. فهم يريدونه سليماً معافى ليس به أي عيب (كالأضحية).
فانطلق الملك فرحاً بعد أن أنقذه الله من الذبح تحت قدم تمثال لا ينفع ولا يضر..
وأول ما أمر به فور وصوله القصر أن أمر الحراس أن يأتوا بوزيره من السجن
واعتذر له عما صنعه معه، وقال أنه أدرك الآن الخير في قطع إصبعه، وحمد الله تعالى على ذلك.
ولكنه سأله عندما أمرت بسجنك قلت “لعله خيراً” فما الخير في ذلك؟
فأجابه الوزير أنه لو لم يسجنه..
لَصاحَبَهُ فى الصيد فكان سيُقدم قرباناً بدلاً من الملك… فكان في صنع الله كل الخير.
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)
لعله خيراً.. ويمكرون والله خير الماكرين
يحكى انه كان هناك رجل مسافر مع مجموعه من أصحابه فكان كل واحد منهم لديه راحلة خاصة به وكان هذا الرجل كلما قالوا له أمر سيء يخصه قال لعله خيراً وكلما قالوا فلان حصل له كذا وكذا قال لعلها خيراً.
فتعجبوا من أمره وقال احدهم سوف افعل له مقلب فسوف لأرى هل يقول خيراً أم لا. وبينما هم يسيرون في الصحراء قال احدهم سوف آخذ الإبل وأرعى بها بينما انتم تستريحون، وأخذها ثم قام بفصل الإبل الخاصة بالرجل الذي يقول لعله خيراً لوحدها ووضعها في كهف وأغلق عليها ورجع ببقية الإبل إلى أصحابه. فقال لصاحب الإبل المفقودة اعذرني يا صاحبي فقد كنت أرعى بالإبل وغفلت عنها، وعندما أردت العودة بحثت عن أبلك فلم أجدها فسامحني أرجوك، قال صاحب الإبل لا تدري لعلها خيراً.
فتعجبوا جميعا من أمره وقالوا كيف تقول خيراً وأنت الآن لا تملك راحلة لتركب عليها وتكمل السفر فقال والله لعلها خيراً.
وفجأة وبينما هم يتناقشون هجم عليهم قطاع طريق واخذوا منهم جميع ما يملكون من ابل وما عليها من أمتعة ثم فروا هاربين، فقال الذي قد خبأ الإبل لصاحب الإبل المفقودة والله انك لصادق حين قلت إن ضياع إبلك خيراً، فقال كيف ذلك ؟ قال إنها لم تضيع ولكن أنا خبأتها ففي الكهف لأرى ماذا تقول وما أراك قلت سوى كلمة خيراً، فذهب واحضرها وركب عليها وأكمل سفره، بينما أصبح هم الذين يسيرون على الأقدام.
إنه الله البر الرحيم، اللطيف الرءوف الودود…
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)
نجاة الأب وابنه من الموت.. لعله خير
كان يعيش رجل مع ابنه بقرية تبعد عن المدينة بحوالي يومين سفر، فقررا الذهاب للمدينة لقضاء بعض الحوائج فجهزا للرحيل ووضعا أمتعتهم فوق ظهر الحمار وانطلقا.
في الطريق تعرض الحمار إلى كسر في حافره فقال الأب: (لعله خير إنشاء الله ويدفع عنا بلاء عظيم).
وفي الطريق أيضاً تعرض الأب لجرح في قدمه فقال: (لعله خير).
واضطر الولد بعد إصابة قدم أبيه وكسر الحمار إلى حمل أمتعته وأمتعة أبيه.
وهما ذاهبان والولد يحمل أمتعته وأمتعة أبيه، تعرض المسكين للسعة أفعى فقال الاب: (لعله خير ويدفع عنا بلاء عظيم..).
فثار الولد غاضباً: (أهناك بلاء أكثر من هذا البلاء).
عالجه أبوه وجلسا في مكانهما يومين حتى مرت الحمى وشفي الولد واستمرا في طريقهما إلى أن وصلا إلى المدينة.
ويا للمفاجئة الكبرى، فلقد وجدوها عبارة عن ارض خراب !!! تعجبا وسألا ما الذي حدت ؟؟؟ فعلما أن المدينة أصابها زلزال قبل يومين، ولم يبق فيها على قيد الحياة إلا بعض الأفراد ممن كانوا مسافرين.
فالتفت الأب إلى ولده وقال: (أعلمت الآن أن ما حدث لنا كان خيراً ؟!).
إنه الله اللطيف الرءوف الودود…
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)
نجاة العائلة من الموت.. لعله خير
كان احد الرجال يسكن فى الصحراء مع قبيلته، وكان فقيراً ليس عنده سوى كلب وخروف وبقرة.
أفاق من نومه في أحد الأيام فوجد الكلب ميتا.
فحمد الله وقال: لعله خيراً.
في اليوم الثاني أفاق من النوم فوجد الخروف ميتا.
فحمد الله وقال: لعله خيراً.
في اليوم الثالث أفاق من نومه فوجد البقرة ميتة.
فحمد الله وقال: لعله خيراً
في اليوم الرابع أفاق من نومه فوجد كل أهل القبيلة مقتولين.
حيث قامت إحدى القبائل المعادية لهم بالهجوم عليهم بالليل وقتلوهم وسلبوهم.
ولما كان الليل حالكاً جداً، استدلت القبيلة المهاجمة على مكان بيوت هذه القبيلة بأصوات كلابهم ودوابهم.
أما صاحبنا القائل لعله خيراً، فلم يستدلوا على بيته ولم يشعروا به لان كلبه ودوابه ماتت قبلها فاتضح له أن ما حدث له كان خيرا له ورحمة ولطفاً من الله.
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)
لعله خير.. وأي خير..
وهذا ما حدث لرجل مسافر قدم إلى المطار، وكان حريصا على رحلته، وكان مجهداً بعض الشيء، وفي أثناء انتظاره للطائرة، أخذته غفوةً ترتب عليها أن أقلعت الطائرة، وفيها ركاب كثيرون يزيدون على ثلاث مئة راكب، فلما أفاق إذا بالطائرة قد أقلعت قبل قليل، وفاتته الرحلة، فضاق صدره، وندم ندماً شديداً، ولم تمض دقائق على هذه الحال التي هو عليها حتى أعلن عن سقوط الطائرة، واحتراق من فيها بالكامل!!!.
والسؤال أخي: ألم يكن فوات الرحلة خيراً لهذا الرجل؟! ولكن أين المعتبرون والمتعظون؟.
{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً)
غرقت السفينة لكنه نجا
وهذا طالب ذهب للدراسة في بلد أجنبي، وفي أيام الاختبارات ذهب لجزيرة مجاورة للمذاكرة والدراسة، وبينما هو سائر في الجزيرة قطف بعض الورود، فرآه رجال الأمن فحبسوه يوماً وليلة عقاباً لصنيعه مع النبات، وهو يطلب منهم بإلحاح إخراجه ليلحق اختباره غداً، وهم يرفضون، ثم ماذا حصل!؟ لقد غرقت السفينة التي كانت تقل الركاب من الجزيرة ذلك اليوم، غرقت بمن فيها، ونجا هو بإذن الواحد الأحد.
إنه الله اللطيف الرءوف الودود…
وبعد أخي القارئ الكريم، هل أنت على ثقة بالله ؟ وهل ظنك بالله حسن ؟ وأنه سبحانه وتعالى لا يريد بنا إلا خيراً.
فكن حامداً ذاكراً شاكراً لله في كل حال، وأحسن الظن بالله فقد قال رب العزة “أنا عند حسن ظن عبدي بي”.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: “لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً، له إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً، له وليس ذلك إلا للمؤمن”.
ولقد وردت الكثير من الآيات في كتاب الله الكريم تشير الى هذا المعنى بشدة:
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
(وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
وهذه الآيات توجيه رباني في إحسان الظن بالله عز وجل، والثقــة بحكمته ورحمته في كل حال، وأنه سبحانه وتعالى رحيم بنا وأرحم بنا من الأم بوليدها، ولا يريد بعباده المؤمنين إلا الخير (يُرِيدُ اللَّهُ بـِكـُــمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ) وهذا بدوره يبث الأمل في النفوس إزاء المصائب والأمراض والشقاء والبلاء الذي يعيشه الكثير منا في هذه الحياة الدنيا، وأسأل الله لي ولكم أن يملئ قلوبنا بالإيمان والرضا، والتفاؤل والطمأنينة والسكينة.. والتوكل على الله في جميع أمرنا.. والثقة التامة بأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا.
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (51) التوبة.
واعلم أخي الكريم أن هذه الحياة الدنيا، بجميع ما فيها ومن فيها لن تنفعك بشيء،إلا ما عملته فيها ابتغاء وجه الله ومرضاته.
(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)
(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا).
فكن حريصاً أخي الكريم على طاعة الله ومرضاته، وتجنب أخي معصية الله وجميع ما يغضبه من قول أو عمل. بارك الله فيك ولك في دينك ونفسك وأهلك ومالك وفي جميع أمرك وجميع شأنك في الدنيا والآخرة، وأتركك في حفظ الله ورعايته.
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ ولا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
قصص رائعة وقيمة وفيها العظة والعبرة والاسلوب سهل وبسيط واحترافية عالية ومهارة في اختيار الالفاظ والعبارات
سلمت يمينك أخي الكاتب
الله يرضى عنك