سيّدنا عثمان بن عفان الزّاهد في الحكم وغير المتشبّث به
تاريخ النشر: 26/03/19 | 9:32قرأت منذ يومين أنّ سيّدنا عثمان بن عفان رضوان الله عليه: “من شدّة حبّه للكرسي فضّل أن يقتل على أن يترك الحكم، وأنّ سيّدنا الحسن رضوان الله عليه كان أفضل منه لأنّه تخلى عن الحكم ؟ !”. وعليه أقول:
1. هناك مواضيع تعمدت أن لا أتطرّق إليها وتمّ تأجيلها احتراما لأحداث الجزائر حتّى أنّي أفكّر في مقال أجمع فيه هذه المواضيع وأسميه: “من سنن أحداث الجزائر”.
2. سيّدنا عثمان بن عفان رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه لم يطلب الحكم في عهد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو صهره والمقرّب إليه ويستحي منه.
3. سيّدنا عثمان بن عفان لم يطلب الحكم في عهد سيّدنا الصّديق رضوان الله عليهما، وهو الذي طلب منه أن يشير عليه برجل يخلفه فكتب اسم سيّدنا عمر بن الخطاب رضوان الله عليه ولم يكتب اسمه وكان باستطاعته أن يكتب اسمه، رغم أنّ سيّدنا الصّديق قال له: “والله إنّك عندي لها (أي الخلافة) لأهل موضع” كما جاء في صفحة 71 من كتاب “مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب” لسيّدنا الحافظ ابن الجوزي رضوان الله عليه.
4. سيّدنا عثمان بن عفان لم يطلب الحكم في عهد سيّدنا عمر بن الخطاب رضوان الله عليهما، وقد كان من المقرّبين إليه ومن الذين يستشيرهم رفقة سيّدنا علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، وقد جعله ضمن الستة 6 الذين يختارون الخليفة بعد مقتله والذين رضي عنهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حياته وبعد التحاقه بالرفيق الأعلى. وتمّ اختياره من طرف أسيادنا علي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم جميعا كما جاء في صفحة 252 من نفس كتاب “مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب” ، ولم يطلب منهم سيّدنا عثمان بن عفان أن يجعلوه خليفة على المسلمين.
5. لو كان سيّدنا عثمان بن عفان يسعى للحكم لاستدعى قيادة الجيش وهو القائد الأعلى للقوات المسلّحة وسحق التمرد والمتمرّدين، لكنه لم يفعل.
6. لو كان سيّدنا عثمان بن عفان يسعى للحكم لاستجاب لطلب الذين طلبوا منه أن يموتوا دونه ويدافعوا عنه، لكنه رفض أن تزهق أرواح المسلمين لأجله وأمرهم وهو الحاكم أن يتركوه وشأنه مع القتلة والمجرمين مفضّلا أن يموت وحده دون إراقة دماء المسلمين.
7. سبق لي أن كتبت 3 مقالات أردّ فيها على “احميدة عياشي” الذي اتّهم أسيادنا الصحابة، وأسيادنا الخلفاء، وسيّدتنا أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليهم جميعا، ومنها مقال: ” مع احميدة عياشي في بغضه للخلفاء الراشدين” وبتاريخ: الإثنين 10 شوال 1436 الموافق لـ 27 جويلة 2015. وقد فرح احميدة عياشي بمقتل سيّدنا عثمان بن عفان واعتبر القتلة والمجرمين “ثوارا وثورة ؟ !”.
8. بحثت في أوراقي فوجدت أنّي قد قرأت بتاريخ: الجمعة: 24رمضان 1431 هـ، الموافق لـ: 03 سبتمبر 2010 كتاب: “صورتان متضادتان عند أهل السنة والشيعة الإمامية لنتائج جهود الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوية والتربوية وسيرة أصحابه رضي الله عنه ” للعلاّمة أبي الحسن علي الحسني الندوي، رحمة الله عليه. وممّا جاء في صفحتي 31- 32: ” أخرج ابن سعد عن عبد الله الرومي، قال: كان عثمان رضي الله عنه يلي وضوءه بنفسه. فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفّوك. قال: لا، الليل لهم يستريحون فيه”. و “وكان له عبد، فقال له: إني كنت عركت أذنك فاقتص مني. فأخذ بأذنه. ثم قال عثمان رضي الله عنه اشدد: ياحبذا ! قصاص في الدنيا لاقصاص في الآخرة “.
9. أقول: هذه أخلاق من يزهد في الحكم ولا يتشبّث به ولا يطلبه ولا يموت في سبيله لأنّ سيّدنا عثمان بن عفان تعلّم الزهد في الحكم من معلّمه الأوّل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو المقرّب إليه، ومن صديقيه الصّديق وعمر بن الخطاب رضوان الله عليهم جميعا وهو المستشار.
10. لو كان سيّدنا عثمان بن عفان يريد الحكم لمنحه لبعض أبنائه الذين كان منهم الرواة والقادة لكنه رفض أن يولي أبناءه الحكم، واقتدى في ذلك بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي لم يمنح الخلافة لعائلته، واقتدى بسيّدنا الصّديق الذي لم يمنح الخلافة لابنه وهو القائد، واقتدى بسيّدنا عمر بن الخطاب الذي لم يمنح الخلافة لابنه عبد الله وهو العالم والفقيه والمفتي وأشدّ الصحابة حرصا على السنّة النبوية الشريفة.
معمر حبار