هل نحن شعب لا يقرأ؟

تاريخ النشر: 25/09/11 | 23:07

بقلم سامي ادريس

رد حول مقال د: محمود ابوفنه “القراءة بحرٌ زاخرٌ بالدّرر!”

أستاذي العزيز الدكتور ابو سامي

ما ان تظهر في رأس الصفحة ابتسامتك العريضة المليئة بالقناعة الانسانية، حتى أسرع الى قراءة المكتوب تحتها بتلهف شديد، ذاكراً قولة القائل:

من علمني حرفاً كنت له عبداً

سبحـانك اللهـم خـير معلـم علمـت بالقلـم القـرون الأولى

أخرجت هذا العقل من ظلماته وهديته النور المبين سبيلا

وأريد أن أقول إننا كنا شعباً يقرأ، ويعلم الشعوب الاخرى،فأصبحنا شعباً غير قارئ ونحن نعم نحن شعب الكتاب، شعب القرآن.وأريد أن أقول إن المعلمين ، هذه الشريحة الاجتماعية التي من المفروض أن يكونوا زبدة المجتمع وقادته هم أنفسهم ضد القراءة، فكيف تنشأ الأجيال الصاعدة على حب القراءة، وليعذرني المعلمون الذين يقومون بدورهم فتقف أمامهم حواجز كالتلفاز والانترنيت وغير ذلك، فتجدهم يعجزون عن غرس حب القراءة في نفوس طلابهم.

لقد تابعت عن كثب العام الماضي درساً جامعياً ضم ثمان طالبات من القارئات المجتهدات الجادات، فكانت المحاضرة لمسؤولة عن المساق تختار كتاباً من الأدب المعاصر الرفيع، وكان أجمل ما في ذلك يوم الاجتماع لمناقشة الكتاب واللقاء مع الكاتب نفسه، والمثير للاحترام والتقدير أنك إذا نظرت حولك تجد هذه القمم والرؤوس من شوامخ الادباء قد جاءوا يستمتعون ويستمعون الى المحاضرة، وينظرون اليها كأنها قديسة،وهي تقدم الكاتب ببالغ المحبة والإثارة.وبكل تواضع يصغون الى الطالبات اللاتي قرأن الكتاب،وهم كانوا قد قرأوا الكتاب وأعادوا قراءته للمرة الثانية، فالقراءة الثانية تختلف كلية عن الاولى، واحتراماً للحدث وللمشاركة الفعالة في هذه الفعالية الممتعة، حتى إذا انتهت رأيتهم يتحلقون حول الكاتب يسألونه ويتلمسون من بركاته. أذكر يوم كان دور الكاتب سيد قشوع الذي يكتب باللغة العبرية، وهو احد تلاميذي، كيف كان زخم الاسئلة، وحب الاستطلاع والمشاركة الفعالة.

ومن الناس، منهم أنا مثلاً، مَن يأخذون في الخربشة على الكتاب فيشبعون هوامشه خربشة، والعرب اعتادوا على ذلك كتفسير ابن كثير وبهامشه تفسير آخر، والرازي وبهامشه تفسير آخر.

واسمحوا لي أن اروي لكم طرفه ، ففي أحدى القصص يشتري الزوج كتاباً من دكان الوراقين من الكتب الصفراء، ليجد لدهشته أن زوجته كانت قد قرأته وكتبت اسمها موقعة رسالة الى عشيقها، وهكذا تبدأ الخيوط الأولى لرواية عظيمة ” سوناتا كروزو”

أما الأجانب فلا يحبون الخربشة على الكتاب مطلقاً ، ولا حتى بقلم رصاص، وقد حدث أن أعارتني مرشدتي كتاباً جديداً خرج لتوه من المطبعة ، فما كان مني إلا أن أخذت في الخربشة والتعليق على الهوامش بالخط الاحمر ، وفي لقاء مناقشة الكتاب ذهبت وأنا سعيد بما أنجزته، فما كان منها إلا أن بهدلتني بهدلة لم أشهد مثلها في حياتي ، ولكن ملكة الإقناع وتلفيق الكلام التي أتقنها، خففت وطأة وحدة غضبها، ففي بداية النقاش أصرت على أن أشتري لها نسخة جديدة بدل النسخة المخربشة، وبعد الخطاب والمرافعة التي شرعتها محاولاً القول أن هذا التصرف يدل على علاقة عشق حميمية مع الكتاب، أما أن لا تلمس الكتاب لمساً فهذا يدل على علاقة مغلفة بالورق المقوى .

وبعضنا يرى في الكتب زينة للمكاتب، فتراه في مكتبه أو مكتبته يضع مجموعة من الكتب القيمة التي كتبت عناوينها بماء الذهب،وإذا زرته وفتحت أحدها وجدت ورقه ملصقاً مما يدل على أنه لم يفتحه ، ماذا لو شرعت في مناقشته؟ ألا يستحي من نفسه. نصيحة لوجه الله ، يا أخي إياك أن تضع على رف مكتبتك كتاباً لا تعرف فحواه.

من هنا أريد أن أخرج بدعوة عملية للقراءة، فنعلن عن كتاب من الكتب الحديثة، وأفضل أن يكون رواية عربية نقوم بالتعليق حولها.

‫3 تعليقات

  1. أستاذ سامي إدريس
    زِدنا من هذه الدرر!
    كنّا أمّة “اقرأ” وسنعود لنكون أمّة “اقرأ” بعون الله!
    ولا داعي لليأس والإحباط!
    بفضل جهود المخلصين المتنوّرين من أبناء أمّتنا سنحقّق
    الأهداف المنشودة من تقدّم وازدهار وإقبال على القراءة الحرّة!

  2. حياك الباري استاذي الكريم وجمل ايامك بالسعادة والعطاء الخالد.

    جميل جدا ان نعمل على تحقيق هدف نبيل. نركز عليه ادراكنا..ونخصص له الوقت

    والموارد المالية..

    الاقتراح الذي اشرت اليه لتشجيع القراءة..اقتراح هادف وجوهري.

    لرفع معنوياتك..انني على استعداد للتبرع بتغطية نفقات المشروع.

  3. تحياتي للكاتب والمعلقين
    ان موضوع القراءه وأهميه القراءه انعكاسها على القارىء والمستمع ايضا امر مهم جدا, فللأسف اصبحنا اليوم اقل شعب نقرأ وعندما سأل ديان كيف تسمح لنفسك نشر خطتك العسكريه – لا تخاف , فقال لا لان العرب لا يقرؤون —
    لذالك عزيزي الكاتب القراءه مهمه جدا , بالذات ان نحمل كتاب او جريده – مجله وال — , لا بديل لها مهما تطورت وسائل الاعلام فاسمح لي أن اهديك وأهدي كتاب, معلقي الموقع :

    اللَّهُ يَعْلَمُ لولا أَنَّني فَرِقٌ *** مِن الأَميرِ, لعَاتَبْتُ ابنَ نِبْراس

    تحياتي للاستاذ والمربي د- ابو فنه ولكم جميعا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة