وحي الصدور 71 – معمر حبار
تاريخ النشر: 22/04/19 | 11:41أوّلا الخبير الأمين: قال سيّدنا يوسف عليه السّلام لملك مصر: “قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” يوسف – الآية 55:
1. لم يقل له اجعلني على قيادة الجيش لأنّه لم يكن قائدا للجيش.
2. لم يقل له اجعلني على رأس المعبّرين للرؤيا لأنّها ليست وظيفة شأنها شأن الرقية.
3. قدّم نفسه على أنّه الخبير الاقتصادي، وزاد أن وضع قاعدتين تميّز للخبير، وهما: الأمانة والعلم.
4. الخبير هو الذي تتوفّر فيه صفتي الأمانة والعلم، ولا خير في خبير لايؤتمن في مايملك من فتوى وشعر ونقد وكتابة وطب وهندسة وذاكرة وتخطيط ومال ورعاية وحكم ووزارة وولاية.
5. لم يقدّم سيّدنا يوسف عليه السّلام نفسه على أنّه: ابن نبي الله سيّدنا يعقوب عليه السّلام، ولم يقدّم نفسه على أنّه نبي.
6. الخبير هو الذي لايقدّم نفسه على أنّه ابن الرئيس، وصهر الرئيس، وابن عمّ خال الرئيس، والخبير هو الذي يسبقه علمه وترفعه أمانته.
ثانيا: معجزة العمل: قال الله تعالى: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” مريم – الآية 25:
1. المعجزة هي التي لم تكن من قبل، ولذلك اعتبر القرآن الكريم معجزة لأنّ العرب الذين أبدعوا وتفوّقوا وتفرّدوا في مجال اللّغة العربية وعرفوا بالمعلّقات وهي أعظم ماأنتجه العرب ووضعوا للسان العربي أسواقا ورغم ذلك عجزوا على أن يأتوا بحرف يشبه ماجاء في القرآن الكريم، أو بآية أو سورة وهم صنّاع اللّغة العربية.
2. لايقال إذن عن التمر – كمثال – أنّه معجزة لأنّ العرب كانت تستعمل من قبل التمر لأغراض عدّة وكذا الحضارات من قبل. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم استعمل التمر كما كانت قبيلته وأسرته وأصحابه يستعملونه من قبل باستثناء إذا كان الاستعمال لأغراض تتعلّق بالشرك والخمر والعبث.
3. يقال التمر معجزة لو أنّ الله تعالى أمر سيّدتنا مريم عليها السّلام حين جاءها المخاض أن تتّجه للنخلة وتأكل من التمر لكن لم يحدث ذلك. والآية ” فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا “مريم – الآية 23، مايدلّ على أنّ سيّدتنا مريم عليها السّلام جاءها المخاض فاتّجهت إلى النخلة لعلّها تجد ضالتها هناك، ثمّ إنّها كانت في الخلاء ولم تكن في البيت، أي لم تجد مكانا تأوي إليه غير النخلة ولم يكن لها خيار غير ها.
4. سيّدنا يونس عليه السّلام بقي في بطن الحوت وقتا معلوما طبقا لقوله تعالى: ” فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ” الصافات – الآية 142 ، ولم يقل أحد أنّ أكل الحوت إعجاز. لماذا إذن يتم التركيز على التمر – هنا – على أنّه معجزة.
5. مايجب الوقوف عليه مطوّلا أنّ سيّدتنا مريم عليها السّلام وهي تعاني آلام المخاض أي ضعيفة هزيلة لاتقوى على حمل جسدها يأمرها الله تعالى في نفس الوقت أن تهزّ النخلة، مايدلّ على عظمة العمل في الإسلام والسّعي نحو العمل ولو بالتظاهر والمحاولة كما فعلت سيّدتنا مريم عليها السّلام.
6. المعجزة إذن في الحثّ على العمل الذي يجلب القوت بإذن ربّه، ويرفع الأمم ويجعلها في مصفّ الدول المتقدّمة ويمنحها القوّة والعظمة لأنّ العمل سلوك حضاري تتزيّن به المجتمعات الراقية وتفتخر به وتتميّز به عن غيرها.
7. تكمن عظمة سيّدتنا مريم -في هذه الآية- في كونها عاملة تحب العمل وتسعى للعمل وهي تعاني المخاض والمحتاجة لمن يخدمها ولم تقدّم يديها الطّاهرة الشّريفة لأحد ولم تتطلب صدقة من أحد.
الشلف – الجزائر
معمر حبار