لن يفعلها الشيخ خالد حمدان
تاريخ النشر: 09/04/14 | 14:47بقلم: المهندس محمد يونس
استفزني هذا الأسبوع خبرٌ نشر في أحد المواقع الإلكترونية مفاده أن بلدية أم الفحم متفاجئة من نتائج انتخابات لجنة التنظيم والبناء وادي عارة، حيث أنتخب نادر يونس، ممثل مجلس عرعرة المحلي، رئيسًا للجنة جافًا للمحامي الفحماوي محمد صبحي.
لا أعرف ما هو مصدر المفاجأة. ربما توقع ممثلو بلدية أم الفحم أن يفوز مرشح أم الفحم، المحامي يوسف أبو حفيظة بهذا المنصب، وجاءت النتائج بعكس التوقعات.
ولكن اللافت للأنظار هو رد بعض الجهات المركزية في الائتلاف البلدي (قائمة نور المستقبل) والتي هددت بالتوجه إلى وزير الداخلة بهدف الحصول على قرار بتشكيل لجنة محلية خاصة بأم الفحم ومنفصلة عن لجنة التنظيم وادي عارة. لا أدري ما هو مدى هذا التهديد وما هي صحة هذا الخبر، ولكنني أقول وبثقة، الشيخ خالد حمدان لن يفعلها.
لن يفعلها لأنه لا يملك، الشيخ خالد حمدان وإدارته، القدرة على تحمل عواقب قرارٍ من هذا النوع، في هذه الفترة بالذات، وأهل وادي عارة يواجهون مخاطر التخطيط الذي يقيد ويحاصر بلدات وسكان المنطقة، ويقفون أمام التهديد بهدم البيوت والمباني والمصالح التجارية. لن يسمح أهل المنطقة وقياداتها الرسمية والشعبية بأي تحرك فردوي، قد يمس بوحدة الصف ويكون سبب تمزق النسيج الإقليمي والتعاون بين البلدات وسلطاتها المحلية، والذي يسمر منذ مطلع سنوات الثمانين من القرن الماضي.
منذ أن تأسست لجنة التخطيط والبناء وادي عارة والسلطات المحلية في المنطقة، ورغم تفاوت وجهات النظر وتباين المواقف، تعمل بانسجام وتنسق فيما بينها بما يخدم مصالح السكان والمنطقة. ولم يشكل انتخاب الرئيس في الفترات الماضية، ورغم التنافس على المنصب، سببًا كافيًا لنشوب أزمات من هذا النوع. لقد تم انتخاب رؤساء اللجنة بناء على تحالفات بين السلطات المحلية واعتاد الجميع تقبل النتائج بروح رياضية. وأنتخب رؤساء من عدة بلدات منها باقة الغربية وكفر قرع وعرعرة وأم الفحم. ولم تشغل هوية الرئيس رواد اللجنة، بل تم تقييم الرؤساء حسب عطائهم وحسن تعاملهم مع الناس.
وقد سبق وهددت باقة الغربية بالخروج من اللجنة عندما لم يتم انتخاب ممثلها رئيسًا للجنة ولكنها سرعان ما تراجعت عندما أدركت أهمية تماسك اللجنة للسكان والسلطات المحلية على حدٍ سواء. فمن المتبع إعلام لجنة التنظيم بكل ما يجري التخطيط له ضمن منطقة نفوذ اللجنة وحتى في المناطق المجاورة لها. لذلك يصبح انتشار لجنة التنظيم وادي عارة على منطقة واسعة تبدأ عند مفرق اللجون شمالاٍ وتمر في وادي عارة لتنتهي في وسط المنطقة حلف الشعراوية جنوب جت، ذو أهمية بالغة. اللجنة واسعة الانتشار تستطيع الاطلاع على قدر أكبر من المخططات والمعلومات التخطيطية ذات الصلة بمستقبل المنطقة وسكانها. فشرذمة اللجنة ستمس بقدرة اللجنة على الاطلاع على ما يحاك من حولها من مشاريع ومخططات.
وفي حال تم فصل أم الفحم، المدينة الرئيسية في لجنة التنظيم وادي عارة، فإن ما تبقى من لجنة التنظيم وادي عارة سيفقد من استقلاليته وإدارته الذاتية. إذ ستصبح اللجنة تحت وصاية وزارة الداخلية التي ستقوم بتعيين إدارة معينة ورئيسًا معينًا يتحكم برقاب الناس ويوقع على أوامر الهدم ويوافق على مخططات الحصار والتضييق. ولما لا ومرجعية الرئيس المعين ستكون هي نفس مرجعية المخططين ألا وهي دائرة التخطيط في وزارة الداخلية.
ولوحدة وتماسك اللجنة أهمية أخرى. لو فحصنا مناطق نفوذ السلطات المحلية وقارناها مع منطقة نفوذ لجنة التنظيم وادي عارة لرأينا أنه لا يوجد تطابق بين المنطقتين. ما زالت تخضع بعض مناطق في القرى العربية لمنطقة نفوذ لواء حيفا أو المجلس الإقليمي “مناشي” أو “مجيدو”. وفي نفس الوقت تخضع بعض المناطق من خارج مسطحات المجالس والبلديات العربية إلى منطقة نفوذ لجنة التنظيم وادي عارة. أي وبحساب ومنطق بسيط نجد أن مجموع مناطق النفوذ التابعة للسلطات المحلية وللجنة التنظيم والبناء هي أوسع من كل واحدٍ على حدا. هذا يعني أن قيادة المنطقة وسكانها يستطيعون متابعة القضايا التي تمس أراضيهم إما لأنها تابعة للجنة التنظيم وادي عارة (حتى لو كانت تابعة للواء حيفا أو لمجلس إقليمي) أو لكونها تابعة للمجلس المحلي. وفي حال تم فصل أم الفحم عن اللجنة الموحدة، فستتقلص منطقة نفوذ اللجنة الجديدة لتشمل أراضي بلدية أم الفحم لوحدها وتبقى أراضي فحماوية واسعة تحت رحمة سلطات وتنظيمات أخرى.
فهل يستطيع الشيخ خالد حمدان أن يواجه أصحاب الأراضي بمثل هذا الموقف؟ لا أعتقد ذلك. اعتاد العرب القول الأرض والعرض. لن يفرض الفحماويون بأرضهم وعروضهم بسبب بعض الوعود الانتخابية. ربما وعد الشيخ خالد بعض الناس ببعض الوظائف. وهذا طبيعي حيث نعرف جميعًا كيف تتشكل التحالفات الانتخابية في قرانا وبلداتنا. ولكن الناس لا يقبلون أن يدفعوا ثمن هذه التحالفات غاليًا. لذلك أختتم بالقول أن الشيخ خالد حمدان لن يفعلها ولن يجرؤ على فعلها!