الكاتب محمد نفاع في مجموعته القصصية الجديدة ” غبار الثلج “
تاريخ النشر: 22/05/19 | 11:33آخر اصدارات الكاتب الفلسطيني محمد نفاع ، المقيم في بيت جن المتربعة كالعروس على صدر الجليل الاعلى ، هي مجموعة ” غبار الثلج ” الصادرة في حيفا عن دار نشر ” راية ” لصاحبها بشير شلش .
وكان قد صدر له من قبل ” الأصيلة ، ودية ، ريح الشمال ، كوشان ، أنفاس الجليل ، التفاحة النهرية ” .
ومحمد نفاع هو أحد أعلام الفن السردي القصصي الفلسطيني الواقعي الملتزم بهموم الطبقات الشعبية الفقيرة المستغلة البائسة المقهورة المهمشة والمعذبة . تتسم موضوعاته بالمعاناة والآلام بأشكال وصور متعددة ، مع محاولة دائمة لبث الامل والتفاؤل واستشفاف المستقبل ، والتطلع نحو الأفضل رغم كل شيء ، وذلك كموقف واعِ نابع وصادر عن كاتب ملتزم شيوعي وثوري أصيل .
تضم ” غبار الثلج ” بين طياتها عشر قصص قصيرة ، والقاسم المشترك بينها أنها قصص واقعية هادفة وموجهة مسحوبة من واقع الريف وحياة القرية ، وتصور واقعنا الاجتماعي والسياسي ، وتحاول ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية ، وحب الوطن والارض والانزراع فيها ، والتمسك بتراث الفلاحين والقرويين والتضامن الاجتماعي مع الفقراء وبسطاء الشعب وعامة الناس .
هي قصص تنغمس في الهموم المعيشية والحياتية بجرأة ، ويسيطر عليها الهم اليومي والوجع الفلسطيني والإنساني ، وتجسد شخصيات واقعية انسانية مهمومة وصادقة اكتوت بلهيب سياسة القهر والاضطهاد والقومي السلطوية . تمتاز بواقعيتها وشعبيتها ، وتأتي تجسيدًا لنماذج اجتماعية طبقية ، ويغلب عليها الطابع القروي البسيط ، بمعنى أن تركيز هذه القصص جاء بناءً على انماط من الحياة اليومية ومظاهرها الواقعية وتفصيلاتها الدقيقة .
وفي هذه القصص يصول محمد نفاع ويجول بين مروج الجليل ، وفي سماء الوطن ، واصفًا حياة الفلاحين والقرويين ، وأبناء الريف وعلاقتهم العضوية الوطيدة بالأرض ، مستعرضًا الامكنة والطقس والمناخ ، ذاكرًا السهول والوديان والمغر والأشجار والنباتات ، مستحضرًا الماضي الجميل ، وموظفًا الامثال الشعبية التراثية .
ويمكن القول انها قصص تسجيلية وصور فوتغرافية لما يحدث في الواقع وعلى الأرض ، وعن حياة أهل الريف وأهل القرية الفلسطينية ، وكل ذلك بلغته المعهودة ، لغة الشعب ، اللغة البسيطة المحلية بفطرتها وانسيابها ، اللغة الوسطى التي تمزج بين الفصحى والعامية .
محمد نفاع في مجموعته الجديدة ” غبار الثلج ” يواصل ما بدأ به من أعمال قصصية تصور واقع الفلاحين والقرويين ، وتبرز موقفه الوطني والقومي والأممي الإنساني ، وتظهره ككاتب مفرط بالتزامه وتحزبه وعروبته وفلسطينيته ، منحاز ومنتصر لجموع بسطاء الشعب والكادحين والمقهورين فوق كل أرض .
وهو يبرع في الوصف والتعبير عن شخوصه والانغماس في نفسياتهم ، وهم شخوص واقعيون من أبناء الطبقات الشعبية الكادحة المكافحين والمتطلعين لأجل حياة أكثر سعادة ، ويحلمون بغد أفضل . ويتقن توظيف واستخدام أدواته التعبيرية والتشكيلية ، وتبرز مقدرته في السرد الجميل المشوق الماتع ، واستطاعته لما تطرحه الرؤى الجديدة لفن القصة القصيرة وسيلة لتسجيل الأصداء النفسية والحالة الاجتماعية والسياسية .
واخيرًا ، محمد نفاع فنان أصيل في وصفه لواقع الريف وللأرض وطبيعتها ، ووعرها ، وجذرها ، وبيدرها ، ومراعيها ، وهو كالرسام الماهر يغمس ريشته في رحم الارض فتخرج لوحات زاهية رائعة تقطر بهاءً وروعة وجمالًا ، وتكتسب قصصه بعدًا إنسانيًا وطنيًا وطبقيًا ، ورؤية تقدمية جمالية .
بقلم : شاكر فريد حسن