أَعْيادُنا وَالطُّوشات – شعر: محمود مرعي
تاريخ النشر: 10/06/19 | 9:39(هَلْ أَصْبَحَتِ الطُّوشاتُ في الأَعْيادِ مَآثِرَ حَضارِيَّةً نَحْتَفي بِها وَنُرَسِّخُها نَهْجًا وَسُلوكًا؟)
مَضى رَمَضانُ وَابْتَسَمَ الهِلالُ.. وَحَلَّ العيدُ وَالفِطْرُ الحَلالُ
وَعادَ مُحَلَّلًا ما كانَ حِرْمًا.. وَعادَ الصَّوْمُ نافِلَةً تُنالُ
وَنالَ النَّاسُ أَجْرًا عَنْ صِيامٍ.. وَصَلُّوا العيدَ وَاليُمْنُ انْثِيالُ
وَأَقْبَلَتِ الأَبالِسُ بَعْدَ شَهْرٍ.. وَزالَ الحَجْرُ وَانْحَلَّ العِقالُ
وَما لِلْخِلِّ غَيْرُ الخِلِّ حِضْنٌ.. وَحاضِنُهُمْ أَبالِسُنا السِّفالُ
أَشِقَّاءٌ وَأَشْباهٌ فَسادًا.. مُحالٌ أَنْ يُفارِقَهُمْ مُحالُ
مَعَ التَّكْبيرِ قَدْ هاجوا وَماجوا.. بِكُلِّ زُقاقٍ ٱوْ دَرْبٍ وَصالوا
كَمُنْتَقِمٍ لِـما قَدْ فاتَ شَهْرًا.. وَذي دَيْنٍ يُهَيِّجُهُ الـمِطالُ
أَفانينُ التَّحَرُّشِ أَتْقَنوها.. وَكانوا أُمَّها بِئْسَ الـمِثالُ
وَكَمْ مِنْ بَيْنِنا مُصْغٍ إِلَيْهِمْ.. يُنَفِّذُ ما يُقالُ وَلا يُقالُ
فَلا الحُرُماتِ راعوها ابْتِداءً.. وَلا ارْتَدَعوا وَغاروا وَاسْتَقالوا
لَهُمْ مَكْرٌ تَشيبُ لَهُ النَّواصي.. تَخِرُّ عَلى قَواعِدِها الجِبالُ
وَبَعْضُ الـمَكْرِ نَلْمَسُهُ رَصاصًا.. وَطَعْنًا غادِرًا وَدَمًا يُسالُ
وَبَعْضٌ في التَّحَرُّشِ وَاعْتِداءٍ.. وَغالوا فيهِ إِذْ رَبَتِ الغِلالُ
وَبِالسَّطْوِ الـمُسَلَّحِ كَمْ مُعيلٍ.. يَكِدُّ عَلى عِيالٍ حينَ غالوا
وَبَعْضُ مُصابِنا بِالصَّبْرِ يَمْضي.. وَشَرُّ مُصابِنا تِلْكَ الحُثالُ
مَضى رَمَضانُ وَانْتَشَروا جَرادًا.. لَهُمْ في كُلِّ مَيْدانِ احْتِفالُ
لَهُمْ زَجَلٌ يُرافِقُهُ مُكاءٌ.. وَتَصْدِيَةٌ تُرَدِّدُها التِّلالُ
وَجَعْجَعَةٌ وَلا طَحْنٌ تَبَدَّى.. سِوى طَحْنِ النُّفوسِ وَذا سِجالُ
وَقالَ البَعْضُ تِلْكَ صَلاةُ قَوْمٍ.. تَوارَثَها مَعَ الزَّمَنِ الصِّلالُ
سِوى إِبْليسَ لَمْ يَرْضَوْا إِمامًا.. إِمامُ الرِّجْسِ قِبْلَتُهُ الضَّلالُ
يُلَقِّنُهُمْ سُطورًا مِنْ دِماءٍ.. فَيُخْصِبُ في عُقولِهِمُ الخَبالُ
وَتَحْسَبُهُمْ جَميعًا إِذْ تَراهُمْ.. وَهُمْ شَتَّى قُلوبُهُمُ رِغالُ
لَهُمْ ثاراتُ بَيْنَهُمُ وَأُخْرى.. مَعَ السُّكَّانِ ما وَسِعَ الـمَجالُ
خِطابُهُمُ الأَثيرُ مُسَدَّساتٌ.. وَهَمْسُهُمُ رَصاصٌ لا يَزالُ
وَعِنْدَهُمُ سِلاحٌ لَيْسَ يُخْطي.. إِذا ما سُلَّ فَاللَّفْظُ اشْتِعالُ
مِنَ الشُّبَّانِ وَالغاداتِ حَصْرًا.. أُولئِكَ عُدَّةٌ وَلَهُمْ فِعالُ
يُطيعونَ الأَوامِرَ قَبْلَ أَمْرٍ.. إِذا الوَسْواسُ خامَرَهُمْ فَخالوا
وَفي دُنْيا الخَيالِ لَهُمْ عَزيفٌ.. وَزَغْلَلَةٌ إِذا ما الشَّرْبُ مالوا
يُحيلونَ العَمارَ إِلى خَرابٍ.. لَهُمْ في كُلِّ مَقْبَرَةٍ مُهالُ
وَفي الحَفَلاتِ تَلْقاهُمْ جِياعًا.. إِلى الطُّوشاتِ ما كِيلوا وَكالوا
شَهِيَّتُهُمْ يُحَفِّزُها شَميمٌ.. وَتوقِدُها الغَزالَةُ وَالغَزالُ
وَفي الـمُتَنَزَّهاتِ لَهُمْ حُضورٌ.. فَما غابوا وَما لَهُمُ زَوالُ
خِفافٌ إِنْ دَعا جِلْفٌ لِشَرٍّ.. وَإِنْ يُدْعَوْا إِلى خَيْرٍ ثِقالُ
تَراهُمْ كَالكِلابِ لَدى اهْتِراشٍ.. إِذا احْتَشَدَ الفُتونُ وَالِارْتِجالُ (1)
وَإِنْ لَـمَحوا حِسانًا في ظِلالٍ.. فَقِبْلَتُهُمْ تُحَدِّدُها الظِّلالُ
فِإِنْ مُنِعوا جَنى فَيْءٍ بِغالٌ.. وَتُعْرَفُ مِنْ تَرافُسِها البِغالُ
وَفي أَعْيادِنا الرِّحِلاتُ تَحْلو.. وَيَحْلو الضَّرْبُ فيها وَالنِّزالُ
فَلِلطُّوشاتِ في الأَعْيادِ طَعْمٌ.. وَبَهْرَجَةٌ خُلاصَتُها اخْتِلالُ
تَرى مُسْتَأْسِدًا يَمْشي اخْتِيالًا.. وَيَنْفُخُهُ لَدى الغيدِ اخْتِيالُ
وَإِنْ لاقاهُ شُرْطِيٌّ فَطِفْلٌ.. يُلازِمُهُ التَّمَسْكُنُ وَالسُّعالُ
وَإِنْ ضَحِكَتْ فَتاةٌ جُنَّ فيها.. وَجُنَّ بِضَرْبِهِ ثَمَّ العِيالُ
فَقَدْ عَمِيَ الـمُعَثَّرُ عَنْ مَآلٍ.. وَخابَ مَآلُهُ، بِئْسَ الـمَآلُ
لِتِلْكَ البِنْتِ إِخْوانٌ تَوَلُّوا.. حِمايَتَها، وَإِنْ ذُكِروا، رِجالُ
لَهُمْ عَضَلاتُ قَدْ جُدِلَتْ حَديدًا.. وَأَجْسامٌ يُلازِمُها الكَمالُ
وَذاقَ الدَّرْسَ لَمْ يَخْطُرْ بِبالٍ.. عَلى نَقَّالَةٍ حُمِلَ الرِّبالُ(2)
وَهَبَّ الكُلُّ ضَرْبًا بِالكَراسي.. فَإِنْ نَفِدَتْ تَطايَرَتِ النِّعالُ
فَإِنْ نَفِدَتْ، هُجومٌ وَاشْتِباكٌ.. وَلَطْمٌ ثُمَّ لَكْمٌ، لا جِدالُ
وَوَكْزٌ ثُمَّ لَكْزٌ ثُمَّ نَكْزٌ.. وَوَخْزٌ، إِنَّما فيهِ انْتِقالُ
إِلى مَشْفًى لِتَطْبيبٍ وَرَتْقٍ.. فَقَدْ غارَتْ بِهِ حَتَّى النِّصالُ
وَمَنْ حالَ التَّزاحُمُ أَنْ يُشافى.. فَلِلْقَبْرِ الرَّحيلُ وَالِارْتِحالُ(3)
وَكَمْ طالَ الشُّعورَ الشُّقْرَ مَعْطٌ.. وَقَدْ كانَتْ يُلازِمُها انْسِدالُ
وَيَعْلو في الجَوانِبِ أَلْفُ صَوْتٍ.. زَعيقٌ أَوْ بُكاءُ وَابْتِهالُ
وَصافِرَةٌ لِشُرْطَةَ قَدْ أَطَلَّتْ.. سِياسَتُها النَّكالُ وَالِاعْتِقالُ(4)
تُذيقُ الجَمْعَ ما حَضَرَتْ لَظاها.. وَيُغْبَطُ مِنْ تَوَلَّى حينَ صالوا
إِلى أَنْ تَخْفِتَ الأَصْواتُ كُلًّا.. وَيَنْزَجِرَ البَواسِلُ وَالفِسالُ
فَلِلْجَرْحى وَذي فَزَعٍ طَبيبٌ.. وَيَفْدي مَنْ طَواهُ السِّجْنُ مالُ
وَبَعْدَ رَحيلِهِمْ تَركوا بَيانًا.. بِهِ الآثارُ تَنْطِقُ لا الـمَقالُ
فَلا تَأْسَفْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ.. وَلا يَشْغَلْكَ، ما اجْتَرَحوا، سُؤالُ
فَذلِكَ دَأْبُهُمْ، في كُلِّ عُرْسٍ.. لَهُمْ قُرْصٌ، وَحِرْصٌ أَنْ يَنالوا
وَحُثَّ السَّيْرَ مُرْتَحِلًا بَعيدًا.. لِأَنَّ الـمُكْثَ عَدْوى وَاعْتِلالُ
وَإِنْ صادَفْتَ مُنْتَزَهًا وَشَطًّا.. بِغَيْرِ صُراخَ فَالطَّقْسُ اعْتِدالُ
وَحَيْثُ تَرى الكَراسي سالِـماتٍ.. فَسَبْحِلْ ثُمَّ حَمْدِلْ، لا اقْتتالُ
————————
1- و 3- و 4- تقرأ بالنَّقل وفق رواية ورش (وَالِارْتِجالُ/ وَلِرْتِجالُ)، (وَالِارْتِحالُ/وَلِرْتِحالُ)، (وَالِاعْتِقالُ/وَلِعْتِقالُ). 2- الأصل: الرِّئْبال، حذفت الهمزة لضرورة الوزن (الرِّبالُ).
اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة، سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
أبيات محزنة. فيها أسلوب ساخر، متحسر على حالنا.