نحن والزّامور
تاريخ النشر: 12/06/19 | 10:42في كلّ مكان في بلادنا ، وأينما سارت بك قدماك أو سيارتك، ستجد الاعصاب مشدودة ، فهذا يشغّل زامور سيارته بلا هوادة لأقلّ سبب وأتفه موقف، وذاك يُشغّل زامور لسانه بالسّباب والشتائم والتأفّف والتذمّر.
الكلّ يركض ويلهث ، يتذمّر ويشكو ويلعن نفسه والآخرين وينتقد .
هل للطقس وشدّة حرارته دور ووقع علينا نحن الشّرقيين ، وإلّا فما بالنا نختلف عن الغربيين..
كُنتُ قبل ثلاث سنوات أنا وزوجتي في البرتغال ، ووقفنا دون ان ندري غالقين طريقًا فرعيّة لأكثر من دقيقتين ، وعندما التفتنا صُدفةً وجدنا سيارة تقودها صبيّة جميلة تقف وتنتنظرنا والبسمة تملأ محيّاها.
تخيّل يا صاح لو حدث هذا الامر في بلادنا ، لقامت الدُّنيا وما قعدت ..
قد يكون فعلًا الجوّ وحرارته العالية سببًا في احتداد مزاجنا وعصبيّتنا الزائدة في الشرق لأنّنا شعوب تفطر وتتغدّى وتتعشّى على المشاعر والأحاسيس، فلذا نكون أكثر عُرضة للضغط الذي أخذ يزداد في الأيام الأخيرة ، فالحياة أضحت مُكلفة فعلًا ، ومتطلّباتها باتت كثيرة ، لذا غابت او كادت تغيب البسمات عن الشفاه ، وحلّت ” التكشيرة” والعبوسة وانفلات الاعصاب والعنف محلها ، وقد يكون نهج الحياة المتسارع والمتصارع وراء السبب ، وفي كلتا الحالتين الأمر مزعج.
لقد جرّب وذاق الملك سليمان كل انواع وصنوف الرفاهيّات وخلص الى القول : ” رأيت كل الأعمال التي عملت تحت الشمس فإذا الكل باطل وقبض الريح”
فما دامت الحياة بجملتها قبض ريح وتنقضي سريعًا ، فلماذا لا نقضيها مع البسمات والمحبّة والصّلاح والتقوى ، وزرع بذار التسامح والعطف والحنان في كلّ الحقول وكلّ الأيام ؟
يخطيء من يظنّ ان هذا النمط من الحياة العصبيّة الذي ” يلبسنا” نحن الشّرقيين لا فكاك منه ، فبمقدورنا وبتغيير رؤيتنا للحياة ، وبتغيير نظرتنا الى الوجود بمنظار آخر مملوء بالتفاؤل والأمل والرجاء ، يمكننا التحوّل ورؤية النصف المملوء والمُترع ، وعندها نستطيع أن نعيش الفرح والسلام النفسيّ مع النفس ومع الآخَر ومع الله..ونتنازل عن الزامور الذي قضّ حياتنا وأزعجها.
دعونا نجرّب ، وكلّ واحد يبدأ بنفسه ، وعندها سنجد أنّ الحياة حلوة فعلًا وتستأهل أن نعيشها غير ناسين أن نؤمّن زوّادة للسماء..
زهير دعيم