نحتاج لمشروع ثقافي اعتراضي فلسطيني لمواجهة فكر الهزيمة ورموزه
تاريخ النشر: 25/06/19 | 9:10المرحلة الراهنة موبوءة وتعج بالأقلام المرتزقة ، والسابحين في فلك أصحاب النعيم النفطي ، والمروجين للفكر الانهزامي الاستسلامي الانبطاحي ، منهم فلسطينيون ، ومنهم عرب أقحاح من بني قحطان من خريجي مدرسة التعاقد والتصالح مع المرحلة .
لقد بدأ مشروع التخريب والانتكاس والانتكاب الثقافي ، وولادة تيار الانحراف على الساحة الثقافية الفلسطينية مع توقيع اتفاق اوسلو المشؤوم ، كأحد أدوات المشروع التصفوي الشامل للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني . وعمل أصحاب هذا المشروع على زرع الاوهام والبلبلة على ساحة الالتزام الفكري والثقافة الوطنية الفلسطينية ، المُؤَسَسْ على عفوية المشهد التاريخي والحضاري الفلسطيني .
وقد نجم عن هذا الواقع الموبوء سقوط الكثير من رموز الثقافة والأدب ، من شعراء وأدباء ” المقاومة ” ، في براثن التدجين ، وتحولوا إلى أبواق ومدّاحين ومروجين في جوقة المؤسسة الفلسطينية أو ما يسمى السلطة الوطنية الفلسطينية .
لقد كثر المتسلقون والانتهازيون والمنتفعون وأمراء ” ثقافة الاعتدال الفلسطيني ” ، الذين اشهروا سيوفهم وسكاكينهم في جسد شرفاء الموقف الوطني الملتزم ، بغية التصفية الجسدية لمثقفي العفوية المشتبكين ولمؤسسي الجرح والألم الفلسطيني ، المناهضين للمشروع التكاملي الوظيفي التسووي الثقافي والسياسي ، واخراجهم من الذاكرة الوطنية ، في محاولة لتغييبهم عن المشهد كي يبقوا يصولون ويجولون في الميدان لوحدهم .
ولعل افرازات ذلك اقصاء الشاعر الفلسطيني مراد السوداني عن موقعه كرئيس لاتحاد الكتاب والادباء الفلسطينيين في المناطق المحتلة العام 1967 ، الذي يتمتع بفكر وطني نيّر ومواقف جذرية راسخة ، وذلك كجزء من حالة التناحر الثقافي بين أصحاب المواقف الوطنية المبدئية والاستقامة وبين المروجين لفكر الهزيمة والمتصالحين مع المرحلة .
الساحة الثقافية الفلسطينية في الداخل والخارج ما زال فيها شرفاء وأقلام نظيفة تملك شرف الكلمة والموقف ، وتؤمن بفكر وثقافة المقاومة وهدف التحرير ، ومهمتها الآن في هذه المرحلة العاصفة الحبلى بالمخاطر ، والزاخرة بالسقوط والانهزامية ، التحرك الفاعل والتصدي للتيار الانحرافي الثقافي وتعرية رموزه وفضحها ، والمبادرة نحو تأسيس تيار ممنهج للثقافة الوطنية غير المساومة ، وقيادة سفينة الثقافة الكنعانية وانقاذها من الغرق في بحر الامواج المتلاطمة .
لقد انتهينا سياسيًا ، وسقطت رموز ووجوه قديمة وعتيقة خلف سقوط المرحلة ، كرّست هزائمنا وعجزت عن المواجهة ، وفَشِلَ اوسلو وتركَ اسقاطات عديدة اشدها واكثرها ضراوة وشراسة الانقسام البائس الذي لا نرى له نهاية ، ولا أي ضوء في آخر النفق الفلسطيني المعتم الحالك .
وعلى ضوء ذلك نحتاج الآن إلى تطوير أدواتنا الثقافية ورفد مشروع التحويل الثقافي في الساحتين الفلسطينية والعربية ، والمهمة الحاسمة صياغة مشروع ثقافي اعتراضي فلسطيني مزود بما يتيسر من معدات ولوازم الفعل الثقافي لمواجهة فكر الهزيمة ورموزه .
بقلم : شاكر فريد حسن