“هآرتس” تكشف عن أحداث جديدة حول النكبة
تاريخ النشر: 06/07/19 | 12:22تعمل طواقم تابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية، منذ مطلع العقد الحالي، على إجراء مسح لأرشيفات في أنحاء البلاد، وتقوم بإخفاء وثائق تاريخية، خاصة تلك المتعلقة بأحداث وقعت أثناء النكبة عام 1948، وكذلك وثائق متعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “هآرتس” الجمعة، الذي أكد أن هذه الطواقم تنقل الوثائق وتحتجزها في خزنات. “لقد تم دفن مئات الوثائق في الخزنات في إطار عملية منهجية لطمس أدلة على النكبة”.ورصد الباحثون في معهد “عكيفوت”، الذي يعنى بكشف الوثائق التاريخية السرية المتعلقة بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وتبين من تقرير أعده باحثو المعهد، أن المسؤول عن حملة إخفاء هذه الوثائق هي دائرة “المسؤول عن الأمن في جهاز الأمن”، وهو جهاز سري ويعتبر نشاطه وميزانيته سري. وأكد تقرير المعهد على أن أفراد هذا الجهاز أخفوا توثيقا تاريخيا خلافا للقانون، ومن دون أي صلاحية قانونية، وفي بعض الحالات على الأقل، أخفوا وثائق تمت صادقت الرقابة العسكرية على نشرها سابقا. وقد نقلوا إلى الخزنات وثائق تم الكشف عن فحواها في أبحاث أجراها مؤرخون إسرائيليون.وأخفى أفراد الجهاز وثائق تحتوي على شهادات جنرالات في الجيش الإسرائيلي حول قتل مواطنين فلسطينيين وهدم قرى، وكذلك وثائق متعلقة بتهجير البدو. وقال مدراء أرشيفات إن أفراد الجهاز تعاملوا مع الأرشيفات كأنها بملكيتهم، وأحيانا هددوا المدراء . ولا يخفي الجهاز حملة طمس التاريخ هذه. واعترف يحيئيل حوريف، رئيس الجهاز طوال عشرين عاما وأنهى مهامه في العام 2007، بأنه هو الذي أخرج هذه الحملة إلى حيز التنفيذ، وأنها متواصلة حتى يومنا هذا. وزعم، في حديث للصحيفة، أن ثمة منطقا في إخفاء أحداث العام 1948، لأن كشفها من شأنه أن يؤدي إلى غليان لدى السكان العرب. وحول إخفاء وثائق بعد أن تم نشرها في الماضي، اعتبر حوريف أن غاية ذلك تقويض مصداقية أبحاث حول تاريخ قضية اللاجئين. وأضاف أن “الحكم على ادعاء باحث مدعوم بوثيقة ليس كالحكم على ادعاء لا يمكن إثباته أو تفنيده”.
بداية جريمة إخفاء الوثائق ومحاولة طمس تاريخ النكبة، كما تقول الصحيفة، كان في شهر أيار/مايو العام 2015، عندما عثرت المؤرخة تمار نوفيك على وثيقة في أرشيف “يد يعري” في كيبوتس غفعات حبيبا التابع لحزب مبام. وتحدثت الوثيقة عن مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق سكان قرية الصفصاف الفلسطينية في الجليل واحتلت خلال عملية “حيرام” في نهاية العام 1948. وقالت الوثيقة:“صفصاف – أمسكوا بـ52 رجلا، قيدوهم الواحد بالآخر، حفروا بئرا وأطلقوا النار عليهم. 10 كان ينازعون الموت. جاءت نساء، طلبن الرحمة. وجدوا جثث 6 مسنين. 3 حالات اغتصاب. واحد شرقي من صفد، بنت عمرها 14، 4 رجال أطلقوا النار وقتلوا. وقطعوا أصابع أحدهم بسكين كي يأخذوا الخاتم”.بعد ذلك يصف كاتب الوثيقة سلسلة من المجازر وعمليات النهب والتنكيل. وقالت نوفيك إنه “لا يوجد اسم للوثيقة وليس واضحا من كتبها. والوثيقة متقطعة في وسطها. وقد أقلقني هذا كثيرا. وعرفت أن حقيقة عثوري على وثيقة كهذه يضع على كاهلي مسؤولية استيضاح الأمر”.يشار إلى أنه تعالت اتهامات في الماضي بأن اللواء 7 في الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب في الصفصاف. والوثيقة التي عثرت عليها نوفيك من شأنها أن تدعم هذه الاتهامات. كما أن هذه الوثيقة تشكل دليلا آخر على أن القيادة السياسية الإسرائيلية في حينه كانت على علم بالمجازر.وفي سياق محاولتها معرفة تفاصيل حول الوثيقة وكاتبها، التقت نوفيك مع المؤرخ الإسرائيلي، بيني موريس، الذي أجرى ونشر كتبا حول المجازر إبان النكبة ونشوء قضية اللاجئين. وتبين أن موريس اطلع على وثيقة مشابهة للغاية وموجودة في أرشيف “يد يعري”.لكن عندما عادت نوفيك إلى الأرشيف من أجل الاطلاع على الوثيقة الثانية، فوجئت بأنها غير موجودة. وعندما سألت عن سبب اختفائها، قيل لها إن الوثيقة أدخِلت إلى خزنة بأمر من مسؤولين في وزارة الأمن. وقال موريس إنه اطلع على وثيقة للجيش الإسرائيلي تتعلق بمجزرة دير ياسين، لكن عندما عاد لاحقا طالبا الاطلاع عليها مجددا تبين له أنها سرية ولا يمكن الاطلاع عليها.
إحدى الوثائق التي أخفاها “المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن” كتبها ضابط في “خدمة المعلومات”، أي جهاز المخابرات التابع لمنظمة “الهاغانا” الصهيونية. ووثقت هذه الوثيقة خلال الأحداث ظروف خلو فلسطين من سكانها العرب، وتطرقت إلى ظروف كل قرية. وقد كُتبت الوثيقة في نهاية حزيران/يونيو 1948، تحت عنوان “حركة هجرة عرب أرض إسرائيل”.وكانت هذه الوثيقة في صلب مقال نشره موريس، عام 1986. وبعدها تم سحبها من الأرشيف بهدف إخفائها عن أعين الباحثين. وبعد عدة سنوات أصدر “المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن” أمرا بإبقائها قيد السرية. إلا أنه بعد ذلك بسنوات، عثر باحثون من معهد “عكيفوت” على نسخة من هذه الوثيقة، وطلبوا فحصها من قبل الرقابة العسكرية، التي صادقت على نشرها دون تحفظ.وتتطرق مقدمة الوثيقة إلى تهجير القرى العربية بحماس بالغ. وحسب كاتبها، فإن شهر نيسان/أبريل “تميز بارتفاع في حركة الهجرة”، بينما “شهر أيار/مايو كان مليئا بإخلاء أكثر ما يمكن من الأماكن”. ووصف كاتب الوثيقة “أسباب الهجرة العربية”، وأن 70% من العرب غادروا فلسطين بتأثير من العمليات العسكرية اليهودي، وهذا يتناقض مع مزاعم إسرائيل بأن قضية اللاجئين سببها دعوة جهات سياسية عربية للفلسطينيين بمغادرة فلسطين.وتضمنت الوثيقة تدريجا لأسباب التهجير وفق أهميتها: السبب الأول هو “عمليات معادية يهودية مباشرة ضد أماكن سكنية عربية”؛ السبب الثاني هو تأثير تلك العمليات على قرى مجاورة؛ السبب الثالث هو عمليات نفذتها منظمتي “إيتسيل” و”ليحي”؛ السبب الرابع هو أوامر مؤسسات عربية و”عصابات”؛ السبب الخامس هو “عملية همسية يهودية لدفع السكان العرب على الهروب”؛ والسبب السادس هو “أوامر إنذارية بالإخلاء” صدرت عن القوات الإسرائيلية.وتابع كاتب الوثيقة أنه “من دون شك أن العمليات العدائية كانت السبب الأساسي لحركة السكان”، مشيرا إلى أن “مكبرات الصوت باللغة العربية أثبتت نجاعتها في مناسبات عدة واستغلت بالشكل اللائق”. وأضاف في ما يتعلق بعمليات “إيتسيل” وليحي” أن “الكثير من قرى الجليل الأوسط بدأوا يهربون بعد خطف وجها الشيخ مونس. وقد تعلم العربي أنه ليس كافيا إبرام اتفاق مع الهاغانا، وأنه يوجد يهود آخرون ينبغي الحذر منهم”واحتوت الوثيقة على ملحق يصف أسباب تهجير سكان عشرات القرى العربية: عين زيتون – “القضاء على القرية بأيدينا”. قيطية – “إزعاج، تهديد بعملية”. علمانية – “عملياتنا، قُتل الكثيرون”. الطيرة – “نصيحة يهودية ودية”. عرب عمرير – “بعد سطو وقتل نفذته ايتسيل وليحي”. سمسم – “إنذار وجهناه”. بير سليم – “هجوم على بيت الأيتام”. زرنوقة – “احتلال وتهجير”.
لم يكتفِ “المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن” بإخفاء وثائق، وإنما يسعى إلى إخفاء أي شهادة، حتى الشفهية، حول النكفة وطمس جرائم المنظمات الصهيونية وإسرائيل. ووضع أفراد هذا الجهاز يدهم على تسجيلات سلسلة مقابلات مع شخصيات عامة وعسكريين إسرائيليين سابقين، أجراها “مركز رابين”ن في بداية سنوات الألفين، في إطار مشروع لتوثيق عملهم في السلك الحكومي. وحول الجهاز مقاطع واسعة من هذه المقابلات إلى سرية، بعد مقارنة نسخ أصلية لعدة مقابلات، حصلت عليها الصحيفة، ومقابلات يُسمح بالاطلاع عليها وحّذفت منها مقاطع.وقد حّذفت مقاطع من شهادة الضابط الإسرائيلي أرييه شاليف، الذي تحدث عن طرد سكان قرية صبرا إلى ما وراء الحدود. وحذف الجهاز من هذه الشهادة الجملة التالية: “لقد كانت هناك مشكلة جدية في الأغوار. وكان هناك لاجئون أرادوا العودة إلى الأغوار، وإلى المثلث. وقمنا بطردهم. وأنا التقيت معهم وأقنعتهم ألا يرغبوا بذلك (بالعودة). ولدي وثائق تشهد على ذلك”.
بداية عمل الجهاز في إخفاء وثائق الأرشيفات كانت أثناء عمل البروفيسور طوفيا فريلينغ كمسؤول عن أرشيف الدولة، بين السنوات 2001 – 2004. وأوضح فريلينغ أن “ما بدأ كحملة لمنع تسرب الأسرار النووية تحول لاحقا إلى حملة رقابة عسكرية واسعة النطاق. أنهيت عملي بعد ثلاث سنوات وكان هذا أحد أسباب مغادرتي. والسرية التي فرضت على وثيقة هجرة (تهجير) العرب في 1948 هو بالضبط المثال التي تحسبت منه. ومنظومة الأرشيف ليست ذراع علاقات عامة للدولة. وإذا كان هناك شيئا لا تحبه، فهكذا هي الحياة. مجتمع معافى يتعلم من أخطائه”.وأكد فريلينغ على أن التخوف في وزارة الأمن من نشر وثائق الأرشيفات بطرق حديثة، على الإنترنت، كان من احتمال أن ينشر خطأ وثائق تتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي، وأن المصادقة الوحيدة التي أعطيت للجهاز هي البحث عن وثائق بشأن البرنامج النووي.وأضاف أنه “في العام 1998 انتهت السرية على أرشيف الشاباك والموساد. وطوال هذه السنوات استخفوا بالمسؤول عن أرشيف الدولة. وعندما توليت المنصب، طلبوا تمديد السرية لسبعين عاما، وبصورة جارفة. لكن هذا أمر سخيف. وبالإمكان فتح معظم المواد”. ويذكر أنه في العام 2010 تم تمديد سرية الأرشيف لسبعين عاما، وجرى مؤخرا تمديدها لتسعين عاما.وقال أميتاي إنه ينبغي تحدي قرار الجهاز بفرض سرية كاملة على الأرشيف في “يد يعري”. ولفت إلى أنه خلال عمله تم إدخال وثيقة كتبها ضابط إسرائيلي برتبة لواء خلال فترة الهدنة في حرب 1948، ويأمر فيها قواته بالامتناع عن الاغتصاب وعمليات النهب.وقالت الصحيفة إن أفراد الجهاز ما زالوا يحضرون إلى أرشيف “يد تبنكين”، وتتجاوز رقابتهم وتمديد سرية الوثائق تلك المتعلقة بالنووي، إلى مقابلات أجراها موظفو الأرشيف مع أفراد من منظمة “بلماح” ومواد تتعلق بتاريخ المشروع الاستيطاني.
اووه
يا رب تساعدهم يتحملوا غضب العربان …
في قمة غضبهم وغليانهم .. يكتبوا شجب و استنكار شديد .. كان الله بعون اولاد عمنا .. رايحين يشوفوا ملان كتابات واغاني حماسية … ملان ..