مواطنون درجة ثانية في إسرائيل
تاريخ النشر: 14/04/14 | 10:07بقلم: النائب الدكتور أحمد الطيبي – رئيس الحركة العربية للتغيير
(مقال رد على رسالة الوزير نفتالي بينت للعرب الفلسطينيين في إسرائيل والتي يدّعي فيها ” أن طلب الرئيس محمود عباس تحرير أسرى الداخل يحولكم إلى مواطنين من الدرجة الثانية”)
اصدر الوزير نفتالي بينت من حزب البيت اليهودي رسالة للجمهور العربي في إسرائيل يدّعي فيها بأن إطلاق سراح أسرى عرب من إسرائيل في إطار المفاوضات وفقاً لما يطالب به الرئيس الفلسطيني أبو مازن “سيحوّلكم إلى مواطنين من الدرجة الثانية”.
أ. ليست هذه المرة الأولى التي يُطلَق فيها سراح مواطنين عرب في صفقة تبادل أسرى. لقد أطلِق سراحُهم مؤخراً في صفقة شاليط، وقبل ذلك في صفقة جبريل. لا نذكر أنك، أنت أو أيٌ من أصدقائك، ادعّيتم هذا الادعاء في صفقة شاليط. بالنسبة لكم، كان كل شيء “حلال” من أجل إطلاق سراح شاليط.
ب. الرئيس عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية لا يمثّلون الجمهور العربي الفلسطيني في إسرائيل ولا يدّعون ذلك. ولقد كرّر ذلك الرئيس عباس أكثر من مرة.
لجنة المتابعة ومنتخبو الجمهور هم مَن يمثّله، ولذلك فإن قسماً منا يتواجد في البرلمان. أما في منظمة التحرير فيقولون إن هؤلاء الأسرى كانوا أعضاء، وجنوداً في المنظمة، ولذلك فإنهم لن يتخلوا عنهم.
ج. تقول القيادة الفلسطينية إن الصفقة بالنسبة الى 104 أسرى تم إنجازها بواسطة جون كيري الذي أبلّغهم مباشرة موافقة حكومة إسرائيل على إطلاق سراح الأسماء التي سلّمها الرئيس عباس الى كيري، والذي أوصلها بدوره الى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وعندئذ عاد مع موافقته الى رام الله. لذلك، فإن الرئيس عباس يطرح مطلباً معقولاً: يجب تنفيذ الاتفاقيات. عدم الإخلال بها، عدم التحايل وعدم إجراء مفاوضات مجدّدة عن مرحلة “تم الاتفاق عليها”.
إلى جوهر الموضوع، الأسرى الأمنيون مواطنو دولة إسرائيل:
توجد ثلاثة تصنيفات للأسرى الأمنيين في إسرائيل، مثلما ذكرت عدة مرات على منصة الكنيست. المجموعة الأولى هي الأسرى الفلسطينيون من المناطق المحتلة عام 1967 والذين تمثّلهم منظمة التحرير الفلسطينية أو حماس. المجموعة الثانية هم الأسرى الأمنيون اليهود الذي قتلوا او ألحقوا أذى بالعرب والذين تمثّلهم حكومة إسرائيل وتعنى بهم وتمنحهم تحديداً لسنوات العقوبة، إجازات وإطلاق سراح مسبّق. المجموعة الثالثة هم الأسرى العرب – الفلسطينيون مواطنو دولة إسرائيل، والذين تتعامل معهم سلطات مصلحة السجون على أنهم أعضاء في تنظيمات فلسطينية وبأنهم ينتمون على ما يبدو للتصنيف الأول – بدون حقوق وليس كأسرى مواطنين إسرائيليين. لا يحظون بإجازات او تحديد جوهري لسنوات العقوبة كما يحظى به السجناء اليهود الذين قتلوا عرباً.
بينت، أنت لا تذكر “اعضاء التنظيم السري اليهودي”، وكيف بذلتم جميعكم جهداً لإطلاق سراحهم بعد أن حظوا بتسهيلات وإجازات قاموا خلالها بزيارة ترفيهية الى شاطئ البحر ؟ على عكس ذلك، الأسرى العرب مثل كريم يونس المتواجد في السجن منذ أكثر من 30 عاماً لم يُسمح له حتى بالمشاركة في جنازة والده في العام الماضي رغم محاولاتي في تحقيق ذلك. وذات الأمر بالنسبة لماهر يونس.
أي أن التعامل مع المواطن العربي هو تعامل فيه تمييز حتى عندما يكون أسيراً في السجن. الأسير محمود جبارين يتواجد أكثر من 20 عاماً في السجن بتهمة المساعدة في قتل عميل، بينما رفاقه في الخلية من منطقة جنين أطلق سراحهم في اتفاقية تبادل الأسرى السابقة. هو يعاقب فقط لانه مواطن.
وفيما يتعلق بقصة “المواطنين من الدرجة الثانية”، نحن أقل من ذلك بكثير أيها الوزير. لا يوجد مجال واحد فيه مساواة بين المواطن العربي والمواطنين من الدرجة الأولى (أي اليهود). ليس في الميزانيات، ولا في تخصيص الأراضي، ولا العمل، ولا البنية التحتية، ولا في الأملاك، ولا الزراعة، ولا بالمناطق الصناعية، ولا في التخطيط والبناء. إضافة الى عشرات القوانين التي تميّز ضد المواطنين العرب بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي بادرت إليها أنت ورفاقك ودعمتموها.
إن قلقك على الجمهور الفلسطيني – العربي في إسرائيل “يمسّ القلب”. أقترح عليك أن توجهه نحو تقليص الفجوة الهائلة التي أنتجتها حكومات إسرائيل بواسطة سياسة الإقصاء والتمييز الممنهج، وتعال نبدأ من الوزارة التي ترأسها أنت.
إن نضالنا الأساسي كمواطنين هو النضال من أجل المساواة. وبُغية اختصار قسم من ردود الفعل المعهودة الإسرائيلية النموذجية، استبق لأقول رجاء لا تذكروا أمامي مرة أخرى الوضع في العراق، سورية أو موريتانيا. يجب على دولة تدّعي صباح مساء أنها دولة ديمقراطية، أن تساوي بين وضع جميع مواطنيها، بدون أي فرق، مثل فرنسا، السويد، أو حتى كندا. هذه هي المقارنة الصحيحة.هل تعتقدون ألا تمنح كندا حقوقاً متساوية للذين يتكلمون اللغة الفرنسية مثلاً؟
نحن نتحفظ مما فعله هؤلاء الأسرى ولا نوافق عليه، وهكذا أيضاً جميع أعضاء الكنيست والأحزاب العربية. طريقة نضالنا هي سياسية، جماهيرية، شعبية، وليست عنيفة. نحن نمثّل مُجمل الجمهور العربي، ولذلك فإننا نطالب بإطلاق سراحهم فوراً، مثلما أطلِق سراح يهود قتلوا عرباً. نفتالي بينت، هل لك ان تذكر سجيناً يهودياً قتل عربياً ومكث في السجن 30 عاماً؟ وردا على ادعائك، هل سَعي حكومة إسرائيل لإطلاق سراح جونتان بولارد سيؤدي الى ان يتعامل الجمهور الأمريكي مع اليهود في الولايات المتحدة على أنهم “مواطنون درجة ثانية”؟
سنستمر في النضال لكي نكون متساوين في الأرض التي نحن أبناؤها. نناضل معاً، عرباً ويهوداً، ضد العنصرية التي أصبحت “تياراً مركزياً” في المجتمع الإسرائيلي، هذا المجتمع الذي فيه أشخاص مثلك أيها الوزير يفكّرون بأن الفلسطيني هو شوكة في المؤخرة وهدف وجوده ان “يجهز لكم القهوة”.