دبلوماسية الجنائز من خلال جنازة جاك شيراك – معمر حبار
تاريخ النشر: 01/10/19 | 10:07تابعت صباح اليوم وعبر الفضائية الفرنسية الخامسة جنازة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك وتابعتها من اليوم الأوّل من الوفاة وكتبت عنها كما تابعت منذ سنوات جنائز رؤساء الجزائر والعرب والغرب وكتبت عنهم حينها بما يسمح به المقام، وممّا وقف عليه الجزائري المتتبّع:
1. إثر ا الإعلان عن وفاة جاك شيراك كتبت عبر صفحتي أطلب من الجزائر أن لا يحضر عبد القادر بن صالح رئيس الدولة المؤقت باعتباره أعلى الهرم ويكفي أن يحضر ما دونه. واليوم وأنا أتابع على المباشر منذ السّاعة التّاسعة صباحا الفضائية الفرنسية الخامسة مراسيم تشييع جنازة جاك شيراك فإنّ عبد القادر بن صالح رئيس الدولة الجزائرية المؤقت لم يحضر مراسيم التشييع فوجب إذن تقديم كلّ التحية والتقدير للدبلوماسية الجزائرية ونواصل بعدها عملنا المتمثّل في نقد أعلى الهرم حين يخطئ في حقّ الجزائر ونثني عليه حين يقوم بما يستحقّ الشكر والثناء غير نادمين ولا آسفين.
2. طالبة فرنسية في العلوم السياسية كان عمرها 5 سنوات حين اعتلى شيراك كرسي الحكم وهي الآن تشهد جنازته وشهدت من بعده 3 رؤساء ما يعني أنّ الطفل في الدول العظمى يعيش مع عدّة رؤساء وليس حاكم واحد من المهد إلى اللّحد.
3. اتّفقت عائلة شيراك مع رئاسة الجمهورية الفرنسية على كيفية إقامة جنازة شعبية التي أرادتها العائلة والجنازة الرسمية التي تريدها الدولة ما يعني أنّ الدولة لها حقّ والعائلة لها حقّ وكلّ يكمّل الآخر ويحترم الآخر.
4. ما سمعت يوما واحدا رئيسا فرنسيا أو مسؤولا فرنسيا يتلعثم في الكلام وقد كانت الكلمة التأبينية للماكرو ماكرون فصيحة بليغة سليمة لم يتلعثم لحظة واحدة.
5. فرنسا تفتخر بجنازات رؤسائها وتظهر باعتزاز جنازة كلّ واحد منهم حسب فترات زمنية متباعدة ما يعني أنّ الجنائز عند الأمم ممّا تفتخر به أمام الأمم.
6. الغربي يذكر محاسن موتاه ويذكر في نفس الوقت سلبياته ولا يرى في ذلك حرجا ولا طعنا ولا خيانة ولا تملقا.
7. عائلة شيراك ترفض أن تحضر ماري لوبان لجنازة شيراك وهذا حقّ العائلة لم يناقشها فيه أحد ولم يقولوا أنّها وصية الميت.
8. لم يقل أحد من الفرنسيين المؤيدين لشيراك أنّه في الجنّة ولم يقل أحد من المعارضين له أنّه في النّار ولم يتخاصموا فيما بينهم حول مصير الميت ولم يتقاتلوا فيما بينهم حول رحمته أو لعنه وظلّ الجميع يحترمه ويذكر حسناته وسيّائه بأدب واحترام.
9. بحثت وما زلت عن موقف شيراك من الجزائر ومن الثورة الجزائرية لأعلن موقفي غير نادم ولا آسف من كلّ من أساء للجزائر وللثورة الجزائرية. واليوم أسمع الأستاذ الفرنسي عبر الفضائية الفرنسية يقول: كان شيراك جنديا في الجزائر أثناء الثورة الجزائرية ورقي إلى رتبة ملازم أوّل وجرح بالجزائر وعاد على إثرها إلى فرنسا سنة 1957.
10. انتقدوا رئيسهم باحترام وأثنوا عليه باحترام حيا كان أم ميتا دون تقديس ولا حقد. الحاكم في الدول المتقدّمة لا يرجم ولا يقدّس وينتقد في حياته ومماته.
11. القسّ هو الذي استقبل الضيوف من رؤساء دول ورؤساء فرنسا سابقين والماكر ماكرون باعتباره هو القائم على الكنيسة والمكلّف بمراسيم تشييع الجنازة.
12. حين ألقى القسّ كلمته رحبّ برؤساء الدول أوّلا ثمّ رحّب بالماكر ماكرون ثانيا.
13. قال القسّ على لسان شيراك: أعترف أمام الجميع أنّي أخطأت، وعليه أقول: الحاكم وأيّ مسؤول لدى الدول العظمى يخطئ ويعلن في حياته أنّه أخطأ ويعاقب على أخطائه وفي مماته يقولون على لسانه: أعترف أمام الجميع أنّي أخطأت.
14. ضمّت الكنيسة الرؤساء والوزراء والسّاسة بينما عامّة الشعب حضر تشييع الجنازة خارج الكنيسة وفي العراء.
15. الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ممثّلا عنها لحضور جنازة الرئيس الفرنسي الأسبق ما يعني أنّ الدول العظمى لها رئيس سابق يحضر جنازة رئيس سابق هذا من جهة ومن جهة ثانية نوعية التمثيل تعبّر عن مستوى العلاقة بين الدول وفي أيّ درجة هي الآن.