معركة القدس والصمود والهوية وحضارة الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 01/10/19 | 7:19كانت قضية القدس وستبقي المحور الاساسي للقضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية وهي تشكل الحضارة والتاريخ لشعب فلسطين الذي يعاني جراء الاحتلال ويضطهد يوميا عبر السنين وان الشعب الفلسطيني الصامد المرابط في ارضه رغم القمع والقتل والتنكيل الإسرائيلي وحملات الإبادة الجماعية المنظمة التي تمارسها عصابات الاحتلال كل يوم بحق أبناء الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة الا أن صمود اهلنا وشعبنا في القدس يزداد اصرارا وتمسكا بحقوقهم .
القدس هي مدينة مقدسة للديانات السماوية، لكن الاحتلال العسكري الاسرائيلي يستحوذ عليها ويظهرها (عاصمة اليهود في العالم ) وهنا لا بد من التوضيح بان من يزورها من العرب والمسلمين يعزز انتماءها العربي ويعزز قدسيتها بالنسبة للمسلمين وللمسيحيين في العالم ويساهم في منع احتكارها السياسي والديني من قبل الاحتلال الاسرائيلي .
اننا نتطلع الي أن يساند العرب والمسلمون والمسيحيون في العالم شعبنا في القدس بحضورهم وزيارتهم للقدس وعدم السماح بأن يقتصر زوارها على السياح اليهود الذين يمولون عمليات تهويدها، وهنا بات المطلوب من أصحاب الفتاوى إلى دراسة الوضع بعمقه الاستراتيجي والخروج بموقف أكثر مسؤولية تجاه القدس وإن عدم زيارة القدس يعني تركها فريسة للاحتلال الإسرائيلي لنهش جسدها وقتلها واستمرار تهويدها .
ان شد الرحال إلى الأقصى والرباط فيه ضرب من ضروب الجهاد المبرورة التي تساهم في حماية المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى ولفت الأنظار إلى ممارسات الاحتلال العسكري الاسرائيلي بحق القدس، وان تدويل قضية القدس والدفاع عنها وزيارتها يأتي في نطاق حمايتها ولا يمكن أن تكون زيارة القدس تطبيعا مع الاحتلال الإسرائيلي بل هي حالة من التواصل مع القدس وأهلها، وأن زيارة السجين ليست اعترافاً بالسجان أو تطبيعا معه، واننا نتطلع الى ضرورة شد الرحال الي القدس الشريف من قبل علماء وقادة المجتمع العالمي الاسلامي والمسيحي وتشكيل اكبر جبهة عالمية لمناصرة القدس وفضح جرائم الاحتلال الاسرائيلي، ونعبر عن تقديرنا العميق لتلك المواقف الشجاعة والواضحة والمساند للشعب الفلسطيني ولأهلنا في مدينة القدس والى الذين يؤكدون بزيارتهم للمدينة المقدسة أن هذه المدينة كانت وستبقى فلسطينية عربية إسلامية ومسيحية رغم كل ممارسات سلطات الاحتلال ولن يقبل أي مواطن حر بسياسة الأمر الواقع الإسرائيلية .
فتحية لهؤلاء الذين يبادرون باتخاذ المواقف ويعملون على حماية القدس والمسجد الاقصى، تحية الي هؤلاء الذين يتصدون للاحتلال وإلى كل المسلمين والعرب الذين يعملون بصمت من اجل نصره القدس والذين يفندون مزاعم دعاة تحريم زيارة القدس لأنها تحت الاحتلال، حيث باتت هذه الشعارات مجرد خطب نارية لا تلبي حاجة الأمة ولا الشعب الفلسطيني الذي يخوض معركة تقرير مصيره ومعركة تحرير القدس وإقامة الدولة الفلسطينية، فكأنهم عن وعي أو غير وعي يسلّمون بما هي عليه القدس في حين أن من يزور القدس من بوابتها الفلسطينية يثبت بزيارته أن القدس عربية إسلامية كانت وستبقي عبر التاريخ وأنها كانت وستبقى عاصمة فلسطين وقلبها النابض .
اننا مع ضرورة تشكيل اكبر جبهة عالمية لمناصرة القدس والدفاع عن المسجد الاقصى وحمايته والعمل على فضح الاحتلال والسعى لتدويل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وحشد الطاقات والإمكانيات من مختلف انحاء العالم العربي والإسلامي من اجل تبني قضايا القدس والإطلاع عليها ومعرفة جرائم الاحتلال لتشكل الأساس لوضع اليات عمل دولية لمواجهة سياسات الاحتلال الاسرائيلي وممارساته القمعية، وبات من المهم أن تكون القدس قضية دولية وتدويل الصراع بمختلف جوانبه والتصدي للاحتلال ضمن عمل المؤسسة والموقف الشمولي القادر على تحقيق التوازن الاستراتيجي من اجل خوض معركة القدس وحمايتها، وإننا نتطلع الي أن يصل القدس خمسة ملايين مسلم سنويا علي الاقل من مختلف أنحاء العالم عبر البوابة الفلسطينية وبالتنسيق مع المملكة الاردنية الهاشمية صاحبة السيادة والوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات، وان من شان هذه الخطوة اطلاع العالم علي مدى العنجهية الإسرائيلية وطبيعة الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني في القدس تعزيزا لنضال الشعب الفلسطيني وصموده وتأكيدا على أن القدس هي القضية الأساسية للامة العربية والإسلامية، كما نتطلع الى التواصل مع القدس وليس تحريم زيارتها فلا يوجد هناك نصوص في القرآن أو السنة ولم يحصل في التاريخ أن مفتيا أو قاضيا أو رجل دين حرم زيارة القدس، ومما لا شك فيه بان زيارة القدس تأتي في اطار دعم صمود الشعب الفلسطيني للتصدي للاحتلال الذي يقتلع الشجر والإنسان ويسرق الارض بل يعمل علي تهويد المدينة المقدسة وطمس معالمها الإسلامية .
إن النظرة الضيقة لمن يقف ضد الزيارات ويصفها بالتطبيع والعمالة باتت غير مقنعة وتلك الفتاوى غير جديرة وتتنافي مع الواقع والتاريخ ويجب أن ننطلق للعمل من اجل القدس بشكل إسلامي شمولي ونهضوي متكامل والوقوف علي جرائم الاحتلال، وإن دعم القدس لا يكون بالشعارات التي سئمنا منها على مدار السنوات الماضية وحقبة الاحتلال الاسرائيلي بل يكون من خلال التصدي للاحتلال وفضح ممارسات الاحتلال وتوسيع دائرة النضال وان يتحمل الجميع المسؤولية على قاعدة أن الشعب الفلسطيني يمثل رأس الحربة وان الأمة الإسلامية والعربية والأحرار في العالم يمثلون جسم الحربة فحان الوقت لان نشد الرحال والترحال إلى الأقصى وان نقيم وننظم القوافل الدولية للقدس وان يتظاهر المسلمون كل صلاة داخل المسجد الأقصى من اجل حرية القدس، وهنا نقول لا بد بل من الضروري العمل معا لدعم الخطة الإستراتيجية لتنمية القطاعات الحيوية في القدس وتوفير الأموال وإقامة المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والثقافية بداخل القدس والعمل على فضح الاحتلال العسكري وجرائمه التي يرتكبها بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني بالقدس، ووضع اليات عمل من اجل الاعداد لملفات الجرائم الاسرائيلية وتقديمها الى محكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الانسان، وحشد الطاقات والإمكانيات الدولية من اجل تجريم الاحتلال لرفع قضايا وتقديمها لمحكمة العدل الدولية وأمام المؤسسات الحقوقية الاخرى على ما اقترفه ضد القانون الدولي والإنساني وارتكابه جرائم الاستيطان والتصفيات الميدانية وجرائمه في القدس الشريف.
بقلم : سري القدوة