هل حكومة الاحتلال الإسرائيلي أسقطت خيار الدولتين؟
تاريخ النشر: 03/10/19 | 9:08منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 كممثل للقوى والفعاليات الفلسطينية ولتمثيل الشعب الفلسطيني في اماكن الشتات سعت وعملت على احتواء ابناء الشعب الفلسطيني، وعملت المنظمة من اجل تحرير الارض الفلسطينية المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحولت منظمة التحرير إلى حركة مقاومة فلسطينية عبرت عن تطلعات الشعب الفلسطيني من اجل العمل على وضع اليات عملية لقيام الدولة الفلسطينية، وبعد هزيمة النكسة عام 1967، انتخب الرئيس الشهيد ياسر عرفات رئيساً لها سنة 1969، ومارست المنظمة مختلف اشكال النضال وكانت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وعملت على تمثيل الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده وتحولت المنظمة الي اطار للدولة الفلسطينية فلم تعد المنظمة حزبا في الدولة بل هي الدولة الفلسطينية بمؤسساتها التي تجسد الطموح الفلسطيني، وسعت المنظمة الي تأسيس السلطة الفلسطينية كاستحقاق لاتفاقيات اوسلو التى حاصرها الاحتلال وفرضت اعاقة لتقدمها ومارست سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي بحق السلطة كل واساليب القمع من اجل اجهاض مشروع الدولة الفلسطينية كاستحقاق وطني ونضالي شمولي يجب ان يثمر عن قيام الدولة الفلسطينية .
وفى ظل ما الت اليه الاحداث ووصولها الي طريق مسدود وإجهاض عملية السلام برمتها اتخذت القيادة الفلسطينية قراراً بالعمل على وقف تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي، وذلك بسبب عدم التزام الحكومة الاسرائيلية بها وإصرارها على تدمير كل ما تم الاتفاق عليه برعاية دولية، عبر الاستمرار بالاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وحجز الأموال الفلسطينية، والاقتحامات اليومية وسياسة الاعتقالات.
ان اصرار الاحتلال الاسرائيلي تمرير مخططاته تحت مظلة الرعاية الامريكية والدعم الامريكي المستمر للاحتلال الاسرائيلي وعدم اعترافهم بان الجولان ومنطقة وادى عربة والضفة الغربية هي اراضي محتلة والسعي الي ضم هذه المناطق لدولة الاحتلال فأننا نجد انفسنا اصبحنا امام واقع وخيار الدولة الواحدة، وان ذلك يدفع الجميع الى طرح خيار الدولة الواحدة بعيدا عن تصور حكومة الاحتلال لمفهوم الدولة الواحدة حيث تسعى الاحزاب الاسرائيلية المتطرفة الي تبني خيار الدولة اليهودية وهذا بالطبع يعد بديل عنصري ويعبر عن الكراهية المقيتة ولا سامية المطلقة وفي محصلة الامر له خصوصيته الخطيرة علي مستقبل الصراع ليس علي الصعيد الفلسطيني بل علي الصعيد الكوني برمته .
أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما أعلن قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 إنما أراد أن يرسل رسالة سلام للعالم وأن يستثمر سياسياً تضحيات الشعب الفلسطيني وكفاحه في الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الباسلة وذلك كي لا تتكرر المأساة بأن تذهب هذه التضحيات من دون أي إنجاز، وأن العالم اليوم هو أكثر تفهما لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حقه في تقرير المصير وبالحرية والاستقلال وان اغلب دول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة إضافة إلى ما تم إنجازه على صعيد انضمام دولة فلسطين إلى عشرات المنظمات والمؤسسات الدولية من بينها منظمة اليونسكو ومحكمة الجنايات الدولية ومنظمة الانتربول الدولي وان من شان ذلك تعزيز اقامة الدولة وتجسيدها في مواجهة سياسات الاحتلال الاسرائيلي .
دائما سعت منظمة التحرير الفلسطينية وكانت وما زالت تعمل من اجل تحقيق السلام، ولكن الجانب الاسرائيلي لم يترك فرصة إلا ويعمل على تدمير كل فرص تحقيق السلام على مبدأ حل الدولتين المدعوم دولياً، لذلك لا بد من جامعة الدول العربية والمنظمات الاوروبية وكل المناصرين للحقوق الفلسطينية العمل المشترك والسعي للتدخل لإنقاذ فرص تحقيق السلام والاستقرار والأمن من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود العام 1967، وخاصة في ظل تراجع الموقف الامريكي كراعي لعملية السلام وان الادارة الامريكية في عهد الرئيس ترامب لم تعد وسيطاً نزيهاً لرعاية المفاوضات من خلال القرارات التي اتخذتها بحق القضية الفلسطينية والتي تخالف كل مبادئ الشرعية الدولية.
ان تلك المواقف وما الت اليه الاحداث تقودنا الي ضرورة استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية اولا من اجل مواجهة المخاطر التى باتت تحدق بالدولة والمشروع الوطني الفلسطيني برمته والسعى الي ضرورة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وإقامة حكومة الوحدة الوطنية لدولة فلسطين وإعلان تجسيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والدعوة الي إجراء الانتخابات الديمقراطية لبرلمان دولة فلسطين، وان الشعب الفلسطيني الذي بدأ كفاحه المشروع منذ ما يقارب المائة عام سيواصل الكفاح والنضال الوطني المشروع بكل السبل والإمكانيات ولن يرضخ ولن يتخلى عن ثوابته وحقوقه الوطنية المشروعة المستندة إلى قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمة هذه الحقوق حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة.
بقلم : سري القدوة