الكاتبة شهربان معدي في مجموعتها القصصية ” دموع لم تسقط “
تاريخ النشر: 03/10/19 | 21:11أعرف الصديقة الكاتبة المبدعة شهربان معدي، ابنة بلدة يركا الجليلية، من خلال كتاباتها ومقالاتها التي نشرتها في عدد من المواقع الالكترونية المحلية والعربية. وقد توسمت فيها موهبة قصصية وأدبية يشار لها بالبنان، ناهيك عن ما تتصف به من روح إنسانية وثابة وصدق إنساني وثقافة إنسانية شمولية. فهي أديبة مثقفة واسعة الاطلاع والمعرفة، تغرف من بحور التراث العربي والآداب الإنسانية، وقاموسها غني وثري وحافل بالمفردات والتعابير الجميلة الراقية السخية.
تكتب شهربان للكبار والصغار، وقد صدر لها في مجال الكتابة للطفل كتابان هما ” دمية جدتي “، و ” نور في البستان السحري “.
وقبل أيام ارسلت إليَّ شهربان كتابها ” دموع لم تسقط “الصادر العام 2017، وجاء في 160 صفحة من الحجم الكبير، ويشتمل على مجموعة من القصص القصيرة والصور القلمية ذات الطابع الانساني الاجتماعي الواقعي، وقدم له الشاعر الاديب وهيب نديم وهبة، ومما كتبه : ” مجموعة شهربان معدي القصصية، هي مساحة الإنسان، في وقت نسينا فيه الغناء، نسينا جمال الطبيعة. وشهربان ليست ساحرة ولكن تعيدنا إلى الإنسانية، إلى الأرض، تعيدنا إلى السماء المنسية “.
في حين كتبت دار آسيا للنشر على الغلاف الأخير للكتاب : ” عندما تقرأ قصص شهربان معدي تشعر وكأنك شاهد عيان لأحداث تقع امامك، فتعيش الجو كاملا، وتبتهج مع أبطال القصة، أو تتألم معهم، وتصبح شريكا في مجريات الأمور. وقد برعت شهربان في وصف حضارة عشناها نحن، وحرم منها أبناؤنا وصغارنا “.
شهربان معدي تستمد موضوعاتها من الواقع والحياة والبيئة الاجتماعية، من الطبيعة والأرض، ومن الماضي الجميل، من قيمه وتراثه وتقاليده السائدة.
فهي تكتب عن واقعنا الاجتماعي ، بايجابياته وسلبياته، وتسلط الضوء على الظواهر السلبية والاوبئة والادران الاجتماعية، وتتناول هموم المرأة وقضاياها، وترسم صور حنينية لماضي الآباء والاجداد، ولحياة الناس في الزمن الغابر، وتصور العلاقات الاجتماعية وطابعها البرجماتي، حيث أن النزعة البرغماتية لا تتفق والأخلاقية بكل أشكالها، وكذلك التفكك الاجتماعي، وسيادة الفردية، وتحطم جدران الاجتماعية الانسانية، وتعزز مفهوم العدالة البدائي والمثالي، وانه لا فرق بين إنسان وإنسان، أي لا طبقية في المجتمع.
ومن خلال أقاصيصها تظهر أفكار شهربان معدي التقدمية المستنيرة جلية واضحة، حيث تطرح مواقفها إزاء الكثير من المسائل والقضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية، كالشرف والعنف والحروب والسلام والتسامح والقيم الأخلاقية والسلوكية والذاتية البغيضة الفاسدة، وحرية الفكر والمعتقد، وحرية المرأة، ومسألة العودة للتراث وسوى ذلك.
وتمتاز قصص المجموعة بالتركيز والتكثيف والايحاء وعنصر التشويق واستحضار الذاكرة واستلهام الماضي، واللغة الأدبية الشاعرية المدهشة واللافتة، والسردية المعبرة، والبناء الفني الجميل للحدث بحيث تستثير القارئ للنهاية المتفائلة.
أما شخصيات قصصها فمن الناس البسطاء وعامة الشعب من أبناء القرية والريف، وهي مسحوبة من أرضية الواقع وتتلاءم مع الحدث وتنسجم معه. وتكمن مهارة شهربان في تصوير الحدث ومتابعته وتجميعه بصورة مكثفة لينفجر في النهايات بعناية فائقة.
وتعبق قصص شهربان برائحة أرض الجليل، بروث المراعي، وزعتر الجبال، وسنديان يركا، وعطر البلاد، ونلمس فيها نكهة ريفية وفلاحية وقروية، ونحس من خلالها بالألم والوجع والقهر الإنساني، بالمرارة، والأمل، والمحبة، والعلاقات الطيبة، والمحبة، والانتظار، والحلم المنتظر.
شهربان معدي في مجموعتها القصصية ” دموع لم تسقط ” ملتصقة حتى النخاع بالمجتمع، تنقل هموم ومعاناة افراده بأسلوب سردي وصفي يعتمد الايجاز والاهتمام بالشخوص والكشف عن ملامحها.
وتندرج نصوصها ضمن القصة القصيرة، ونجد اهتمامها بالفكرة والموضوع، وهي تدل على دراية الكاتبة بفن القصة القصيرة واركانها وتقنياتها السردية الحديثة.
ويتضح من خلال القصص الثراء الفكري والمعرفي الذي تتمتع به الكاتبة ما يسمح لها بنسج قصصها بطريقتها الخاصة، وخدمة نصها واثرائه دلاليا.
شهربان معدي كاتبة وقاصة ماهرة، تمتلك براعة في التصوير والتوصيف ورسم الشخصيات، وجمالية في التشكيل اللغوي، واعتماد عنصر التشويق والمفاجأة، والحرص على اثارة دهشة القارئ والمتلقي، وجاء أسلوبها ممتعًا، وموضوعاتها متنوعة موغلة في عمق النفس الإنسانية.
دموع شهربان لم تسقط، وباكورة قصصها التي بين أيدينا تشي بمشروع قصصي سردي جميل الملامح وواعد، نرجو له النمو والاستمرارية والاختمار أكثر حتى درجة الاكتمال وبلوغ الهدف.
فللصديقة الكاتبة شهربان معدي احر التحيات واطيب الامنيات والمزيد من العطاء والابداع والتألق والحضور أكثر في المشهد الأدبي الفلسطيني الراهن.
بقلم : شاكر فريد حسن