"مع الجنة" بخطبة الجمعة في كفرقرع
تاريخ النشر: 03/10/11 | 5:53بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع الموافق 2 من ذو القعدة ١٤٣٢ﻫـ ، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري؛ رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘مع الجنة..‘‘، هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة الشيخ صابر زرعيني، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة فكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين .
وأردف الشيخ قائلاً:” فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته و صلى اللهم وسلم؛ وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه أجمعين وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
http://youtu.be/TUsCN2nisYA
وتابع الشيخ قائلاً:” أما بعد: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر))؛ ثم تلي النبي صلى الله عليه وسلم، قول الله عز وجل:((فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)).
وأضاف الشيخ قائلاً:” أحبتي في الله: إن الذي يصف لنا الجنة هو خالقها.. من غرس كرامتها بيده سبحانه وتعالى ..
فانتبه معي أيها الحبيب واسمع كلام من غرس كرامتها بيده جل وعلا.
قال سبحانه:((إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً *عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً *يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً *إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً* فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً*وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً))؛ وقال تعالى:((فِي جَنَّاتِ النَّعِيم*عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ*يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)).
وقال تعالى:((إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً*وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً*وَكَأْساً دِهَاقاً*لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً)).
وقال تعالى:((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً*أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً((.
وقال تعالى:((إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ*عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ*تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ*يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ*خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ*وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ*عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ)).
وأردف الشيخ قائلاً:” أحبتي في الله هذا كلام من غرس كرامتها بيده عز وجل، فماذا قال من رآها بعينه؟. عن أبي هريرة رضي الله عنه : قلنا يا رسول الله إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا (دنونا واقتربنا من النساء والأولاد) قال:(( لو تكونون على كل حال على الحال الذي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم)) قال: قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة (اللبنة: هي القالب المستعمل في البناء وقد يكون من طين أو حجر أو غيره) من ذهب ولبنة من فضة وملاطها (الملاط: الطينة أو الطلاء أو ما يسد ما بين اللبنات) المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، ومن يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)). هذا بناؤها كما وصفه من رآها صلى الله عليه وسلم؛ أما عن غرفها وقصورها.
قال الله تعالي:((لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ))، وقال تعالي:((أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا))، وأخرج الترمذى من ةتابع الشيخ حديثه بالقول:” حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( إن في الجنة لغرفاً يُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها)) فقام إعرابي فقال: يا رسول الله لمن هي؟ قال:(( لمن طَّيب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلي بالليل والناس نيام)).
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أدُخلتُ الجنةَ فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا لشاب من قريش، فظننت أنى أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا: لعمر بن الخطاب))..”.
وإستطرد الشيخ حديثه وشرحه بالقول:” أمَّا أبواب الجنَّة الثمانية التي يدخل المؤمنون منها، فعلى حسب أعمالهم؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنَّة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة، دُعِيَ من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الرَّيَّان، ومن كان من أهل الصَّدقة، دعي من باب الصدقة))؛ فقال أبو بكر – رضي الله عنه -: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على مَن دُعِيَ من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كُلِّها، قال: ((نعم، وأرجو أن تكون منهم))؛ رواه البخاري.
فأين الهمة التي كهمة الصِّدِّيق التي سمت إلى تكميل مراتب الإيمان، وطمعت نفسه أن يُدعَى من تلك الأبواب كلها. أما أشجار الجنة وبساتينها وظلالها.
قال تعالى:((وأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ*فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ*وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ*وَظِلٍّ مَمْدُودٍ* وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ* وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ*لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ))؛ وقال تعالى:((فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ))؛ وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها فاقرأوا إن شئتم (( وظل ممدود))..”.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح: فإن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران، وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن. وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر. وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب. وإن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة لا من الحطب والخشب. وإن سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد وأحلى من العسل. وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل. وإن سألت عن أنهارها فأنهارُ من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى. وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور. وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير. وإن سألت عن خيامها وقبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام. وإن سألت لباس أهلها فهو الحرير والذهب. وإن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب. وإن سألت عن وجوه أهلها وحسنهم فعلى صورة القمر. وإن سألت عن سنهم فأبناء ثلاث وثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبى البشر. وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين وأعلى منه سماع صوت الملائكة والنبيين، وأعلى منها خطاب رب العالمين. وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب إن شاء الله مما شاء تسير بهم حيث شاءوا من الجنان. وإن سألت عن حليهم وشارتهم فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان. وإن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون. وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن أول زمرة يدخلون الجنة: على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشدِّ كوكب دُرِّىّ في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يَتَغَوَّطون، ولا يتفُلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوَّةُ – الألنوج عود الطيب – أزواجهم الحور العين، على خلق رجُلٍ واحدٍ على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء))، أما إن سألت عن أزواج أهل الجنة يأتيكم الجواب من رب الجنة جل وعلا : فقال سبحانه:(( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ*فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ*فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ*فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)).
هذه هي زوجتك من الحور العين في الجنة أيها المؤمن الصادق.
ووجه حديثه للشباب قائلاً:” انظروا أيها الشباب الموحد.. يا أهل الطاعات.. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:”لو أن إمراءة من أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما من نور وجهها ووضاءتها ولملأته ريحاً.. الله أكبر..”.
أما زوجتك في الدنيا، زوجتك المؤمنة التقية الطاهرة العفيفة.
أما زوجتك إن كانت من أهل الجنة.. إستمع.. اعلم أن الزوجة المؤمنة من أهل الدنيا يكون جمالها في الجنة يفوق جمال الحور العين وأنتم سمعتم وصف الحور العين .. فأي حال ستكون عليها زوجتك إن كانت من أهل الجنة ؟! يفوق جمالها جمال الحور العين!! لماذا؟ لأنها هي التي صامت لله، وقامت لله، وهى التي حاربت الشهوات، وصبرت على الأذى والبلاء فاستحقت من الله أن يكافئها.
وقال الشيخ:” قال تعالى:((إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً*فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً*عُرُباً أَتْرَاباً))، قال البخاري: عُرباً: جمع عروب..، والعرب: المتحببات إلى أزواجهن((إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ)) قال الحافظ ابن كثير: أي أعدناهن في النشأة الأخرى في الجنة بعد ما كن عجائز.
أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ادعُ الله أن يدخلني الجنة، فقال لها يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز، فَوَلَّتْ – المرأة – تبكى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها لا تدخلها وهى عجوز. عن أم سلمة قالت: قلت يا رسول قلت يا رسول الله: المرأة تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ثم تموت فتدخل الجنة، ويدخلون معها من يكون زوجها؟ قال: (( يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقاً فتقول: يارب إن هذا كان أحسن خلقاً معي فزوجنيه، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة))..”.
وتابع الشيخ حديثه بالقول:” أحبتي في الله.. إن نعيم الجنة لا يحده حدود ولا يفتر الإنسان عن ذكر نعيم الجنة ولا يمل الإنسان من سماع نعيم أهل الجنة فتنافسوا عليها يا أهل الإيمان. يا أهل الطاعات.
قال الله جل وعلا:((إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ*عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ* تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ*يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ*خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)).
وأردف الشيخ قائلاً: “أيها الأحبة: بقى أن نعرف أدنى أهل الجنة منزلا وآخر من يدخل الجنة
ففي صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( سأل موسى ربه: من أدنى أهل الجنة منزلة؟
فقال: هو رجل يجئ بعد ما دخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلِك من ملوك الدنيا فيقول: رضيت رب، فيقال: ذلك لك ومثله ومثله ومثله ومثله فيقول في الخامسة: رضيت رب، فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما إشتهت نفسك ولذت عيناك، فيقول رضيت رب،
قال: يارب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذي أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تَرَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر، ومصداقه في كتاب الله:((فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))؛ هذا أدنى أهل الجنة منزلا: فمن هو آخر الناس دخولا الجنة؟.
في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشى على الصراط مرة ويكبو مرة وتسعفه (تلطمه وتضربه) النار مرة، فإذا جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة فيقول: أي رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم لعلى إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول: يا رب أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلى إن أدنيتك منها أن تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فسنظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين. فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها. فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يارب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه سمع أصوات أهل الجنة، فيقول يارب أدخلينها. فيقول: يا ابن آدم ما يرضيك منى، أيرضيك أنى أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ منى وأنت رب العالمين)).
فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: ((من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين، فيقول: لا استهزئ بك ولكنى على ما أشاء قادر))..”.
وأضاف الشيخ قائلاً:” أحبتي في الله: اعلموا علم اليقين إن نعيم الجنة الحقيقي ليس في خمرها ولا في حريرها ولا في عسلها ولا في بناءها ولا في قصورها ولا في صورها ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه ربها ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة((؛ وقال تعالى:))لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ))، والزيادة هي التمتع بالنظر إلى وجه رب العزة جلا وعلا.
فإستمع يوم ينادى المنادى؟: يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيدكم فحَىَّ على زيارته، فيقولون: سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين نادى المنادى: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم تبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟.
فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رءوسهم فإذا الجبار جلا جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم وقال: يا أهل الجنة سلام عليكم، فلا تُرد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول: يا أهل الجنة، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة: قد رضينا فارض عنا، فيقول: يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني.
وعن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدُكُم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله فما أُعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى)) اللهم اجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين أحبتي في الله. هذه هي الجنة.. لأن الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..”.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد عبده ورسوله اللهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وعلى كل من استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
وأردف الشيخ قائلاً:” أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام: هذا قليل من كثير عن الجنة لأنه لا يعلم حقيقة الجنة إلا ربها وإلا من رآها بعينيه صلى الله عليه وسلم فألا من مشمر للجنة؟ من منكم سيشمر عن ساعديه ليفوز بهذه العروس الغالية((إلا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة)). يا من تطلبون الجنة بغير عمل.. يا من تطلبون الجنة بغير صلاة.. يا من تطلبون الجنة بغير قيام الليل.. يا من تطلبون الجنة وأنتم على معصية الله جل وعلا.. يا من تطلبون الجنة بالذنوب والشبهات والشهوات، أين أنتم من الطاعات؟ أين أنت من قيام الليل لرب الأرض والسموات؟.
أين أنتم من قراءة القرآن؟ أين أنتم من عمارة بيوت الله عز وجل؟ أين أنتم مما يقربكم إلى الجنة؟
إن طالب الجنة لا ينام.. إن طالب الجنة لا ينام.. إن طالب الجنة لا ينام،
واعمل لدار غدٍ رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
فمن يشترى الدار في الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها
فيا من تطلبون من الله الجنة.. ويا من تسألون الله الجنة.. اعلموا أن الإيمان ليس بالتمني ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. فلن نفوز بالجنة إلا إن عملت بعمل أهل الجنة..”.
منور الشاشه يا بها ء عزب احلى تحيه اليك ولمرموق زيد