الرقة ودفء الإحساس في قصيدة مروة زهير أيوب
تاريخ النشر: 13/10/19 | 22:24بقلم : شاكر فريد حسن
مروة زهير أيوب شاعرة موهوبة، عميقة الإحساس، مليئة بالعواطف، ومفعمة بالحب للحياة وللإنسانية.
هي من بلدة البعنة الجليلية ذات الطبيعة الجميلة الغناء الملهمة للشعر والابداع، حاصلة على اللقب الأول في الاستشارة التربوية واللغة العربية، واللقب الثاني في اللغة العربية، وتعمل في سلك التدريس.
تكتب مروة الأشعار والومضات والخواطر الأدبية النثرية، وعلاقتها بالشعر والكلمة علاقة جدلية، موهبتها الكتابية ولدت معها، وعملت على تنميتها وتطويرها بالقراءة المكثفة والكتابة المتواصلة، وهي شغوفة بالأدب والشعر العربي القديم ولا سيما أشعار المخضرمين من شعراء الحب والغزل العذريين الأقرب للقلب والوجدان كجميل بثينة وقيس بن الملوح وكثير عزة وسواهم.
وحين كانت في الثامنة عشرة من عمرها اصدرت ديوانها الأول بعنوان ” همسات مخملية ” لقي الترحاب من قبل القراء والنقاد، منهم الناقد الادبي د . بطرس دلة، ويحتوي على العديد من ومضاتها العشقية الوجدانية والنثريات المعبّرة عن انتمائها لبلدها وارضها ومجتمعها.
ومنذ سنوات توجهت مروة أيوب لنشر كتاباتها على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ايمانًا منها أنها تصل بسرعة الى اعماق القارئ، وهي كتابات متنوعة الاغراض، منها الخاص، ومنها العام، منها الموضوعات الرومانسية والوجدانية والعاطفية والاجتماعية والوطنية، التي تحاكي الحب وطقوسه والطبيعة والنجوم والوطن والشجر والأرض والقدس وبعنتها وجليلها والفرح الانساني بمنتهى الروعة والجمال وصدق الإحساس.
قصائد مروة أيوب عقود من اللؤلؤ، وازاهير ملونة، وهي صوت القلب، وترجمان الروح، وجسر الأشواق، تعبّر فيها عن أفكارها وخلجات قلبها ونبضها. إنها همسات حريرية مخلية مشبعة بالوجد والصوفية، وذات طابع غزلي وبعد انساني وحسي شفيف. إنها تكتب بعفوية وتلقائية وشفافية كما تحس، فتحيا اللحظة الشعرية، وتنسج قصائدها وخواطرها وومضاتها على ايقاع الوله، والدهشة، واكتشاف قوة الكلمات، وجمال المعاني، وصدى الابداع، وجاذبية السبك، ورقة المشاعر والإحساس، ومفرداتها سهلة ممتنعة، تنبض بالدفء والجمال الحسي والتدفق، ومتماسة مع الحميمية والشفافية.
تقول مروة في احدى ومضاتها بعنوان ” يوم التقيتك “:
يوم التقيتك على الأشجار
تعانقت العصافير
وقبلت بعضها بعضا
اكرامًا لطقوس الحب ورقصت،
وأنشدت الطيور بصوتها أنغاما
فرتلت المزامير
وعلى أغصان الزيتون
صلت بابتهال لملقانا وهللت.
مروة أيوب تعرف كيف تختزل وتكثف التجربة في نصوصها، وتجيد التعبير العاطفي الانساني عن مشاعرها الدفينة، بألفاظ ناعمة رقيقة بمعانيها ورهافة حس، وقصائدها قصيرة مكثفة كالومضات المدهشة، منسابة شفافة، تطرق نوافذ الوجدان بالرقة الانثوية الغارقة بالوجد، وتنفذ إلى أعماق القلب من غير جواز مرور.
وما يميز قصيدتها المعنى الشفاف، والمفردة المطورة، والصور الشعرية المبتكرة اللماحة الخلابة، والسلاسة، وطريقة السبك وصياغة المعنى الايحائي، كما نلحظ في هذه الومضة العذبة الجميلة :
كلُّ الأماني حولَ طيفِكَ حائمَةْ
تأْتي وتمضي عندَ رسمِكَ ماطرةْ
أملًا وودًّا في حنينْ،
لكنْ سمائي غائمةْ؛
بالغمّ والأشواقِ والدّمعِ الحزينْ…
ترجو قليلا من قليلكْ،
منْ ماءِ جفنِكَ حفنةً…
تسقي حياتي بهجةً…
أوْ ظلّ بسْمتِك الّتي
تخفي صدى سرٍّ دفينْ…
هلْ منْ معينْ؟
هلْ منْ معينْ؟…
والوطن يمثل البعد الآخر عند مروة أيوب، فتغني وتنشد له بأجمل الكلمات والعبارات ، وفي هذا الجانب نقرأ لها هذا النص الذي يتجسد فيه حبها لوطنها وامكنته التاريخية ، حيث تقول :
وموطني آيةٌ تمتدّ كالزَّرَدِ
منْ بحرِ حيفا أصلّيها إلى صفدِ
والقدسُ أغنيةُ الألبابِ صاخبةٌ
ترنُّ بالنّغمِ الرّنّانِ والغَرِدِ
حروفُها قصّةُ التاريخ باقيةٌ
منصوبةُ الذّكرِ فينا، نصبةُ الوَتَدِ
منَ القيامةِ، منْ جدرانِ مسجدِها
إنّي أقدِّسُها للبابِ والعُقَدِ
وعندَ ناصرةٍ تمَّمْتُ أدعيةً
للسّلمِ داعيةً ودًّا منَ الكَبِدِ
عكّا ويافا أفانينُ الحمى، عبقٌ
فوّاحةٌ هيبةً والواحدِ الأَحَدِ
وبعنتي هي أمّي، نشأتي وأبي
عندَ اسمِها غابَ فكرٌ جالب الكَمَدِ
وبعنتي نغمةُ الحسّونِ مُطربةٌ
وقِبلةٌ جِلّةٌ بل نعمةُ البلدِ
إنّي لها طالما يجري دَمٌ بعروقي
عاشقٌ للثّرى فيها إلى الأبدِ
وفي الاجمال، مروة زهير أيوب من الاصوات الشعرية الواعدة بالعطاء، ذات إحساس مرهف، تحافظ على الاندفاع الشعري والصبوة الوجدانية، نصوصها تحفل بصور الحب والعشق الروحي الصوفي وصور الوطن والمعاناة، وتقدم قصيدتها بلغة بسيطة رشيقة جميلة تنم عن احساس شاعري صادق، وموهبة ينتظرها المستقبل، فلها اصدق التحيات واجمل الامنيات بالمزيد من الابداع والتألق وقدمًا إلى امام.