كُلّن يعني كُلّن
تاريخ النشر: 21/10/19 | 10:02 زهير دعيم
أتابع الحِراك الشّعبيّ في لبنان ، والاحق انتفاضة الشعب العنيد ؛ كلّ الشعب بكلّ طوائفه ومعتقداته وملله.
أتابع فأقف دَهِشًا مرّة ، ، اخرى حزينًا ، وثالثة غير مُصدّقٍ. وكيف لا يكون ذلك وهناك من ظلّ على كرسي الحكم وما زال عشرات السنين ، يأمر وينهي من عزبته ودارته…
حقيقة أقول بالفم الملآن كلّهم ، فكلّهم أصحاب ملايين وعزب ودارات وفيلات ودولارات في المصارف السويسرية والفرنسيّة والأمريكيّة.
والشّعب البسيط ، الطّيّب ، المسكين والذي أنجب على مرّ السنين وما زال عمالقة يرصّعون سماء التاريخ والذكريات والكون بالمجد والكرامة…. فجبران ونعيمة والبستانيين واليازجيين وعبّود وأبوماضي وتقي الدين وآدونيس وفيروز والصافي الصبّوحة والرحابنة وعشرات المبدعين الذين يصعب أن نعدّهم جاؤوا من بلد صغير ( لبنان) هذا اللبنان الذي علّم البشرية الحرف والإبداع.
… هذا الشعب البسيط والعملاق يعاني اليوم ومنذ ثلاثة من العقود ؛ يعاني الأمرّيْن من قيادته وزعمائه ، فالجوع يضرب أطنابه في كلّ المناطق ، والفقر يستشري ، والمرض يستفحل في حين تقفل المشافي ابوابها إلّا أذا كشفت لهم عن أوراق خضراء تملأ محفظتك …
كدت أبكي وأنا أرى عجوزًا يبكي بدموع حرّى من الجوع والمرض وليس هناك من يقول : يا ساتر !!!
وامًّا تركها وحيدها وهاجر الى كندا لأنه لم يجد عملًا بعد بحث وانتظار شاقّ.
لقد بات لبنان الاخضر يبابًا ، حزينًا ،كئيبًا تغمره القمامة في زمن العهر والاختلاسات والسّرقات ونهب المال العامّ والتمثيل الفاشل والمكشوف على مسرح الكذب .
فلا غرابة في إثر هذا الوضع المأساويّ أن يخرج اللبنانيون كلّهم صارخين :
ليرحلوا كُلُّن …كلّن .
ويقصدون ال128 اعضاء البرلمان !!! والوزراء والرؤساء والزعماء وابناءهم وحفدتهم وانسباءهم..
نعم الكلّ من كل الطوائف والملل والمعتقدات فقد ” تخّنوها ”
ومن الجميل الحلو ان ترى في المظاهرات وفي كل المناطق اللبنانية فقط العلم اللبنانيّ بأرزته الجميلة ترفع الرأس شَمَمًا وكأنّي بها تقول : لو هاجرتم كلّكم سأبقى هنا في لبنان العزّ صامدة صمود صِنّين.
بورك الحراك الشعبيّ وبوركت صرخات الحقّ وبوركت سواعد الشعب العنيد ، الذي يعرف كيف ينتفض ، وفي عين الوقت أن يحافظ على الممتلكات العامّة والخاصّة وعلى تاريخه المجيد.
غدًا ستشرق الشّمس ساطعة من خلف صَنّين.