احتفلوا بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم
تاريخ النشر: 27/10/19 | 8:48احتفلوا بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم – معمر حبار
أنا الآن في صفحة 174 من قراءتي لكتاب “الإعلام بفتاوى أئمة الإسلام حول مولده عليه الصّلاة والسّلام”، جمع وترتيب السّيد محمّد بن علوي المالكي الحسني (1944-2004)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1426هـ – 2005، من 328 صفحة، فوقف القارئ المتتبّع على جملة من النقاط يريد عرضها بطريقته ومن زاويته وهي:
أوّلا: الحاضر الذي لا يغيب: من عظمة ما جاء في التشهد: “التحيات لله الزكيات لله…” أنّ المصلي وهو في الصلاة أو في غيرها يخاطب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بصيغة المتكلّم بقوله: “السّلام عليك أيّها النبي” فنحن إذن نحتفل بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحاضر معنا ونتوسّل به صلى الله عليه وسلّم وهو الحاضر. وكيف بمن استنكر التوسل بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأنّه “غائب؟ !” أن يخاطب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بصيغة المتكلّم “السّلام عليك أيّها النبي” وهو “الغائب؟ !”، وهل “الغائب؟ ! يخاطب بصيغة المتكلم !.
ثانيا: وقوف العظماء والكبار: في الحديث الذي يطلب فيه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أصحابه “قوموا لسيّدكم” فيما يخص سيّدنا سعد بن معاذ فقد كان في المجلس سيّدتنا أمّنا فاطمة الزهراء رضوان الله عليها وسيّدنا الصديق رضوان الله عليه. إذن، الخطاب بالقيام موجّه للعظماء والكبار ليقوموا لسيّدنا سعد وهو لم يبلغ منزلة أسيادنا آل البيت ولا منزلة الصديق. إذا كان السّادة والكبار والعظماء من أمثال سيّدنا فاطمة الزهراء وسيّدنا الصديق قاموا لمن دونهم فمن باب أولى وأحرى أن يقوم الابن لوالديه والتّلميذ لأستاذه والمرؤوس لرئيسه.
ثالثا: الاحتفال بالمولد ليس عيدا لكنّه فوق العيد: أعجبني كثيرا العالم المحدّث الفقيه محمّد بن علوي المالكي الحسني رحمة الله عليه ورضوان الله عليه حين قال: الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليس عيدا لكنّه أفضل من العيد لأنّ الاحتفال بالعيد يكون مرّة واحدة في السّنة بينما الاحتفال بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكون في أيام السنة كلّها.
رابعا: الاحتفال بكلّ أيام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أيام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلّها تستحق الاحتفال بها لعظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وليس مولده الشريف فقط، ومنها: يوم ولادته صلى الله عليه وسلّم، والرضاعة، وشقّ الصدر، والتجارة مع عمّه، ويوم الحجر الأسود، وخلوته في غار حراء، ونزول الوحي، ونزول أوّل سورة، والجهر بالدعوة، وهجرته للطائف، ودخوله الأوّل لمكة، واستقبال الأنصار، والهجرة للمدينة، وإبرام صلح الحديبية، ومعاهداته مع اليهود، وغزواته، وزواجه، وقضائه، ورسائله للملوك، ومعجزاته، وغير ذلك من الأيام المجيدة الشريفة التي تستحق الاحتفال بها وبصاحبها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. والذي يحتفل بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يحتفل أيضا بهذه الأيام وغيرها من الأيام الشريفة الكريمة لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
خامسا: عظمة صاحب المكان قبل المكان: يشتاق المرء لزيارة ورؤية الكعبة لأنّها شهدت مولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويشتاق المرء لزيارة ورؤية المدينة لأنّها تضمّ الجسد الشريف لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. إذن، شرف وعظمة المكان نابع من شرف وعظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
سادسا: نحن أولى بالاحتفال: حين زار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة ورأى اليهود يصومون عاشوراء لم يعاتبهم ولم يقل لهم كيف تقلّدون اليهود وأنا بين ظهرانيكم والقرآن الكريم يتلى عليكم بل قال لهم: نحن أولى بموسى عليه السّلام من اليهود وصام اليوم وأضاف يوما آخر. ونحن اليوم نقول: إذا كانت النصارى تحتفل بمولد سيّدنا عيسى عليه السّلام فنحن أولى بالاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والمواقف الخالدة وننزّه مولده الشريف صلى الله عليه وسلّم كلّ ما له علاقة بالعادات السيّئة من نصارى ويهود والأمّة مطالبة أن تربي أبناءها على: نحن أولى من غيرنا بالاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
سابعا: اليوم المعلوم للأمّة المعلومة: مولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان قبل خلق العرش واللّوح والأنبياء والسّماوات والأرض والبحار والملائكة ويعرفون جميعا مولده وقد أخبروا بولادته. والعرب تؤرّخ لأيامها العظمى بالحوادث العظمى وقد أرّخت لمولده الشريف بعام الفيل الذي عاشته وشاهدته قبل أن يولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأربعين سنة من مولده الشريف. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من بيت شريف ومن سادة قريش وكبير قريش فالجميع يعرف ولادته الشريفة. وإنّه لمن سوء الأدب وقلّة الأدب تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يقال أنّ مولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم غير معلوم؟ ! وهذه العبارة المشؤومة لم يقلها كفار قريش وهم الذين يبحثون عن أصغر “عيب وتهمة؟ !” لأنّهم – وهم الأعداء – أعلم النّاس بيوم ميلاده صلى الله عليه وسلّم.