مؤتمر حول التَّسميات بالحيّز العام بالناصرة
تاريخ النشر: 29/10/19 | 12:33نظَّم مجمع اللّغة العربيَّة في الناصرة، يوم السبت الماضي مؤتمره السَّنويّ تحت عنوان: “اللغة العربيَّة في الحيِّز العام؛ قراءة في السّياسات والواقع”، تحدَّث فيه عدد من الأساتذة المختصّين في هذا المجال، من المجمع، ومن خارجه.عُقِدَ المؤتمر في قاعة فندق “جولدن كراون” في الناصرة بحضور جمهور واسع، جاء من الناصرة ومن خارجها، برز من بينهم أعضاء المجمع وأصدقاؤه من العرب واليهود، ومحبّو اللّغة العربيَّة، ولفيف من الشخصيّات الأكاديميَّة، والأدبيّة، والاجتماعيَّة، وأوساط مختلفة من النَّاشطين في المجالات العلميَّة والتّربويَّة. حضروا للمشاركة في هذا الحدث الثقافيّ الذي عالج الموضوع بشكل لم تتم معالجته في بلادنا من قبل، على مثل هذا المستوى العلميّ والأكاديميّ. افتتح المؤتمر رئيس المجمع، البروفسور محمود غنايم، الذي أعرب عن سروره بانعقاد هذا المؤتمر، ودعا الحضور للوقوف دقيقة صمت ترحّمًا على روح عضوي المجمع، البروفسور ساسون سوميخ، والبروفسور قيس فرو اللذين وافتهما المنيّة مؤخّرًا. ثمَّ تحدَّث عن واقع اللغة العربيَّة، والتَّحديات التي تواجهها، وأكَّد على أنَّ اللغة العربيَّة “تحمل همًّا اجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا وتنطوي على دلالات لا حصر لها في تاريخ الشُّعوب والثَّقافات. إنها تتجاوز مهمتها كوسيلة للاتّصال، كما يتبادر إلى أذهان بعضنا، بل تتخطَّى ذلك دائمًا لتأخذ دورها على المستوى عبر المعرفي وعبر المجالي”، وقال: “نحن كمؤسَّسات وأفراد وأصحاب مواقع إذا أردنا أن نطوُّر لغتنا يجب أن نعمل في منطقة عبر مجالية، وذلك بتنمية النَّظرة الإيجابيَّة نحو الذات أوّلاً لتعزيز الثّقة بالنَّفس على المستوى الجمعي، وخاصَّة لذلك الجُّمهور من الأجيال الصَّاعدة التي هي بأمسّ الحاجة لإعادة الثّقة إليها في لغتها وثقافتها العربيَّة”.
وأشار إلى أنَّ “تعاملنا الواعي مع اللغة يضيء لنا الطَّريق للمستقبل القريب والبعيد، وذلك عبر بلورة رواية لغويَّة ذاتيَّة، تنطلق من السّياق المحليّ أولاً، تأكيدًا على هويَّتنا كعرب في هذه البلاد، وهذا يتضمَّن تأكيد الحقوق الاجتماعيَّة، والوطنيَّة، والثقافيَّة، مع إحساسنا الصَّادق وعملنا الدَّؤوب على الانتماء إلى أمَّتنا العربيَّة وحضارتنا الإسلاميَّة”. وأضاف: “إن بلورة رواية تاريخيَّة مدعمة باللغة هي جزء أساسيّ من بلورة الهويَّة الكليَّة والمشتركة لشعبيّ هذه البلاد. والمثقَّفون من الجَّانبين مطالبون بتحمّل مسؤوليَّاتهم”.
بعد ذلك عُقِد المؤتمر الذي توزّعت وقائعه على جلستين، الجلسة الأولى بعنوان: “سياسات لغويَّة في الحيّز العام: اللغة في المشهد العام”. ترأست الجلسة عضوة المجمع، البروفسورة إليانور صايغ – حدَّاد التي تحدَّثت عن أهميَّة دور اللغة العربيَّة في الحيّز العام، وتأثيرها على المجتمع عامَّة، والنَّشء خاصة لما لهذه اللغة من دلالات ومفردات يجب أن تصاغ بشكل سليم لتساهم في أثراء لغة النَّشء وبلورتها.وقدَّم عضو إدارة المجمع، ورئيس لجنة التَّسميات فيه، البروفسور مصطفى كبها محاضرة بعنوان: “بين الأيديولوجيا والمناليَّة: اللغة العربيَّة في لافتات الحيّز العام الإسرائيلي” تطرَّق فيها إلى الخلفيَّات النظريَّة والتاريخيَّة لموضوع تواجد اللافتات باللغة العربيَّة في الحيّز العام، كما قام بعرض صور للافتات في مواقع متنوّعة، بيَّن من خلالها الإساءة إلى اللغة العربية فيها، كما عرض قضية اللافتات في بُعدِها التاريخيّ في البلاد.تلاه الدكتور ميرون بينبينيستي نائب رئيس بلديَّة القدس سابقًا، الذي استعرض قراءة في الخطوط العامَّة لسياسة الدَّولة ومؤسَّساتها تجاه اللغة العربيَّة في الحيّز العام في البلاد.
أما البروفسور راسم خمايسي فقد تناول في محاضرته مسألة “اللغة العربيَّة كمورد للحيّز العام في المدن والبلدات العربيَّة”. متوقفًا عند العديد من الأمور ذات الصّلة، منها: دور اللغة كجزء من الموارد الرمزيَّة، الشكليَّة والوظائفيَّة في تأثيث الحيّز العام. بعد ذلك تحدَّث بإسهاب عن كيفيَّة حضور اللغة في نفس هذا الحيز الذي يبدو وكأنه مرآة تعكس واقعًا مشوَّهًا لمدننا وقرانا، وذلك نتيجة للغة التَّهجين التي استخدمت فيها أسماء العديد من المواقع على اللافتات، ثمًّ عرض على الشاشة صورًا للكثير من لافتات تلك المواقع التي تبيّن ذلك.أمّا الجلسة الثانية فقد دارت حول: “مشروع مجمع اللغة العربيَّة في الناصرة: اللافتات والتَّسميات في الحيّز العام”. تولَّى عرافة الجَّلسة عضو لجنة الأبحاث والنَّشر في المجمع، الدكتور نبيه القاسم، فتحدَّت عن دور المجمع في إعلاء شأن اللغة العربيَّة من جوانبها المختلفة، بما في ذلك اهتمامه بإعداد “مشروع التَّسميات في الحيّز العام”، وهو موضوع هذا المؤتمر. وقد شارك في هذه الجلسة أعضاء طاقم اللافتات والتَّسميات في المجمع، وهم: حسين كنانة، ميسون إرشيد شحادة، وحسين منصور، الذين قدَّموا نماذج تطبيقية، تمحورت حول تسميات في عدد من المدن والقرى العربيَّة كما وردت في اللافتات.تجدر الإشارة إلى أنَّه تمّ توزيع منشورات المجمع الجديدة: العدد العاشر من مجلّة المجمع، المجلَّة، وكتاب معجم المصطلحات والمفاهيم الأساسيَّة في الإعلام، والهويَّة والمواطنة الذي حرّره البروفسور مصطفى كبها، على الجمهور خلال انعقاد المؤتمر.في نهاية اللقاء شارك الحضور بتقديم مداخلات، وطرح أسئلة على المحاضرين المشاركين.
من سيمون عيلوطي: المنسّق الإعلامي في المجمع.