الاستاذ سعيد نفاع (التضحية من اجل الوطن)
تاريخ النشر: 25/11/19 | 10:09بقلم – مالك صلالحه – بيت جن
التضحية لها أنواع وأشكال متعددة لكن التضحية من أجل الوطن هي التضحية التي لا يُتقنها الا الشرفاء ولا تقبل صفحات تاريخهم الا ان تُكتب بحروف من ذهب حتى لا تُمحى أبدا من ذاكرة ألأمة… فالتضحية ليست فقط كلمة تقال بل هي فعل حقيقي يقوم بفعله كل شخص وطني محب لوطنه مهما كانت وظيفتة اومهنتة أو عملة وقد ضحى من قبل آبائنا وأجدادنا من اجل بناء الوطن ومن اجل ان نعيش نحن اليوم .. في امان واستقرار.. ( موقع سرايا الالكتروني)
كما قال مصطفى صادق الرافعي عن الوطن:
بلادي هواها في لساني وفي دمي يُمجّدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ ولا في حليفِ الحبّ إن لم يتيّم
الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلّا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم.
الوطن هُوَ السَنَدُ لِمَن لاَ ظَهرَ لَهُ، وَ هُوَ البَطنُ الثَانِي الذِي يَحمِلُنَا بَعدَ بَطِنِ الأُمِ
.(عبارات جميلة – حامد الصفدي – موقع انترنيت)
جلست ابحث عن كلمات علي بها اوفي اخي وصديقي ورفيق الدراسة وعضو البرلمان السابق ورئيس المجلس سابقا والأديب المحامي ابي العلاء سعيد نفاع حقه .. فوجدت ان ما كتب في البداية هي كلمات تعبر عن شخصية صديقي ابي العلاء الذي ضحى وما زال من اجل بلده ومجتمعه وشعبه ووطنه في كل مجال اتيح له. وها هو يُسطّر بحروف من ذهب معركة الزابود هذه الملحمة التي دارت رحاها على ارض الزابود الخيرة في تاريخ 6 /7/1987 والتي تناقلتها وسائل الاعلام في الداخل والخارج منبهرة من عناد وصلابة اهالي بيت جن وجرأتهم وشجاعتم. في التحدي لكل من يحول التعدي على كرامتهم وارضهم .. ليثبتوا للعالم ان العين تقاوم المخرز.. وان لا حق يضيع ووراءه مطالب .وان مبدأ الثالوث المقدس الذي يجب الحفاظ عليه بكل ثمن الا وهو – الارض والعرض والدين ..هذا المبدأ الذي تربى عليه الموحدون الدروز والذي هم من صلب ايمانهم وعقيدتهم..
فابو العلا ء يؤمن به حت النخاع .اضافة لكونه ناشط اجتماعي وسياسي واديب اضافة لذلك مؤرخ لحقبات من تاريخ طائفته المعروفية خاصة وشعبه العربي عامة في هذه الديار اصر العديد من الكتب في مجال البحث والتوثيق وكذلك القصص الاجتماعية والسياسية التي تلقي الضوء على جوانب من حياتنا في الماضي والحاضر .. وكان في حينه من لجنة الجنود المسرحين واختير مستشارا قانونيا للمجلس المحلي الذي كان يرأسه المغفور له السيد ابو فيصل شفيق اسعد رحمه الله والذي انتخب عضوا للبرلمان لاحقا ضمن قائمة داش التي كان يراسها يغال يدين ..
ها نحن اليوم بصدد كتابه الاخير – بيت جن الزابود ملحمة جماعية – هذا الكتاب القيم الذي سرد فيه الكاتب تسلسل النضال الذي قامت له بيت جن ضد تضييقات منظمة حماية الطبيعة وضد سياسة الدولة وحكوماتها المتعاقبة من يسار ويمين ..تلك السياسة التي استندت ولا زالت على مبدأ فرق تسد ..والاستفراد بالحلقة الضعيفة والاقلية ..فكانت اولها سياسة سلب الاراضي بشتى الطرق والذرائع ..مرة تحت اسباب امن الدولة واخر للتمرينات العسكرية والاخرى محميات طبيعية وقانون اراضي البور وقانون تركيز الاراضي وضريبة الاملاك الخ.. وحدث ولا حرج ..و وتبعته بفرض قانون التجنيد الاجباري ..وختمه بقانون القومية وكيمينتس.!!
حتى بلغ السيل الزبى لدى السكان في بيت جن مما حدا برئيس المجلس ان يعلن الاضراب العام في المجلس وكافة المدارس في القرية واقفال البلدة بوجه ممثلي منظمة حماية الطيبعة كل ذلك بمساندة لجنة من الاهالي ولجنة الجنود المسرحين ولجنة الاباء في المدارس والهيئات التدريسية وتنظيمات شبابية اخرى .. واقيم صندوق للتبرعات للقيام بالحملة الاعلامية وغيرها..واقيم مخيم الزابود للدفاع بمبادرة لجنة الجنود المسرحين ..من اجل الدفاع عن الارض المستهدفة بالمصادرة..والنضال من اجل فك القيود التي فرضتها منظمة حماية الطبعية التي تُمثل ورقة التين لتمرير سياسة المصادرة…فبدأت المفاوضات المراتونية والعهود والوعود العرقوبية .. وقد انظمت الهيئة الروحية وعلى راسها المرحوم الرئيس الروحي للطائفة المعروفية المرحوم الشيخ امين طريف الذي اعطى زخما معنويا للنضال وقد توافدت وفود التضامن من كل قرانا العربية والمعروفية من النقب جنوبا وحتى جبل الشيخ و هضبة الجولان شمالا.. وعلى راسهم رؤساء البلديات والمجالس المحلية من بينها قوى تقدمية يهودية اضف الى اليها كل المنظمات الاجتماعية والسياسية… فاقيمت المهرجانات والمسيرات الاحتجاجية والاعتصامات في مختلف انحاء البلاد وحتى العاصمة وبعض المدن اليهودية اما السلطة فقد استعملت كل الوسائل لدق الاسفين في وحدة الاهالي ( وحرضت وسائل الاعلام وحرفت وزورت حقائق.. وحاولت تشويه صورة النضال الا ان الصحف المحلية التقدمية كالاتحاد والبيادر السياسي والحديث وبانوراما وكل العرب والبيادر السياسي وغيرها ..
والى جانبها المواقع الالكترونية كان لها دور هام في ابراز ماهية ومصداقية النضال ..) الا انها باءت بالفشل وكانت النتيجة الصدام بين الاهالي والشرطة في التاريخ المذكور أعلاه و التي ارسلت بقوات كبيرة فاق عدد افرادها الخمس مائة شرطي باسلحتهم التامة واكثر من عشرين عربة عسكرية وكان من بينهم افراد من بيت جن.. فلما علموا بنية الشرطة رفضوا الاوامر ونزعوا البزات العسكرية وانظموا للنضال و للدفاع عن اهاليهم ..الا ان الشرطة اصرت وتابعت وداهمت المخيم مع طلوع فجر .. وما كادت تصل الى المخيم حتى قامت بمهاجمة القلة المتواجدة من الشباب المناوبين بحراسة المخيم وبادرت بفكه .وسرعان ما وصل الخبر الى اهالي بيت جن بواسطة احد الشباب الذي استطاع الفرار باتجاه القرية طالبا للنجدة ..وخرجت البلدة بشيبها وشبابها من رجال ونسوة وشباب وصبايا وفتية وصغارا ..فوصلت بشتى الطرق بالسيارات والتراكتورات والبهائم وركضا على الاقدام ..حيث ادركت قافلة سيارات الشرطة غربي خربة الجرمق فتم التلاحم بالايدي ولطف الله ان الشرطة لم تستعمل السلاح والا كان وقوع المجزرة أمرا محتما ..فلما رات الشرطة هذا السيل البشري الهائج المستبسل حتى الموت ..القى افرادها الاسلحة وولوا هربا ..
وكان ما كان وتمكن المجلس بفضل صلابة وحنكة رئيس المجلس وطاقم المحامين والهيئات التدريسية وطلاب المدارس والقيادات كافة والسكان كافة ..من فك القيود المفروضة على الارض ..الا ان الاخ المحامي سعيد نفاع حذّر من عدم التزام وزير الزراعة وتنصله من وعوده بتغيير بنود القانون ليحررالارض بشكل تام وانما استكفى بوضع بنود بصيغة تمكنه من الغاء الاتفاق .. مبقيا اهالي بيت جن تحت رحمة سلطة حماية الطبيعة التي تستطيع ان تتنصل من تعهداتها متى رات ذلك مناسبا لها ..مما حدا بالمحامي سعيد نفاع ان يناشد الاهالي ان يبقوا يقظين ومتأهبين لكل خطر مستقبلي يهدد اراضيهم وبالتالي كيانهم ووجودهم .. هذا غيض من فيض فاترك لك عزيزي القارىء الاطلاع بنفسك على مضمون الكتاب الرائع
فبوركت اخي سعيد على عملك الذي لا يُقدّر بثمن وسلمت اناملك عل كل حرف وكلمة من ذهب كتبتها وسطرتها وارّختها ووثّقتها كي تبقى الحقيقة ناصعة لان الشمس لا تُغطى بغربال مهما حاول ويحاول البعض بتغطيتها بمنديل .
والله من وراء القصد.