ويعود الحنين اليك.. يا أمي
تاريخ النشر: 17/04/14 | 12:44بقلم يوسف جمال- عرعره
من خشونة راحتيك تلمست حنيته..
من نبض قلبك غزلت اناشيده..
من ضوء سراج عينيك غزلت حكاياته..
من أجنحة أحلامك طفت جباله وسهوله..
يا امي.. يا امي غالي الوطن..الوطن غالي
وين نمتوا..!؟ أسألك..
فتجيبين واشعاعات من الحنين “تشطف ” عينيك الواسعتين:
على ترابه..على ترابه يا ولدي..نحصد حتى المسا
” ونحط ” روسنا وين ما وصلنا..
الارض صلبة – يا امي – كانت ” تأكل ” جنابكم..
فرددت والغضب الجميل يغزو وديان وجهك:
تراب الوطن- يا ابني – ناعم..ناعم مثل الحرير..
وحدثتني قصة..”عبله النصراوية والقمر..”
عبله المدنية.. كنة دار عمي ، التي ” جاءت ” الى الروحة ، ولم تزرع او تحصد من قبل ، سرق النوم زوجها منها ،وبقيت هي ساهرة تعد النجوم..وعندما طلع القمر بدرا ، يسبح في سمائه الزرقاء.. مدت يدها الى جبين زوجها و ” قرصته “ونادته مستغيثة ، كأن أفعى لسعتها:
– ابن عمي..ابن عمي..!
– مالك..!؟ همس والغيظ يخنقه..بعد ان استطاع ان يخلص نفسه من قبضات تعب حصاد النهار..
– اطلع..اطلع يا صالح..والله قمركم مثل قمرنا النصراوي..!! قالت والدهشة تستولي عليها..
– أكلناها..والله أكلناها.. !!” رموني ” بالهبلة..!! رد عليها زاجرا..وسلم نفسه ثانية الى اعماق غياهب النوم.
يا امي..الوطن خوابي معمرات..خوابي معمرات بالقمح..
يا امي..الوطن دمعات ملمعات..دمعات ملمعات بالفرح..
يا امي الوطن روابي مخضرات.. روابي مخضرات بالزهر..
يا امي الوطن مغمرات مكللات..مكللات بالغمر..
يا امي الوطن كان..كان يا ما كان..يا ما كان..
وحكيتلي – يا امي – حكاية حسين العلي “وبير منيجل والسمكات..”
حسين العلي الذي قرر ان اخذ البريموس معه الى الروحة.. الى ” بير منيجل ” وسط استغراب الحصادين وقالوا: “بريموس في الروحة !!؟ ” وقالت جميلة العزب: يجوز انه اصابته ” جنية خلة هويسه!!”
الجنية التي لم يراها أحد من الأحياء..ونقلت عجائبها عن الاموات..!!
وعندما سئل لأي غرض يريد ان يأخذ البريموس معه الى الروحة اجاب:” بدي أقلي عليه سمك.. الي بدي أصيده من قناة “بير منيجل”..!! ”
ولم يرى الاحياء سمكا في مياته..!! ”
وعندما ترك الفلاحون حقولهم ، وتوجهوا الى حقل
“حسين العلي” ليشاهدوا العجب العجاب– ، سمك بير منيجل” ،على بريموس “حسين العلي “.ولما وصلوا.. رأوا زيت يغلي في القلاية ، ولكن بدون سمك..!!
ولما سألوه تفسيرا قال:” تقلبت السمكات في زيت القلاية قدر ” شرب سيجارة “ولكن لخراب بيتي.. “نطين ” من القلاية الى الواد وسبحن هاربات..!!”
ومن هنا جاء المثل: ” خرفياتك مثل سمكات حسين العلي..!!”.
وقلت يا امي..الوطن:
قطوسة ملانة بحلباته..
جرة ملانه بزيتاته..
جرن ملان بعسلاته..
قلة ملانه بمياته..
اسطورة ملانه بحكياته..
احكيلي يا امي حكاية:” أحمد الفارس وفوزية ”
فتقولين يا ما ابني حكيت لك اياها مرات ومرات..وبعد الحاحي تحكيها للمرة الألف..
وصل احمد ، وربط فرسه بالمحراث ،وبدأ بشق الارض أتلاما..نظر حوله ، وتفقد بما يسمح به الافق ان يرى ،فلم يجد حوله في الحقول التي تحيط به ،فانطلق صوته في الآفاق يغني لفوزية ابنة عمه ،التي رفض ابوها ان يزوجها له لخلاف له مع عمه.
غنى..فرددت معه الغناء العبهرية والخطامي والبياضة والبيار وخلة معاوي والمصطبة..وشدت معه طيور الشنار والزرعي والحسون..ورقصت على انغام غنائه طيور الكركس وديوك السمن والرقطي..غنى لعينيها اللوزيتين وشعرها الليلي
ووجهها البدري..غنى وغنى ساكبا كل أحاسيس الحب المحبوس في خلجان قلبه المتيم بحب فوزية..
– السلام عليكم قطعت حسن المسعود قول غنائه..
– عليك السلام..قال بعد ان خلص نفسه من هول المفاجئة من بين احاسيسها لمتناثرة بين كتل الخوف والخجل التي اجتاحت كيانه..
– من أول ربطة يا خالتي.. قالت ورنات ضحكة تزغرد من فمها..
– ولك انت لهذه الدرجة بتحب فوزية !!؟..سألته بحنان جميل..
– دخلك استري يا خالتي على ما سمعتيه..بذبحوني..!!
– لا.. لاتخاف يا أحمد..ان الي بدي أجوزك فوزية..
وتزوج احمد من فوزية..
يا امي الوطن:
تراب بنعزف على تلامه..
موال بنطرب على آهاته..
حب بنشرب من لوعاته..
حنين بنحلم بطلت رجعاته..
يا امي.. كان وكان….وكان وكان…..
امي… كانت حياتنا تسير على ثلاث:
انا وانت والوطن….. تركتنا مشوهين نتوه في غياهب اليتم ورحلت وتركتني “اتقلى” مع الوطن..!!
كل الحترام للاستاز يوسف جمال واللة برافوا عليك