لأننا أبناء الجزائر: مصممون على الانتصار ..!!
تاريخ النشر: 12/12/19 | 10:54بقلم :عماره بن عبد الله – كاتب جزائري
إن التاريخ هو سجل يحمل في طياته كل تطور حاصل في الإنسانية جمعاء دون أن يغفل صغيرة أو كبيرة، واضعا كل الأحداث ضمن إطاره العام، في تطور منسجم مع تدرج الأجيال في حياتهم ومعاناتهم وآمالهم وآلامهم غير مقتصر على المآثر أو المآسي وحدها ومن هذا التاريخ، تاريخ ثورة التحرير المظفرة التي انطلقت في نوفمبر رافضة استعمارا غاشما قيد شعبا بأكمله في حريته وكرامته، بعد أن عمل على طمس ثقافته وتقاليده وأعرافه الأصيلة مستغلا ثرواته وخيراته، موجها أسلوبه الاستعماري كل مقدرات الأمة تلبية لحاجته المتنامية.
لقد دونت ثورة التحرير طيلة أعوامها القاسية في سجل ذاكرة الأمة ومحطات كبرى وسلسلة من المعارك المشهودة ومآثر خالدة وأعمالا جساما لم يسجلها فرد بعينه، بل كانت من زخم الشعب والتي تستحق كل التقدير والاهتمام ومن بين المحطات البارزة مظاهرات 11 ديسمبر 1960، هذه الذكرى الخالدة في نفوس أبناء وطننا المفدى كانت من بين الحلقات الأخيرة لملحمة نوفمبر الخالدة أين ذابت فكرة الاستقرار الاستعماري الحاقد، ولقد عبرت تلك المظاهرات الجماهيرية عن أهمية الكفاح المسلح وتظافر جهود الشعب، فانكشف وجه الاستعمار الكالح في أوساط المجتمع الدولي ليعلو صوت الجزائر في المنابر والحافل الدولية ،مؤكدا للجميع صدق الرسالة وأحقية المطلب الشعبي في افتكاك حريته وتجسيد سيادته , فجاءت هذه الأحداث في خضم تصاعد سطوة المحتل الذي أوغل في استعمال القوة الغاشمة في جل العمليات العسكرية الكبرى التي شنها ضد المجاهدين كعملية الأحجار الكريمة وعملية المجهر وعملية الشرارة فضلا عن محاولة خنق الثورة وفصلها عن محيطها في الداخل بفرض المناطق المحرمة والمعتقلات الجماعية والسجون ومحاولة فصلها في الخارج والهادف من هذا عزل الوطن عن محيطه ، ومن ثم يسهل عليه خنق الثورة ووأدها في عز أيام شتاء ممطر ، قبل ستة وخمسون عاما خلت تشكلت تلك المظاهرات في ربوع الجزائر كلها لاسيما في العاصمة المحروسة , وقابلت القوات الاستعمارية الشعب بالقمع ، فشهد العالم أجمع صور التحدي ومظاهر القمع فازداد يقينا بعدالة القضية ، وبضرورة إنهاء الاستعمار , فبفضل أبناء الجزائر أدركت فرنسا الاستعمارية عمق القطيعة معها وتعزز موقف الشعب في المحافل الدولية وازداد مناصروها في العالم. حينها وفي نفس العام قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر، بإصدار لائحة اعترفت فيها بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير كما اعتبرت نفسها مكلفة بتطبيق هذا الإجراء.
وعلينا اليوم ونحن في الذكرى التاسعة والخمسون، يتطلب منا أن نغذي ضمائر أجيالنا الصاعدة بمآثر وتضحيات آبائهم فينشئون مشبعين بقيم حب الوطن والدفاع عن وحدته الترابية، وسلامة نهجه والمحافظة على هويته ومرجعيته الدينية من خلال المساهمة في بنائه وتشييده وتشريفه، ورفع رايته في محافل العالم المختلفة، لاسيما والجزائر في هاته الذكرى بالذات تتهيأ لعبور محطة بالغة الأهمية في مسار بناء دولة الحق والقانون، و المرور إلى مرحلة جديدة مشرقة ، يصنع مجدها أبناء الوطن المخلصون الأوفياء لرسالة أسلافهم الميامين، بعيدا عن كل أشكال المغالطات والتضليل والأكاذيب التي تسوق لها بعض الأطراف المتربصة بأمن الجزائر وسكينة شعبها، والذين لا تهمهم سوى مصالحهم الضيقة.
ومما سبق فنحن نعيش اليوم استحقاق رئاسي مفصلي وحاسم في تاريخ الجزائر، مما لا شك فيه سيرسم معالم الدولة الجزائرية الجديدة، التي طالما تطلعت إليها أجيال الاستقلال، جزائر بقيم نوفمبرية راسخة تجعل من مصلحة الوطن أسمى الغايات ولأمنه واستقراره أنبل الأهداف، ولأننا أبناء الجزائر فنحن صامدون مصممون، والى النصر ذاهبون. !!