من أعلام فلسطين : المفكر والمؤرخ والمناضل محمد عزة دروزة
تاريخ النشر: 21/12/19 | 11:05بقلم : شاكر فريد حسن
المؤرخ والباحث والمؤرخ والمناضل الفلسطيني الكبير محمد عزة دروزة لا يحتاج إلى تعريف، فهو أحد مؤسسي الفكر القومي إلى جانب ساطع الحصري وزكي الارسوزي، وكتبه ومؤلفاته وتراثه الغني أضاء عشرات القضايا، وما زال بين أيدينا في المكتبة الفلسطينية، ولكن نجد من الضروري التذكير بهذا العملاق الذي عاش متأملًا وعلى وجهه ابتسامة الثقة بأن شعبه يؤرخ لفلسطين بحبر الدم وبحبر الوفاء.
ولد دروزة عام 1922 في نابلس، عمل في مطلع شبابه في عدة وظائف ومجالات إبان العهد العثماني ثم انتقل إلى سلك التدريس حيث عمل مديرًا لمدرسة النجاح الوطنية في نابلس سنة 1922.
انتسب إلى جمعية الاتحاد والترقي ثم تركها بعد ظهور نزعة الاستعلاء القومي عند الاتراك، وأسس مع بعض الشخصيات النابلسية فرعًا لحزب الحرية معلنًا معارضته لحزب الاتحاد والترقي. وفي سنة 1911 انشأ الجمعية العلمية العربية التي كان نشاطها ينصب على نشر العلم والمعرفة.
شارك في نشاطات المؤتمر العربي الذي عقد في باريس العام 1913، وانضم إلى جمعية العربية الفتاة عام 1916. ثم عمل مع شخصيات أخرى على تأسيس الجمعية المسيحية الاسلامية، وانتخب سكرتيرًا لها، وبالنظر إلى قوة شخصيته وفاعليته ودوره المؤثر، انتخب رئيسًا لأول مؤتمر فلسطيني عقدته الجمعية، وقام بصياغة ميثاقه الوطني فضلًا عن كونه عضوًا في الهيئة المركزية للعربية الفتاة وسكرتيرًا لها.
بعد ذلك كان دروزة عضوًا مؤسسًا في حزب الاستقلال الذي كان له دوره في النضال التحرري الفلسطيني. ولم ينقطع دروزة عن حلبة النضال بل شارك في العديد من النشاطات القومية، وأبرزها مشاركته الفعلية في ترتيب الوحدة السورية المصرية العام 1958، من خلال اتصالاته بالقوتلي صديقه ورفيقه في العربية الفتاة، ولإيمانه بأهمية وضرورة الوحدة بالنسبة للقضية الفلسطينية.
ساهم دروزة بكتاباته المختلفة والمتنوعة بما يؤرخ ويخدم القضية الفلسطينية، وكان قادة الثورة الفلسطينية يستشيرونه ويعودون إليه بخصوص مسائل عديدة. ومن السطور المعروفة في حياته اعتقاله إبان الانتداب الفرنسي على سورية لمساعدته في تأمين السلاح للثورة الفلسطينية الأولى ولمجموعات القسام. واعتقل في تركيا العام 1939، ونفي في مراحل حياته إلى ايران، كما كان عضوًا بارزًا في اللجنة المشرفة على إضراب عام 1936( إضراب الستة شهور)، الذي هز العالم في ذلك الحين.
عمل دروزة صحفيًا في جريدة ” العرب ” في مطلع الثلاثينات، وفي ” مرآة الشرق “، والجامعة العربية “، وساهم في الكتابة في صحيفة ” الرأي ” بدمشق التي كان يشرف عليها الكاتب الشهيد غسان كنفاني. وكان عضوًا بارزًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
وفي العام 1984 وافته المنية تاركًا مسيرة وتاريخ حافل بالعطاء وارثًا تاريخيًا وثقافيًا ومعرفيًا عظيمًا.
ولمحمد دروزة انتاج غزير، وترك وراءه أكثر من خمسين كتابًا في علوم شتى ترتبط بالعروبة والاسلام والتاريخ العام. ويعد مؤلفه ” الوحدة العربية ” من أهم ما كتب عن القومية العربية وعن سبل تحقيق الوحدة العربية.
ومن ابرز كتبه : مختصر تاريخ العرب والاسلام، حول الحركة العربية الحديثة 6 أجزاء، تاريخ الجنس العربي، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها، التفسير الحديث للقرآن، عروبة مصر قبل الاسلام وبعده، الدستور في القرآن والسنة النبوية، المرأة في القرآن والسنة، الاسلام والاشتراكية، الجذور القديمة لسلوك وأخلاق بني اسرائيل، مشاكل العالم العربي، في سبيل فلسطين والوحدة العربية العصرية، وغيرها.
وتشكل مذكراته الضخمة التي توثق ما حدث في فلسطين خلال فترة الانتداب من أهم المذكرات الى جانب مذكرات أكرم زعيتر وعجاج نويهض.
وتقديرًا لنشاطه وعطائه وكفاحه منح ” درع الثورة ” كعربون وفاء له.
يبقى القول، محمد عزة دروزة نموذج للمثقف الباحث المعرفي والمفكر القومي، المقاتل، المحارب، الثائر، الحالم، مات قبل أن يتحقق حلمه بالتحرير والاستقلال، فطاب ثراه، وعاشت ذكراه.