حينما تأتي من العدم لتسرّني بصمتِ شفتيها..
تاريخ النشر: 13/01/20 | 18:30لا أدري من أين تأتي تلك المرأة الشبح، التي اتذكر مشاغباتها في الحُبِّ، عندما كنتُ طالبا مراهقا ذات زمن ولى، أتذكر صمتها، الذي كانت تسرّني به في كل لقاء.. أراها الآن شبحا تقتحم بيتي دون استئذان، وتعاتبني وتصرخ بصمت أنسيتني؟ انظر إلى العدم وأراها هناك مشاغبة في وقفتها.. أحاول الوصول إليها، لكنني أضيع في فراغ المكان.. هناك عتمة مخيفة مضاءة بضوء بنفسجي تعاتبني من بعيد بصمتها، لكن صمت شفتيها يسرني.. تهرب في مسرب حلزوني، وكأنها تدخل في ثقب أسود وإلى كون آخر.. تراني هناك في زمن آخر لا أشبهني بشعري الأبيض.. تراني كما أنا شابّا.. أمام المرآة أراني رجلا هرما، أقول: أهي تهيؤات تأتي إلي كلما اقترب من الموت.. أكذّب عقلي المشوّش وأنظر إلى العدم، أراها هناك ذات المرأة، التي أحببتها، حينما علمتُ بأن الحب شيء لا يضاهيه من قيم الإنسانية أية قيم، هناك علمت بأن الحب شيء لا يشبه أية علاقة بلا أحاسيس.. الأحاسيس هناك تطير من الفرحة عند التحام الشفاه المحرومة منذ دهرٍ للحُبِّ..
إنها ذاتها المرأة تلك، التي كانت تسرني بصمت شفتها.. ها هي تأتي من فراغ معتم يشبه العدم، ولكنها تفرّ بسرعة لتدخل في مسرب حلزوني وكأنها تعود إلى كونها، الذي لا يشبه كوننا بصمته.. إنها هي ذاتها المرأة المشاغبة، التي ظلت تسرّني بصمت شفتيها حتى روتني إكسير الحب، لكنّ الحُبَّ محته امرأة أخرى، رغم أنني أظل أراها تمرّ بسلاسة من العدم لتأتي إليّ لهدف مجنون، ألا وهو حبوري من صمت شفتيها، اللتين تصخبان بلا أيّ خجل دون اكتراثٍ للأشباح الأخرى..
عطا الله شاهين