في ذكرى قطب اليسار الدكتور محمود أمين العالم
تاريخ النشر: 18/01/20 | 15:24بقلم : شاكر فريد حسن
تصادف هذه الأيام ذكرى رحيل المفكر والناقد اليساري المصري محمود العالم، الذي كان قد فارق الحياة في العاشر من كانون ثاني العام 2009، إثر ازمة قلبية داهمته على حين غرة.
والعالم هو أحد رواد واقطاب حركة اليسار وأعلام النقد الجمالي الماركسي في مصر والوطن العربي. ولد في القاهرة عام 1922 ودرس الفلسفة في جامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة اليوم )، عمل في مجالات مختلفة بينها أمينًا لمكتبة إحدى الكليات في الجامعة وبعد حصوله على الماجستير والدكتوراه أصبح من طاقم التدريس فيها.
وطوال هذه الفترة كان من قيادات الحركة الشيوعية والطلابية في مصر، التي كانت تعيش يومئذ مرحلة ازدهار وصراع مع الواقع القائم بين فصائل الحركة الشيوعية نفسها.
وخلال عمله مدرسًا في جامعة القاهرة ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية مع تولي الضباط الاحرار السلطة في مصر، وقامت السلطات الجديدة بفصله من عمله في العام 1954، مع مجموعة من الأساتذة اليساريين بينهم رفيق عمره رحلته الدكتور عبد العظيم أنيس.
وفي العام نفسه خاض هو وعبد العظيم انيس حين أصدرا كتاب ” في الثقافة المصرية “، معركة فكرية ونقدية مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حول النقد الأدبي وكانت نتيجتها ترسيخ مفاهيم جديدة في النقد أتاحت للواقعية الاشتراكية مكانًا في الحركة الثقافية والنقدية العربية.
واعتقل العالم أكثر من مرة وكانت اطول فترة اعتقال امتدت من العام 1959 إلى عام 1964 تنقل فيها بين عدة معتقلات، وانتهت اقامته في معتقل الواحات مع عدد كبير من قيادات واوساط اليسار المصري في تلك الفترة.
وبعد الافراج عنه تولى عدة مناصب بينها الادارة العامة للمسرح، وشهدت فترة توليه هذا المنصب تقدما كبيرا في الحركة المسرحية ثم تولى مجلس ادارة مؤسسة ” الأخبار” الصحفية.
هاجر العالم بعد اعتقاله ابان حكم السادات إلى بريطانيا ثم إلى باريس، حيث عمل في تدريس الفكر العربي المعاصر في جامعة باريس لمدة عشر سنوات، وفي الثمانينات ساهم في اطلاق مجلة ” اليسار العربي “، ثم عاد لمصر واصدر مجلة ” قضايا معاصرة “.
وشارك العالم في لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة إلى جانب عضويته الفاعلة في عدد من الجمعيات من بينها الجمعية الفلسفية والجمعية التاريخية وسواها.
وأثرت كتابات محمود العالم في الحركة اليسارية المصرية والعربية من خلال نشاطاته وكتاباته الفكرية والنقدية، ومن ابرز اصداراته ومنجزاته : ” الانسان موقف، معارك فكرية، تأملات في عالم نجيب محفوظ، الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي، الابداع والدلالة، ثلاثية الرفض والهزيمة في أدب صنع الله ابراهيم، وهربرت ماكوزي وفلسفة الطريق المسدود “.
محمود أمين العالم وجه بارز من وجوه الثقافة العربية والنضال السياسي ومساره في الفكر طويل وخصيب، أعطى للفكر التقدمي اليساري الكثير، وينتمي لجيل حمل على عاتقه هموم السياسة والوطن والشعب والكادحين، وكافح من أجل الحرية والعدالة الاجتماعي، وظل قابضًا على المبادئ كالقابض على الجمر. فطاب ثراه وعاشت ذكراه خالدة في قلوب كل المثقفين التقدميين والتاريخ الثقافي الفكري الدكتور محمود أمين العالم
بقلم : شاكر فريد حسن
تصادف هذه الأيام ذكرى رحيل المفكر والناقد اليساري المصري محمود العالم، الذي كان قد فارق الحياة في العاشر من كانون ثاني العام 2009، إثر ازمة قلبية داهمته على حين غرة.
والعالم هو أحد رواد واقطاب حركة اليسار وأعلام النقد الجمالي الماركسي في مصر والوطن العربي. ولد في القاهرة عام 1922 ودرس الفلسفة في جامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة اليوم )، عمل في مجالات مختلفة بينها أمينًا لمكتبة إحدى الكليات في الجامعة وبعد حصوله على الماجستير والدكتوراه أصبح من طاقم التدريس فيها.
وطوال هذه الفترة كان من قيادات الحركة الشيوعية والطلابية في مصر، التي كانت تعيش يومئذ مرحلة ازدهار وصراع مع الواقع القائم بين فصائل الحركة الشيوعية نفسها.
وخلال عمله مدرسًا في جامعة القاهرة ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية مع تولي الضباط الاحرار السلطة في مصر، وقامت السلطات الجديدة بفصله من عمله في العام 1954، مع مجموعة من الأساتذة اليساريين بينهم رفيق عمره رحلته الدكتور عبد العظيم أنيس.
وفي العام نفسه خاض هو وعبد العظيم انيس حين أصدرا كتاب ” في الثقافة المصرية “، معركة فكرية ونقدية مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حول النقد الأدبي وكانت نتيجتها ترسيخ مفاهيم جديدة في النقد أتاحت للواقعية الاشتراكية مكانًا في الحركة الثقافية والنقدية العربية.
واعتقل العالم أكثر من مرة وكانت اطول فترة اعتقال امتدت من العام 1959 إلى عام 1964 تنقل فيها بين عدة معتقلات، وانتهت اقامته في معتقل الواحات مع عدد كبير من قيادات واوساط اليسار المصري في تلك الفترة.
وبعد الافراج عنه تولى عدة مناصب بينها الادارة العامة للمسرح، وشهدت فترة توليه هذا المنصب تقدما كبيرا في الحركة المسرحية ثم تولى مجلس ادارة مؤسسة ” الأخبار” الصحفية.
هاجر العالم بعد اعتقاله ابان حكم السادات إلى بريطانيا ثم إلى باريس، حيث عمل في تدريس الفكر العربي المعاصر في جامعة باريس لمدة عشر سنوات، وفي الثمانينات ساهم في اطلاق مجلة ” اليسار العربي “، ثم عاد لمصر واصدر مجلة ” قضايا معاصرة “.
وشارك العالم في لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة إلى جانب عضويته الفاعلة في عدد من الجمعيات من بينها الجمعية الفلسفية والجمعية التاريخية وسواها.
وأثرت كتابات محمود العالم في الحركة اليسارية المصرية والعربية من خلال نشاطاته وكتاباته الفكرية والنقدية، ومن ابرز اصداراته ومنجزاته : ” الانسان موقف، معارك فكرية، تأملات في عالم نجيب محفوظ، الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي، الابداع والدلالة، ثلاثية الرفض والهزيمة في أدب صنع الله ابراهيم، وهربرت ماكوزي وفلسفة الطريق المسدود “.
محمود أمين العالم وجه بارز من وجوه الثقافة العربية والنضال السياسي ومساره في الفكر طويل وخصيب، أعطى للفكر التقدمي اليساري الكثير، وينتمي لجيل حمل على عاتقه هموم السياسة والوطن والشعب والكادحين، وكافح من أجل الحرية والعدالة الاجتماعي، وظل قابضًا على المبادئ كالقابض على الجمر. فطاب ثراه وعاشت ذكراه خالدة في قلوب كل المثقفين التقدميين والتاريخ الثقافي الفكري