من نسي ماضيه تاه
تاريخ النشر: 29/01/20 | 16:26شاركت يوم الجمعة 24.01.2020 ضمن نشاطات منتدى الكلمة (هو منتدى أدبيّ ثقافيّ شامل يهدف إلى خلق حراك ثقافيّ أدبيّ في مجتمعنا، من خلال نشر إنتاج الأدباء والشعراء في وسائل التواصل الاجتماعي، عقد الصالون الأدبيّ شهريًا، إقامة أمسيات ثقافيّة، أدبيّة، وشعريّة في مجتمعنا العربي وإصدار كتب تحتوي على إنتاج الأُدباء أعضاء المنتدى. يلتزم المنتدى بقضايا شعبنا الوطنيّة، دون الانحياز لأيّ تيّار سياسيّ، اجتماعيّ أو دينيّ، يحترم التعدّديّة ويتيح التعبير الحُرّ بأسلوب حضاريّ معتمدًا الحوار، يمنع النقاش الشخصيّ وما يرافقه من تجريح أو تكفير أو تخوين) في الصالون الأدبي الشهري الذي تضمّن محاضرة قيّمة للدكتور السخنينيّ جبير طربيه تحت عنوان: “لغتنا العربيّة، صعبة أم مثيرة للتحدّي؟ بحث حول العربيّة الفصحى والعاميّة والذّاكرة”، وذلك في متحف التراث الشعبي “من زمان كان” .
تأسس متحف التراث الشعبي “من زمان كان” في العام 2013، في قرية شعب الجليليّة بمبادرة وإدارة الدكتور عيسى أحمد حجاج، الذي اهتم باقتناء وجمع لوحات تراثيّة أثريّة، يقدِّم المتحف صور مختلفة عن الحياة في المجتمع الفلسطيني القديم؛ ملابس وثياب شعبيّة، الديوان العربي بأثاثه وقهوته الشعبيّة، الزراعة وآلاتها، أدوات التزيين والمجوهرات، آلات موسيقيّة متنوّعة، المطبخ وأدواته وأعشابه وبهاراته، الأسلحة البدائيّة المتنوّعة وغيرها، منها ما يزيد عمره على عشرات السنوات.
تزيّن جدرانه الملبوسات الفلسطينيّة، أثواب كانت تُلبس بالمناسبات، وأخرى لأثواب الحياة اليوميّة، الحلي الفلسطينية القديمة والمجوهرات التي يتجلّى فيها جمال الذوق الفلسطيني العتيق، طقوس القهوة العربيّة الأصيلة، حِرفيّة الفلّاح والأدوات الزراعيّة اليوميّة وغيرها.
قال د. حجاج في شرحه عن المتحف أنّ الهدف من وراء إقامة المتحف بجهوده الشخصيّة هو محاولة الحفاظ على تراثنا خوفًا عليه من الضياع، هناك “أشياء” تركها الأجداد خلفهم ورحلوا، تراثنا هو حياتنا، وقصصنا وطرائفنا ومعيشتنا، راقت لي رؤيته “مَن ليس له ماضٍ ليس له حاضر أيضًا ولا مستقبل ومَن نسِي ماضيه تاه”.
يشكّل المتحف المتواضع مدماكًا للحفاظ على الذاكرة الجمعيّة، له عبق الماضي والتاريخ من أجل مستقبل أفضل، محاولة لتعزيز الذاكرة ونقل الحكاية لدحض الرواية الصهيونيّة التي تحاول جاهدة محوها، والحفاظ على هوية الفلسطيني الذي حافظ على أرضه وصان إرث أجداده وعاداته وتقاليده منعًا للنهب والتشويه، ويشكّل لبنة لتعزيز تمسّكنا بعروبتنا والحفاظ عليها.
يكتسب المتحف قيمته ممّا يعرضه من مقتنيات وأدوات، محاولة ربط شعبنا بتاريخه وتراثه، عمله على تعزيز الانتماء القومي والوطني من خلال تفعيل التراث الفلسطيني، يشكّل نوع من التحدّي والصمود لمنع التهويد كمساهمة متواضعة وهامّة للحفاظ على التراث إثر نكبتنا المستمرّة.
يعدّ المتحف سلاحًا للحفاظ على الهويّة الثقافيّة العربيّة الفلسطينيّة، وزيادة الوعي والعمل على تعميق المعرفة بتراث القرية وحضارتها وأهمية تنمية الحسّ الوطني لدى طلّاب المدارس، جيل الشباب والزائرين الكبار.
ملاحظة لا بدّ منها؛ يتميّز المتحف بالعفويّة والعشوائيّة التلقائيّة، يبدو للوهلة الأولى كبازار في إحدى الأسواق، تنقصه المهنيّة وبحاجة ماسّة لكانز يرتّب الأوراق من جديد، ويؤرشف المقتنيات والمعروضات مع البعد التاريخي والجغرافي لكلّ منها.
المتحف مبادرة شخصيّة مباركة وحبّذا لو تحذو مؤسّساتنا حذوه وتقيم متاحف للتراث في كلّ بلدة من بلداتنا للحفاظ على ذاكرتنا الجمعيّة من الضياع والنسيان.
حسن عبادي
كل الاحترام