أمسية تضامن مع الفنّان محمّد بكري بالبعنة
تاريخ النشر: 30/01/20 | 15:00في أمسية شتائيّة غمرها دفْ اللقاء وعذوبة الفنّ المناضل والأصيل وجمهور غفير ونوعيّ ولافت، من كلّ قرانا ومدننا في الجليل والمثلّث، مساء الأربعاء الموافق لِ 22/1/2020، غصّت به قاعة المركز الجماهيريّ في قرية البعنة، بهدف وطنيّ فلسطينيّ وإنساني حضاريّ، هو التضامن مع الفنّان الوطنيّ المناضل وابن البعنة محمّد بكري، وكذلك لإدانة الجريمة التي ارتكبها الجيش الإسرائيليّ في مخيّم “جنين”، سنة 2002، أي قبل 18 عامًا، حيث هدمت قوّات الجيش الإسرائيليّ البيوت على رؤوس أصحابها العزّل وعلى رؤوس المقاومين الأبطال الذين دافعوا عن المخيّم، وكانت الأمسية تقديرًا للفنّ الوطنيّ الملتزم وإعلاء لحقّ الفنّان بكري بقول كلمته ونشر صورته من خلال فيلمه “جنين جنين” الذي يوثّق تلك الجريمة النكراء، وكذلك كانت الأمسية وهي واحدة وأولى من سلسلة أمسيات تضامنيّة قادمة: في رام الله وعمّان والقاهرة، سيعلن عنها فيما بعد، كانت أولى الأمسيات في البعنة استنكارًا للملاحقة القضائيّة السياسيّة للفنّان الفلسطينيّ وللفنّ الحضاريّ، وذلك بالتعاون مع المركز الجماهيريّ والمجلس المحلّيّ في قرية “البعنة” الجليليّة، حيث تنطلق هذه الفعاليّات بمبادرة وتنظيم مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” في الجليل.وقد افتتح الأمسية وتولّى عرافتها مدير مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” في كفر ياسيف، الكاتب عصام خوري، حيث رحّب بحضور الجمهور الغفير من كلّ القرى والمدن في المثلّث والجليل والضفّة الغربيّة، وتقدّم بالتنويه والإشادة بالفنّان القدير محمّد بكري صاحب الفيلم/الوثيقة، وحيّا الالتفاف الجماهيريّ الواسع حوله وحول فنّه الوطنيّ الأصيل، والذي جاء ليعلن تضامنه للفنّ والفنّان الملتزم ويدين الجريمة البشعة والملاحقة السياسيّة والقضائيّة المستنكرة، ومن ثمّ تطرّق بكلمته بالشكر لمجلس البعنة المحلّيّ ورئيسه وللمركز الجماهيريّ في القرية على التعاون وحسن التنظيم والضيافة، وكذلك حيّا الاتّحاد العامّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48 على التعاون والحضور والدعم.السيّد علي خليل رئيس مجلس البعنة المحلّيّ كرئيس للبلد المضيف حيّا الحضور ورحّب بهم وبخاصّة بالكاتب محمّد علي سعيد، صديق محمّد بكري والمولود في البعنة، وفي معرض كلمته قال: “إنّنا نقف الآن وقفة إجلال وإكبار لابْن البعنة المميّز بشخصيّته وفنّه، وإذ نفتخر بك نعلن عن تضامننا اللامحدود لك ولفيلمك وفنّك عامّة ضدّ كلّ ما تتعرّض له من ملاحقة قضائيّة وسياسيّة.
كلمة الاتّحاد العامّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48 جاءت على لسان الأمين العامّ للاتّحاد، الكاتب سعيد نفّاع والتي جاءت داعمة للأمسية ومضمونها وللفنّ الوطنيّ الملتزم وللفنّان محمّد بكري، وهو زميل سعيد نفّاع في المدرسة، وقد أهداه صورة تذكاريّة قديمة، تجمعهما وهما في الصفّ التاسع، وكانت لحظة مؤثّرة، وقد جاء في كلمة نفّاع: “تشكّل الملاحقة القضائيّة السياسيّة ضدّ محمّد بكري وفيلمه انتهاء مفضوحًا لاستقلاليّة القضاء الإسرائيليّ، لأنّ الفيلم وثيقة تدين الموقف الصهيونيّ المعادي لنا كعرب وفلسطينيّين في بلادنا، والاتّحاد العامّ للأدباء يعلن عن دعمه الكامل لك ولفنّك ودورك في فضح ممارسات الجيش الإسرائيليّ والاحتلال وكشف جرائمهما”.وقد حضر الأمسية الروائيّ الكبير يحيى يخلف وزير الثقافة الفلسطينية السابق، وقد أشاد في مداخلته بدور الفنّان بكري ووثيقته وبالتضامن الشعبيّ معه، والتي تعبّر عن صمود أهلنا في الداخل، لأنّه كما قال يخلف: “محمّد نجم ساطع ورمز بارز في سماء ثقافتنا الوطنيّة، وهو يكتب صورة مشرقة ومشرّفة في سجلّنا الوطنيّ، صورة داعمة لهويّتنا الفلسطينيّة وانتمائنا العربيّ وثقافتنا الحضاريّة والإنسانيّة التي حافظنا عليها منذ النكبة وقبلها”.السيّد أسعد عبد الرحمن عضو اللجنة التنفيذيّة السابق لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة ورئيس مؤسّسة “فلسطين الدوليّة” شارك بالأمسية الوطنيّة وكان له كلمة فكريّة ذات مضمون واسع وعميق، عن المثقّف العميل والمثقّف الوطنيّ، وتطرّق إلى مفهوم المقاومة بالقلم والكاميرا وغيرها من الوسائل الفنيّة التي يمتشقها الفنّان كسلاح يكشف الحقيقة، ومن هذا الباب يعتبر فيلم “جنين جنين” كما قال: “شهادات عينيّة تدين المحتلّ الإسرائيليّ والفنّان بكري هو الفدائيّ الثقافيّ الملتزم وطنيًّا وأمّميًّا، خاصّة عندما قال بكري “أنا مواطن هذا العالم”.
السيّد محمّد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة عبّر بكلمته عن التصميم الفلسطينيّ في الداخل والخارج بالفنّ وبكلّ أنشطة الحياة الأخرى بعدم القبول للرواية الإسرائيليّة المزوّرة التي تريد كيّ وعي شعبنا وتحاول تدجينه بأرذل الوسائل، ولذلك يأتي فيلم “جنين جنين” على حدّ قول بركة: “إدانة للجريمة، محمّد بكري الفنّان الأصيل بطل هذه الإدانة، لأنّه صوّر حكاية المخيّم وهدمه بالجرّافات على رؤوس المقاومين الفلسطينيّين، يلاحق بكري لأنّه حمل معاناة شعبه وعذاباته، ولأنّه كشف العورات والجريمة النكراء عند المؤسّسة الصهيونيّة الاحتلاليّة، وليس ضدّ ضابط أو جنديّ بعينه، ولذلك يستحقّ مخيّم “جنين” أن يسمّى تشبيهًا كما سمّاه الزعيم الفلسطينيّ ياسر عرفات “جنينغراد” لظهور صور البسالة والصمود والمقاومة الفلسطينيّة وإلى جانبها صور القتل والدمار والجرائم الإسرائيليّة، منذ ذلك والسلطة تحرّض وتتّهم وتلاحق الفنّان بكري وتحاول تشويه سمعته ومكانته الفنيّة والإنسانيّة، ولكنّه صامد وسيبقى ما دام ينتمي إلى هذا الشعب الفلسطينيّ العظيم وما دام الظلم والغطرسة والاحتلال والسيطرة على مقدّرات شعبنا وحرمانه من حقوقه القوميّة في كنس الاحتلال وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس”.ولقد كان من المفروض أن يحضر ويشارك في الأمسية كمتكلّمين السيّد نبيل عمرو الوزير الفلسطينيّ السابق ومستشار الرئيس عرفات من رام الله، والسيّد أيمن عودة عضو الكنيست عن الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساوة ورئيس القائمة المشتركة. لكنّهما اعتذرا بسبب وعكة صحيّة طارئة.وكانت كلمة المحتفى به وبفنّه الفنّان القدير والوطنيّ محمّد بكري مسك ختام الأمسية الوطنيّة الرائعة، فقد حيّا كلّ من حضر هذه الأمسية وشارك بأيّة فعاليّة تضامنيّة معه ومع فيلمه ووقف مُدينًا للجريمة والملاحقة، وقد شكر بالذات مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” ومديرها السيّد عصام خوري على هذه المبادرة الكبيرة، وكذلك شكر مجلس البعنة ورئيسه السيّد علي خليل والمسؤولين في المركز الجماهيريّ في القرية على استضافة هذا النشاط الوطنيّ النبيل، وشكر كافّة المتكلّمين والحضور الغفير من كلّ قرانا ومدننا، وقد قال في معرض كلمته الختاميّة: “لقد أدفأت كلماتكم وحضوركم قلبي، منكم ومن شعبي كلّه استمدّ قوّتي، وكلّ ما اوتيت من فنّ وحبّ للوطن والحريّة وقوّة لمقاومة أعدائه المجرمين، جريمتي فنّي وفيلمي، لأنّه منصّة الناس الذين لا منصّة لهم، إنّه صوت المغلوبين الذين عبّروا عمّا مرّوا به من معاناة، وقد كنت آمل أن يُحدث الفيلم تغييرًا في الرأي العامّ الإسرائيليّ، أنا لا أكره الظالم ولكنّني أشفق عليه، فالكره ممنوع والغضب مشروع”. ومن بعد أنهى كلمته المعبّرة بنصّ الدفاع الذي سيلقيه أمام المحكمة.
من علي هيبي